حاورها: محمد كريزم وجيهان العرفاوي - تونس - خاص بـ " وكالة أخبار المرأة "
شقت طريقها بعزم وحزم ،ورسمت طريقها بإرادة ومثابرة ، نفضت عن نفسها غبار تثبيط الهمم وإحباط العزائم التي إعترضت سبيلها ،وإنطلقت نحو مستقبلها بقوة المرأة المحنكة التي تقود ولا تقاد ،فكانت نموذج أصيل للمرأة العربية ،وغطاؤها العريض بفكرها وسلوكيتها وأخلاقياتها الرفيعة.هي القاضية أميرة فتحي العمري رئيسة نقابة القضاة التونسيين ،و الأمينة العامة للاتحاد العربي للقضاة والعضو المؤسس له ،وإستطاعت بجدارة قيادة هذه الأجسام القضائية النقابية متميزة بهوية الممارسة الديمقراطية بإطار من العلم والخبرة والكفاءة والمهنية العالية ،ومشبعة بروح السمو والرفعة.
" وكالة أخبار المرأة " حاورت القاضية أميرة العمري وإستعرضت نقاط ومحاور عديدة وفيما يلي نصه:
* حدثينا عن شخصيتك ودوافعك للإلتحاق بالسلك القضائي والقانوني ؟
كنت أؤمن بقدراتي وبقدرتي على تجسيد كل الأفكار التي كانت تتعاظم في فكري..وأذكر أن جلّ من درّسوني سواء في المرحلة الإبتدائية أو الثانوية كانوا يرددون ملاحظة بأني أكبر من عمري بكثير ..صدقا لم أفهم كيف كنت أكبر من عمري لكن أنا على يقين أني في مرحلة ما تخطيت مراحل بتفكيري الذي كان تواقا لتحقيق كل أهدافي ..
فنحن نحمل أحلامنا وطموحاتنا بين كفوفنا لكن أحلام والدينا نحملها في قلوبنا ونضخّ بها أملا وقوة في أنفسنا ..
ومن حينها غُرست الكلمة في نفسي وكبرت معي وتغذّت في روحي حتى صرت أشعر أنها كينونتي وماهيتي..
وقد كان والدي مدرسا في مادة التربية الرياضية لكنه كان مولعا بالقانون وقارئا نهما له والأهم ذو تفكير قانوني متميز ويتمتع بالمنطق والذكاء القانوني..وقد أسرّ لي مرّة أن حلمه كان الإشتغال بالمحاماة ودراسة القانون غير أن ظروفه الإجتماعية الصعبة حتّمت عليه الإشتغال وعدم المواصلة لمساعدة أهله ونفسه..
بالتالي الإلتحاق بالحقوق كان بالنسبة لي سبيلا لتحقيق العدل وتغيير العالم للأفضل وإعلاء الحق ..
كنت أؤمن ملأ روحي بذلك وأظن يقينا أن العمل القضائي والحقوقي من شأنه مقاومة الحيف والظلم والإستبداد وإنارة ظلمات عالم ليس ورديا البتّة..
* ماذا يعني أن تكوني قاضية ونقابية في مجتمع يغلب عليه الطابع الذكوري ؟ وهل هناك قبول كاف لعمل المرأة كقاضية في أوساط المجتمع التونسي ؟
أما أن أكون نقابية فهو ربما وراثة أيضا حملتها من والدي الذي كان نقابيا حدّ النخاع وكان معارضا وشجاعا في الحق ولو كان الثمن غاليا ، وقد عاينت منذ الصغر تلك الشعلة في والدي ومكابدته وعدم سكوته عن الظلم ومواجهته لأي شخص أيا كان في سبيل قول الحق والدفاع عن مبدأ..
وقد تساءلت عن مدى وجود قبول كاف لعمل المرأة كقاضية في المجتمع التونسي وحقيقة في هذا الخصوص يحق لي أن أفتخر كاٌمرأة تونسية أننا في هذا الخصوص لا نعاني أي معارضة ولا نلمح أية عراقيل..فلا فرق بيننا وبين الرجل إلا بالعمل والكفاءة..ومناظرة الإلتحاق بالقضاء في تونس معيارها الكفاءة لا جنس المترشح..بل أكثر من ذلك فإن نسبة إلتحاق القاضيات بالقضاء فاقت في السنوات الأخيرة نسبة إلتحاق القضاة الذكور..وهذا أمر أفخر به كاُمرأة وكقاضية تونسية..
أما عن العمل النقابي فمازال ربما لصيقا في الفكر الجمعوي العام بالذكورية التي ليس حكرا على الرجال بل هذا الفكر الذكوري قد تتبناه بعض النساء..لكن أؤكد أن الصفات التي يقتضيها العمل النقابي من شجاعة وقوة وحكمة وحماس موجودة في المرأة وبقوة..
لذا نحن نكسر جليد هذا المجال ونطأه بأقدام ثابتة ونمضي فيه بخطوات مهمة..
* ما أفضل السبل الممكنة التي تتبعيها لقيادة نقابة بحجم نقابة القضاة ؟
ونيل ثقة زملائي على قدر ما أفخر به على قدر ما يجعلني أعمل وأسعى بكل قوة لأن أكون في مستوى تطلعاتهم وعلى قدر المسؤولية..
هذه أهم لبنة..فأنا أعمل بمعيتهم وأمضي بصلابة وحماسة القضاة الشبان وبحكمة وخبرة القضاة الأقدم في التجربة والرتبة..
