أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

المرأة اليمنية؛ أملً من الألم !!

الدكتورة سعاد السبع - اليمن  كلنا ينشد التغيير الإيجابي؛ وكل مواطن يرى أن التغيير الإيجابي هو الذي يحقق مصلحته هو، أو يحل مشكلته هو، حتى أنك عندما تسأل المواطنين العاديين الداعمين للتغيير السياسي عن سبب انضمامهم للمطالبة بإسقاط النظام يردون عليك بحكاية مشكلة حدثت لكل واحد منهم شخصيا مع أفراد أو جهات محسوبة على النظام، وكل الإجابات لا تخرج عن مشكلات سببها الفاسدون الذين لا يمكن حصرهم في حزب واحد، ومنع حلها الفساد الذي ضيق الخناق على الناس، فما كان منهم إلا الهروب إلى التغيير حتى وإن كان هذا التغيير هو استبدال الموت بالحياة..  وبقرب قدوم شهر رمضان المبارك نجدها فرصة ثمينة لإحداث التغيير الإيجابي في واقعنا وإخراج الوطن من أزمته الخانقة؛ ففي رمضان تتغير كيمياء جسم الإنسان بفعل الصيام، وتعاد برمجة خلاياه، فتتغير صحة الإنسان إلى الأفضل، ويتخلص الجسم من جميع السموم التي يتناولها الإنسان، ويرتاح الجسم لساعات من سموم القات والتدخين والشمة وغيرها من المكيفات التي أصبح تناولها ظاهرة شائعة في كل الأوقات منذ ظهور الأزمة، حتى أننا أصبحنا نشاهد القات في أفواه بعض المواطنين منذ شروق الشمس، فلم يعد للقات وقت مخصص كما كان في اليمن، ولم يعد يتطلب تجهيز الأماكن الخاصة والمشروبات المتنوعة والجلسات الجماعية، بل لقد صارت الأفواه منتفخة بالقات في كل الأمكنة وفي كل الأوقات، وربما ذلك يحدث هذه الأيام بسبب ما يعانيه الناس من هول الصدمات الأمنية والاقتصادية التي قتلت لدى الناس حتى القدرة على التفكير بموضوعية في ما يجب أن يكون، حتى أصبح الكثير منهم يهرب إلى هذه المكيفات عله يجد لحظات هادئة تمكنه من الاستمرار في مواجهة ضغوط الأزمة وآثارها على حياته، وتسلحه بأعصاب مخدرة تستوعب آثار الأزمة في سلوك الناس وأعصابهم، فقد صار معظم الناس غير قادرين على التعامل بهدوء مع أحداث الحياة اليومية، وينفجرون في وجه بعضهم لأتفه الأسباب..حتى أنه -لسوء طالعنا –صرنا نؤمن أن القات قد لعب دورا إيجابيا في تخفيف حدة (النزق ) الذي يسيطر على الناس وبخاصة المسلحين منهم، وأظن أنه لولا القات لقتل الرجال المسلحون كل من يحدثهم في الطريق حتى وإن كان هذا الحديث من دردشات الطرقات العامة أو الباصات..  رمضان فرصة ربانية لإحداث التغيير الإيجابي في جميع سلوكاتنا نحو أنفسنا ونحو الآخر؛ فماذا لو جعلنا من شهر رمضان شهر رفع ظلمنا عن بعضنا في محيطنا الذي نعيش فيه مهما كان حجمه صغيرا؟ نستطيع أن نحقق كثيرا من أهداف التغيير الإيجابي إذا ما بدأنا من جديد، لينسى المسيء أنه أساء، فيقلع عن الشر ويبدأ حياة نظيفة من جديد ، في رمضان يغفر الله الذنوب جميعها إذا تاب الإنسان وقرر أن يبدأ حياة جديدة بعيدة عن الشر و الذنوب الكبيرة، لا نحتاج لإحداث التغيير إلا لقوة إرادة البداية، البداية سهلة جدا إذا كانت نياتنا أن نحدث تغييرا إيجابيا في حياتنا تنعكس آثاره على كل ما يحيط بنا، أولى خطوات ذلك التغيير أن نحصر كل تصرفاتنا اليومية مع الآخر تحت شعار( الدين المعاملة) ثم بعد أن نحصر هذه الممارسات نتخيل وقعها علينا إذا تمت ممارستها من الآخر معنا.. أي نضع أنفسنا موضع الآخر ، ونفكر ماذا سنفعل لو أن هذه التصرفات قد صدرت من الآخر تجاهنا؟