أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

أمل المشايخ - الأردن - خاص بـ " وكالة أخبار المرأة "  (أظهرت ذكاء لامعاً أدهش معلماتها) ... بهذه الكلمات الحلوة التي تتناول العقل منها وصفت لنا (مي زيادة) عندما كنا في سنيّ الدراسة الأولى، كانت كذلك يوم كانت طالبة في مدرسة راهبات (عينطورة) في جبل لبنان بين غابات الأرز التي لطالما ذكرتها مي فيما كتبت. أكتب اليوم عن مى ليس فقط من واقع ما قرأت لها وعنها ؛ ولكن من داخل كاتبة، امرأة تدرك معنى أن تكون امرأة في مجتمع عربي – أو شرقي كما كان يحلو لمي أن تسميه- وفي مجتمع ذكوري الكلمة والسيادة لا تكون إلا لرجل، وفي مجتمع لا يرى في المرأة إلا حرمة وفتنة النظر إليها سهم من سهام إبليس، وعلى الرغم من ذلك هو الزمن الجميل الذي كانت مى ريحانته وسط عمالقة عصرها.. .   وإذ غدونا كباراً وصفت لنا مي بصفات عذبة تتناول الروح منها هذه المرة فقالوا: إنها كانت تتحدث بثقة وعمق بينما سحابة من الهدوء تنتشر على وجهها الجميل. لعل المتحدث كان يقصد جلساتها في صالون الثلاثاء الذي أسهم في تطوير الحركة النقدية الحديثة؛ إذ كان ملتقى لأدباء العصر: طه حسين وعباس محمود العقاد وخليل مطران، ومصطفى صادق الرافعي من عرب وأوروبيين. .. كثير منهم أغرموا بها، أما مي فقد أحبت العقاد في مطلع شبابها، ومن قرأ رواية (سارة) الرواية اليتيمة للعقاد - وأغلب الظن أنها تمثل الجانب العاطفي من حياته - سيتبين له أن العقاد عاش قصتين عاطفيتين في آن معاً: الأولى قصته مع مي زيادة التي يسميها في روايته (هند) التي افتتن بثقافتها ووداعتها وهدوئها، والثانية (هنومة) التي يسميها في روايته (سارة)، كانت سيدة مسلمة مطلقة افتتن العقاد بجمالها وشبابها وإقبالها على الحياة، اكتشف هو – بتحرياته – خيانتها أما مي فقد اكتشفت علاقته بالأخرى فجاءت إلى مكتبه يوماً من غير ميعاد أعادت له رسائله وأشياءه، وخرجت بصمت باكية وتركته حائراً لا يدري ماذا يفعل أو يقول.  ووصف العقاد الأحاديث التي كانت تدور في ندوة مي بقوله: لو جمعت هذه الأحاديث لتألفت منها مكتبة عصرية تقابل مكتبة " العقد الفريد " و " مكتبة الأغاني " في الثقافتين الأندلسية والعباسية. لعل الهوة بين مي والعفاد أنها - وإن لم تكن راهبة إلا أنها - كانت تحيا بقلب راهبة وروحها ينبئك عن ذلك بعض صفاتها التي تتبدى واضحة في رسائلها – فيما بعد - إلى الأديب والفنان المهجري جبران خليل جبران استمع إليها إذ تقول في واحدة من رسائلها: "ما معنى هذا الذي أكتبه؟؟ .... كيف أجسر على الإفضاء إليك بهذا وكيف أفرط فيه! لا أدري. الحمد لله أنني أكتبه على الورق ولا أتلفظ به؛ لأنك لو كنت الآن حاضراً بالجسد لهربت خجلاً بعد هذا الكلام، ولاختفيت زمناً طويلاً، فما أدعك تراني إلاّ بعد أن تنسى."  هكذا كانت تبوح مي كانها تتلو اسفارا. مع العقاد صدمها رأيه بالحب، كما صدمها رأي جبران بالزواج فيما بعد... وبين هذا وذاك بقيت مي نموذجاً لمثقفة مثالية (أيديليزم) سيطبع حياتها ويشكل مأساتها إلى أن تموت وحيدة غريبة.