لذا أهم وصفة للنجاح هي الولاء لراية القضاء فحسب..فنحن نعمل من أجل تكريس إستقلال القضاء ومن أجل توفير كافة الضمانات الكفيلة لدعم إستقلالية القضاة..والمؤكد أن هذا الامر يتطلب السعي والمطالبة والتواصل مع بقية السلط ومع كل الجهات المعنية ، وهنا أشدد أن التواصل لا يعني الإصطفاف أو تبعية لأي كان..
* هل سبق وتعرضتي لحالة تمييز أو تنمر من قبل الوسط المحيط بك في حياتك المهنية؟
والتمييز الذي تعرضت له لم يكن بمناسبة عملي كقاضية بل بمناسبة عملي النقابي وبالأحرى ترأسي نقابة القضاة..
وحقيقة هذا الأمر ومثل هذه الممارسات الشاذة لا تحبط عزيمتي بالمرة بل هي تعطيني القوة وتؤجج إرادتي لأثبت أن القاضي الشاب له أن يعمل ويغيّر ما قد يعجز عنه غيره..
هذه رسالة لكسر النموذج النمطي التقليدي ولبيان ان القدرة والكفاءة والإرادة لا علاقة لها بالسن ولا الجنس..
* كقيادية نقابية هل حضرتك مع إنشاء لجنة خاصة بالمرأة في النقابات أم التعامل معها كما الرجل تلج وتشارك في كافة اللجان دون إستثناء؟
لذا الكفاءة والقدرة وقوة الشخصية والإرادة التي تتسم بها المرأة تعفينا من طرح هذه الفرضية..
لذا الأجدر الإبتعاد عن هذه التفرقة القائمة على أساس الجنس..
* ما هي الرتب القضائية التي وصلت إليها المرأة التونسية ؟
أيضا القاضية التونسية تقلّت مناصب قضائية قيادية على غرار وكيل جمهورية و رئيسة محكمة و وكيل عام ورئيسة دوائر مدنية أو جزئية على حد السواء وقاضي تحقيق وغيرها من المناصب القضائية العليا..
* ما هو ردك على من يشكك في قدرات المرأة في العمل القضائي والوصول إلى أعلى المراتب القضائية ؟
فالعدالة تم الرمز لها بامرأة معصوبة العينين..لأن المرأة تجتمع فيها خصال وصفات تتحقق بها العدالة في اكتمالها وتوهجها..
لذا من يثق في نفسه وقدراته وكفاءته بمعزل عن جنسه لا يلجأ للتشكيك الذي هو في الأخير إعتراف بتميز المرأة وافتكاكها لمكانة تليق بها وبقدراتها...
* ما هي التحديات التي تواجهها القاضية التونسية ؟ وهل البيئة القانونية والتشريعية تمكنها من أداء عملها على خير ما يرام؟
والحقيقة أنها كالقاضي الرجل مدعوة إلى العمل على تحقيق كل ما تقدم..
ولئن لم نجد إلا إلتزاما من قبل القاضيات فإن ذلك يشكل أحيانا تعسفا على المرأة التي وضعت حديثا من خلال هضم عطلتها المقررة قانونا..فكأننا نمنّ عليها بحقها الطبيعي والقانوني في التمتع بعطلة أمومة أو لكأننا " نعاقبها " على كونها أما وامرأة..
أما في ما عدا ذلك فإن الإطار التشريعي يكفل حقوق القاضية ولا يقيم أي تمييز بينها وبين القاضي الرجل.
* هل لديك تطلعات أو طموحات بتولي حقيبة العدل في الحكومة ؟ وماذا سيكون على رأس إهتماماتك كوزيرة ؟
أؤكد لك أن المنصب متى كان غاية ومبتغى فإن الكرسي سيلتهم شخصيتك ويأسر جموحك ويئد كل الأهداف..أنا أعمل وفق مبادئي وضميري وأي مكان سأكون فيه سأعطيه من روحي لأحقق كل الغايات التي رسمتها لنفسي ولن أكون تابعة أو أسيرة لأي كرسي..
لذا من سار في درب الحق وكان مساويا لنفسه ومؤمنا بما يفعل سيحقق ولو القليل الذي يكون أساسا لبناء وتحقيق المزيد من قبل من سيأتي...
* كلمة أخيرة عبر وكالة أخبار المرأة العربية.
كما أتوجه من خلالكم لكل إمرأة عربية لأقول لها كوني كما أنت واعملي على تحقيق أهدافك وتطلعاتك..ولا تضعي نصب عينيك أيا كان للتساوي معه..فذلك إنتقاص منك ومن قيمتك..بل إعملي على تحقيق المساواة مع نفسك وأحلامك وذاتك ومبادئك وطموحاتك..وكوني أهلا لها بالعمل والمثابرة والتضحية والصبر والثبات.
سيرة ذاتية مختصرة للقاضية أميرة فتحي العمري
* نجحت بالمناظرة الوطنية للقضاء سنة 2008 وأمضيت سنتين تربص بالمعهد الأعلى للقضاء التونسي * إلتحقت بالقضاء وباشرته رسميا سنة 2010 بعد إنهاء فترة التربص بالمعهد الأعلى للقضاء * شغلت خطة قاضي ناحية تونس العاصمة أي رئيسة محكمة جزئية * إلتحقت بالقضاء وباشرته رسميا سنة 2010 بعد إنهاء فترة التربص بالمعهد الأعلى للقضاء * شغلت خطة قاضي ناحية تونس العاصمة أي رئيسة محكمة جزئية * شغلت خطة كاتبة عامة لنقابة القضاة التونسيين أي أمينة سر في الفترة النيابية من 2017 الى 2020 * مدربة في مجال قانون القضاء على العنف ضد المرأة * حاليا رئيسة نقابة القضاة التونسيين |