، ثم نتخيل موقفنا منها، هل إذا تصرف أحد معنا بنفس تصرفنا معه سيكون مقبولا لدينا؟ هل هذا التصرف سيسبب لنا إزعاجا إذا تمت ممارسته معنا من قبل الآخر؟ هل هذا التصرف سيمنع عنا خدمة نحن بحاجة إليها؟ هل هذا التصرف سيرغمنا على فعل شيء لا نقبله؟ هل هذا التصرف سيجبرنا على إخفاء حق كان يجب أن يظهر خوفا من النتائج؟! هل هذا التصرف سيجعلنا نحقد على الآخر؟ أم أن هذا السلوك سيقرب الآخر منا؟ ويسعدنا جميعا؟ لو أن كل واحد منا جلس مع نفسه قليلا ليدرس جميع تصرفاته تجاه الآخر ( الأب –الأم- الزوج- الزوجة- الابن- البنت- الجار- الصديق- الزميل- الرئيس- المرؤوس- الأجير- صاحب العمل- التلميذ- المعلم- القائد- الجندي) كل من تتطلب الحياة التواصل والتعامل معه، لو فعلنا ذلك لمدة ثلاثين يوما _أيام شهر رمضان- فلا شك سنحدث ثورة تغيير سلمية فريدة من نوعها، سوف نطبع نفوسنا على مراجعة كل سلوكاتنا تجاه الآخر، سوف نفكر قبل أي خطوة نقدم عليها لندرس نتائجها، سوف نجد الآخر نفسه قد تحول من عدو لئيم إلى صديق حميم مهما كان تاريخه السابق، سنجد أن نوازع الخير المدفونة لدى كثير منا بفعل الأنانية والتسلط والاستئثار والخوف أحيانا تتلاشى بلا حروب ولا دماء ولا تحديات ولا شتائم ولا منازعات، سنجد أن الخائفين من التغيير متحالفين معه لأنهم سيعرفون أنه تغيير يحفظ النفس والمال والعرض ، تغيير يمني الصيغة والهوية والهدف ، ليس فيه بصمة لأحد غير بصمات أهل الحكمة في بلاد الحكمة، تغيير لا يؤله أحدا غير الله، ولا يجتث أحدا من عباد الله بل يقرب بين أبناء الوطن الواحد مهما كانت انتماءاتهم، تغيير لا يهتم بفئة على حساب فئة أخرى، تغيير يجمع الناس بكل أطيافهم السياسية حول هدف واحد هو صناعة الحياة، لقد اشتقنا إلى الحياة فعلا.. فماذا لو أننا جميعا نتخذ هذا القرار؟؟!! ، ونجمع عليه في هذا الشهر الكريم؟! أمنياتنا جميعا أن نجعل من رمضان شهر انتصار ثورة التغيير الإيجابي في واقعنا، تغيير يجعل اليمنيين جميعا مصدرا للخير وهادين إليه، لا عبرة في الشر ومحرضين عليه ، وليكن دعاؤنا اليومي من أجل التغيير في هذا الشهر الكريم قوله تعالى:(رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ( 5 - الممتحنة)  الدكتورة سعاد السبع - اليمن  التعليم والتنمية مفهومان متلازمان؛ لا وجود لأحدهما منفصلا عن الآخر، فلا تنمية بدون تعليم ولا تعليم بلا تنمية، أينما حل التعليم وتطور تكون التنمية ، وحينما يغيب التعليم أو يتوقف تقف التنمية وتتعثر، وتقف عجلة التغيير الإيجابي، وتتدهور أحوال الناس وأخلاقهم، ولأن التعليم واقف، فسيظل عقل الإنسان راكدا، أو سيتجه الإنسان إلى حشو عقله بالخرافات والأفكار الهدامة والمنحرفة حتى يشبع حاجته للتعليم، وكيفما كان نوع ذلك التعليم الذي يتم في المدارس فإنه مهم ومطلوب لأنه مرئي ومنضبط ومحكوم بمعايير التربية والتعليم، وكلنا يؤمن بالقاعدة العقلية التي تقول :(أن تعرف خير لك من ألا تعرف)، حتى وإن كانت المعرفة غير سارة فعلى الأقل تأخذ احتياطك لمواجهة نتائجها..  