مقالات

أمل المشايخ - الأردن

ما معنى أن ننتظر مناسبة ما مرة كل سنة أو اثنتين أو أربعاً كما هو الحال عند الأشخاص الذين يحتفلون بيوم مولدهم في التاسع والعشرين من شباط/ فبراير حين تكون السنة كبيسة؟

أو كما هو الحال في ذات حكاية حلوة من حكايا السندباد حين وصل مع صديقه الأثيرعلي بابا إلى جزيرة مسحورة يستيقظ أهلها مرة كل مئة عام، و‘ذ تشاء الأقدار أن يصلوا الجزيرة في ذلك اليوم، فقد وقع علي بابا والأميرة المسحورة في الحب، ولكم أن تتخيلوا – سادتي - حباً دام أربعاً وعشرين ساعة – كما عبّر أبو بكر سالم في ذات أغنية عذبة – ما زلت أذكر كيف سالت دموع علي بابا أنهاراً في ذلك الفيلم الكرتوني، والأميرة تودعه لتغيب مئة عام أخرى ، وإن كان لا مقارنة ولا قياس بين الحالين؛ إذ بلغ الخيال في الحالة الثانية حد الضياع.

يحضرني أيضاً فيلم جميل هو " سنة كبيسة/ Leap year " للمخرج (اناد توكر) الذي يمثل قصة صبية مدللة (آنا) تتمتع بحياة مثالية، ولكن ينقصها أن يطلب منها صديقها «ديكلان» الزواج لتكتمل سعادتها، ذاك فيلم ينتمي إلى الرومانسية الكوميدية؛ إذ تسمح التقاليد في إيرلندا أن تتقدم الفتاة لطلب الشاب الذي تحب في هذا اليوم، ومن غير اللائق أن يتم ذلك قبل هذا التاربخ أو بعده، فكان على الصبية أن تسابق الزمن، وإلا فعليها الانتظار أربع سنوات أخرى، تعرضت الصبية لمواقف كثيرة في رحلتها من بوسطن إلى إيرلندا، حين التقت دليلاً شاباً وقع في حبها هو الآخر، ولكن قبل أن تغادر سألها سؤالاً يشبه الوصية: لو أطلق جرس الإنذار في البيت ما الشيء الذي تحرصين على نجاته؟ وكم تخيب الآمال حين لا توافق حسابات الحقل حسابات البيدر؛ تصدم الفتاة بالحبيب المنتظر؛ إذ تكتشف أنها ليست من أولوياته في اختبار صنعته له حين أطلقت جرس الإنذار؛ ليأتي مسرعاً فيأخذ هاتفه النقال وكمبيوتره المحمول، وينتهي الفيلم حين تعود الصبية نادمة إلى الدليل العاشق، في خلفية ملء السمع والبصر من الموسيقى التصويرية الحالمة والطبيعة الإيرلندية الساحرة .... ومهما كان رأينا في التفاصيل، فلنا أن نسأل: كم مئة عام يحتمل العمر؟ بل كم سنة نحتمل الانتظار بين لذة التوقع وخيبة النتائج إذ تاتي سنتنا الكبيسة هذه ورياح التغيير تهب في كل مكان، ذاك التغيير الذي لم يكن له أية بشائر تذكر في الكبيسة الماضية أي في العام 2008، ولسنا ندري ما الذي سيسفر عنه هذا الربيع في الكبيسة القادمة - إن كنا من أهل الدنيا - ؟ وحده الأمل يمكن أن يكون حادي الركب، ورفيق الدرب ... كل كبيسة وأنتم بخير .. كل عام وأنتم بفرح.
تعليقات