و تواصل دخول المرأة إلى سوق الشغل فكانت أكثر تألقا و عطاء..و لم تكن المرأة التونسية "الموظفة" لتفكر يوما واحدا في تلك الفترة في ماهيتها إن هي "عورة" أم لا..و لم تكن لتطرح مثل هذه المواضيع..لم تكن تحاسب نفسها أو يحاسبها الآخرون على ارتدائها التنورة أو البنطلون "السروال" أو الفستان..و لم توجه أصابع الاتهام إلى أساورها أو إلى زينة وجهها "الماكياج"...فكانت امرأة العاصمة التونسية هادئة لا تشوبها ذبذبات كهربائية ترج قيمتها ككائن بشري ساهم في التطور و الرقي و الانجاز...و لكن منذ أن انتقلت الشاشة الصغيرة من اللونين الأبيض و الأسود إلى بريق من الألوان و من القناة الواحدة إلى فسيفساء من القنوات بدأت المرأة تنتقل من قناة دينية إلى أخرى أكثر تدينا..و بدأت تشك في نفسها و تتساءل عن قيمتها و تبحث عن النصح و الإرشاد في نظر هذا و ذاك..و تغيرت ملامحها و تأرجحت بين "الحلال و الحرام" إلى أن استقرت في الاغتراب..اغتراب الفكر..اغتراب المعرفة..اغتراب الثقة في النفس..يعقبه اغتراب الذات..و أصبح السؤال المطروح و الذي تردده دائما هو " من أنا...من أكون"...و رغم أن المرأة الحالية تكتسب شهائد علمية راقية فهي من المفروض أن تكون أكثر تطورا عقليا و أشد تفتحا..و لسنا نعني بالتفتح هنا ضرب العادات والتقاليد عرض الحائط أو التخلي عن الخلق و الأخلاق..بل المفروض هنا هو أن تستعيد المرأة "التونسية" ثقتها بنفسها أكثر من أي وقت مضى فهي تتقدم لا تتأخر.ترتقي لا تتهاوى في بوتقة" الغربة والاغتراب" في مجتمعها..
لأنها حتما سترى صورتها الحقيقة خالية من كل لبس الاتهامات و التهميش...فلماذا أيتها التونسية القرطاجية ...البربرية...الأمازيغية...الوندالية...الرومية.. أيا كانت جذورك تشكين في نفسك و تعزلينها و تجردينها و تجبرينها التخلي عن أناقتها..و تحاسبينها إن مشت أو تكلمت..أو تزينت..أو قالت..أو غنت..أو تدللت..أو ضحكت..