من المحزن حقا في بلادنا أن أولى الخدمات التي توقفت بسبب الأزمة الراهنة وما زالت متوقفة هي خدمة التعليم، فقد حرم جميع الطلاب من الدراسة تقريبا عاما دراسيا كاملا، و الله وحده يعلم، وبعده وزارة التربية والتعليم كيف تمت الاختبارات النهائية هذا العام بدون تعليم وبخاصة الشهادات العامة ؟ والذي يثير الحنق والحزن والاستغراب هو أن تغلق مؤسسات التعليم باسم الشعب، كما هو مكتوب على بعضها، وأن يرفع الشباب هتافات تسيء إلى ثورتهم بالدرجة الأولى كذلك الشعار الذي يتم ترديده في بعض المظاهرات(( لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس)) هل هذا كلام يصدر عن عقلاء؟!!إنها مهزلة أن يدعو شباب التغيير الشعب إلى التوقف عن التعليم، مع أنهم ينشدون التغيير وقيام الدولة المدنية الحديثة ..كيف لهذه الدولة أن تكون حديثة والمنادون بها قد سدوا منافذ التعليم عن أبناء الوطن؟!! إن هذا الخطأ هو من أكبر الأخطاء التي ارتكبها شباب ثورة التغيير، والعتب الكبير هو على قادتهم الذين لم يحسبوا حساب الشعارات التي تسيء إليهم أكثر مما تخدم ثورتهم..  إن إيقاف التعليم خطأ ديني وسياسي وتأريخي وإنساني يتحمله كل من ساهم في ارتكاب هذا الخطأ سواء بالإضراب عن العمل في مؤسسات التعليم، أو التحريض على إقفال المدارس أو الدعوة إلى عدم الذهاب إلى المدارس أو سد منافذ المؤسسات التعليمية كجامعة صنعاء، لأن التعليم مثل الصحة إذا توقف توقفت الحياة، ونحن لم نسمع عن وقف التعليم في أي دولة تنشد التغيير حتى في غزة ، فبالرغم من شراسة هجوم الصهاينة ، عليها واستمرار الحصار الظالم على أهلها، فلم نسمع عن أن التلاميذ لا يذهبون إلى مدارسهم ولا يتعلمون ، لأن المجتمع يدرك أنه إذا وقف التعليم ولم يتعلم الأبناء فلن يتحرروا أبدا..وهكذا نحن لن نستطيع أن نحدث التغيير ولا بناء الدولة المدنية ولا بناء القدرات المطلوبة للتنمية ما لم ندافع عن استمرارية التعليم تحت أي ظرف، وما لم نحافظ على بقاء مؤسسات التعليم عاملة حتى وإن طالت الأزمة ، فالتعليم لا ينبغي أن يكون ضحية صراعاتنا، التعليم هو النافذة الوحيدة لرؤية الحقيقة وتدريب العقول على التمييز بين الحق والباطل..  ماذا يمكن أن يفعل الآباء والأمهات وهم غير قادرين على السيطرة على الأطفال في الشوارع بلا مدارس؟ !! وكيف نحمي المراهقين من الانحراف وكل أوقاتهم مشغولة بالتسكع في الشوارع أو في مقاهي النت؟ !! أو في تناول المكيفات كالقات وغيره...كنا نصرخ من فراغ الأبناء بعد وقت المدرسة واليوم كل نهار الأبناء وليلهم لعب في لعب ، وفي غالب الأحيان يكون هذا اللعب ضد سلامتهم وضد أخلاقهم وضد تقاليد المجتمع..  إقفال المدارس والجامعات ينذر بكارثة اجتماعية وأخلاقية كبيرة ستعاني منها كل الأسر اليمنية، حتى الذين يرون أن التعليم سوف يعود بعد الأزمة لن يسلموا من هذه الكارثة مهما ظنوا أن أولادهم منشغلون بالاعتصامات، فإنهم لا شك سيفاجأون بنتائج الابتعاد عن التعليم في سلوكهم مستقبلا ، حيث بدأ الطلاب والطالبات يستمتعون بعدم وجود مسئوليات دراسية ، واتجهوا لقضاء أوقاتهم مع شلل الأصدقاء، ومع وسائل الترفيه التي تضر أكثر مما تنفع كالقنوات الفضائية ومواقع الإنترنت، وغيرها..حتى أنك عندما تسأل أحدهم عن الدراسة يقول مستمتعا( الحياة بدون دراسة أمتع) لا يعلمون أن مستقبلهم سيكون تعيسا بدون تعليم، ولا يفقهون أن الحياة تنتظر منهم جلدا وصبرا وقدرة على تحمل المسئوليات، وأن تحمل مسئولية التعليم والذهاب للمدرسة والانتظام في مسئوليات الدراسة هو جزء من تربيتهم على تحمل أعباء المستقبل....  وقبل أن تحل كارثة جديدة علينا جميعا تتمثل في إحجام الأبناء عن الذهاب إلى المدارس مستقبلا مهما عمل الآباء والأمهات، أوجه رسالتين؛ رسالتي الأولى إلى كل من يتصل بالعملية التعليمية؛ أرجوكم كفى تجهيلا لأبنائنا، وكفاكم تشجيعا للأبناء على الاستمتاع بالفراغ التعليمي، وكفاكم جناية على ثورة الشباب الصادقين، نحن مع الشباب في الصمود من أجل التغيير، لكننا نريد التغيير الإيجابي الذي يدافع عن التعليم، ولا يمنعه، أما التغيير إلى الأسوأ فهذا ما لن يقبله الشعب قاطبة لأنه يضر كل أجيال المستقبل ، وفي مقدمتهم شباب التغيير....  ورسالتي الثانية إلى كل شباب التغيير ، إذا كنتم تريدون النجاح لثورتكم فحافظوا على استمرارية خدمتين أساسيتين هما التعليم والصحة، وتأكدوا أن نجاحكم في حماية هاتين الخدمتين وعدم المساس بهما سيمثل رافدا شعبيا لثورتكم وستحققون أهداف التغيير الإيجابي، وابتعدوا عن الشعارات التي تدعو إلى إيقاف مظاهر الحياة من أجل التغيير لأن هذه الشعارات هي التي عرقلت مسيرتكم، واجعلوا الأخلاق معيارا لكل شعار تطلقونه، هكذا يريدكم الشعب ، حتى يلتف حولكم، ويقف مع مطالبكم ...  الدكتورة سعاد السبع - اليمن  عنوان الموضوع جاء نتاج سؤال وضعته في الاختبار النهائي لمادة (قضايا ومشكلات المناهج التعليمية)،المقررة على طلبة الماجستير في قسم مناهج اللغة العربية بكلية التربية - جامعة صنعاء، وهي مادة يتم من خلالها مناقشة قضايا ومشكلات المناهج الدراسية اليمنية.. وكان الهدف من السؤال قياس قدرة الطلبة على التفكير في مشكلة صارت تمثل قلقا لكل المعنيين بالتربية والتعليم.. وقد تم توجيه الطلبة إلى إبداء آرائهم في أسباب الغش، وآثاره ،وتقديم مقترحاتهم لمنع الغش في الاختبارات.. وسوف يتم تقديم أهم آراء الطلبة حول النقاط السابقة في مقال يتضمن أربع حلقات، وبما يتناسب مع المساحة المتاحة للمقال الصحفي في هذه الصفحة.. أتمنى أن يمتلك القراء الكرام الصبر لمتابعة الحلقات الأربع.. أولا:- أسباب الغش من وجهة نظر طلبة الدراسات العليا: أجمع الطلبة المختبرون على أن قضية الغش في حد ذاتها منهي عنها في ديننا الإسلامي، ومن عباراتهم في هذا الصدد :(وقد وضع الغشاش خارج جماعة المسلمين، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف :"من غشنا فليس منا" ويبررون حدوث الغش في المجتمع المسلم بالفهم المغلوط لمعنى الحديث ، فقد صار كثير من الناس يظنون أن الغش المشار إليه في الحديث النبوي "من غشنا فليس منا" إنما هو مقصور على معاملات البيع والشراء، وهذا يعد قصورا في فهم نصوص التشريعات الإسلامية، وقلبا للحقائق على حد تعبير أحدهم... و أشار 20% من الطلبة في إجاباتهم إلى أن ظاهرة الغش جديدة على مجتمعنا اليمني؛ فالكوادر السابقة لم تعرف الغش مطلقا –بحسب رأيهم، واعتبر 30% منهم (الغش) عرضا لمرض نفسي هو(عدم الثقة بالنفس)، فالشخص الذي يغش، يعاني من اضطراب في الشخصية لا يستطيع معه أن يسيطر على انفعالاته، وعقله المضطرب ، فيمارس الغش لاسترجاع المعلومات والتخلص من التوتر،(فالغش سلوك المرضى وأشباه المرضى؛ ولا يمارسه إلا من تنتابه أعراض الأمراض النفسية، و صاحب الضمير الحي والشخصية السوية لا يتجرأ على فعل كهذا).. وتعد وجهة نظرهم هذه دعوة للمتخصصين في علم النفس لدراسة حالات الغشاشين النفسية والعقلية، وبخاصة أن بعضهم يجاهر بأنه يمارس الغش، ويفخر بقدرته على اختراق القوانين.. و يرى 60% من المختبرين أن الكارثة الحقيقية في قضية الغش تتمثل في أن كثيرا من الطلبة وأولياء الأمور والتربويين أصبحوا لا يرونها مشكلة، ولا يعدونها ذنبا يجاهر الطالب في ارتكابه، بل يغتاظون ويكرهون كل من يحاول الحد من هذه الظاهرة، وأصبح كثير من الطلبة يتباهى باحترافه الغش..(منقول نصا بتعبيراتهم) ويعتقدون أن الهدف الأكبر الذي يسعى إليه الغشاشون هو الحصول على أعلى الدرجات في الاختبارات( لكي تزين بها شهاداتهم، وتناسوا أن عقولهم لا يوجد بها رصيد من هذه الدرجات).. وأورد المختبرون عددا من وسائل الغش التي يستخدمها الغشاشون أثناء الاختبارات، ومن هذه الوسائل:( الاستعانة بالزميل المجاور، واستخدام البراشيم الكتابية، وتبادل مفاتيح الإجابات شفهيا، وتبادل أوراق إجابة بعض الطلبة الجادين داخل قاعة، واستخدام التلفون السيار ، وإخراج الكتاب المدرسي علنا، والاستعانة بمعاون من خارج القاعة، والغش بواسطة المراقب على الاختبار، والاستعانة بالمعلم نفسه بتشجيع رئيس لجنة الاختبارات) .. وهناك أسباب متنوعة لحدوث الغش في الاختبارات - من وجهة نظر طلبة الدراسات العليا- وقد تم تحليل إجاباتهم واستنبط تلك الأسباب ، وترتيبها حسب أولويتها لديهم فكانت النتيجة كما يأتي: جميع المختبرين يرون أن السبب الأول للغش في الاختبار يعود إلى ضعف الوازع الديني لدى من يمارس الغش أو يشجع على حدوثه، و ورد في معظم إجاباتهم التعبير التالي:(ضعف الوازع الديني لدى بعض التربويين والطلاب وأولياء الأمور ،وعدم استشعارهم بأن الغش ذنب يقترفونه ويسودون به صحائفهم، وهذا يعود إلى ضعف التربية الإسلامية في المدرسة والمجتمع)..ومما يلاحظ على التعبير السابق تقديمهم (التربويين) على الطلاب وأولياء الأمور، وذلك يدعو إلى مزيد من التفكير في الأمر.. وذكر الطلبة أسبابا أخرى كثيرة للغش في الاختبارات بعد ضعف الوازع الديني، تم تلخيصها وترتيبها حسب أهميتها لديهم، كما تم تقسيمها إلى أربعة محاور هي: أسباب تعود إلى الإدارة ، و أسباب تعود للمعلم، و أسباب تعود للطالب، و أسباب اجتماعية عامة.. وهي ما سوف يتناولها المقال القادم، إن شاء الله..  الدكتورة سعاد السبع - اليمن  عنوان الموضوع جاء نتاج سؤال وضعته في اختبار مادة (قضايا ومشكلات المناهج التعليمية)،المقررة على طلبة الماجستير في قسم مناهج اللغة العربية بكلية التربية - جامعة صنعاء، وهي مادة يتم من خلالها مناقشة قضايا ومشكلات المناهج الدراسية اليمنية.. كان الهدف من السؤال قياس قدرة الطلبة على الكتابة عن مشكلة صارت تمثل قلقا لكل المعنيين بالتربية والتعليم.. وقد تم توجيه الطلبة إلى إبداء آرائهم في أسباب الغش، وآثاره ،وتقديم مقترحاتهم لمنع الغش في الاختبارات.. وقد تم تقديم أهم آراء الطلبة حول أسباب الغش وآثاره في المقالات السابقة ، وفي هذا المقال سيتم عرض مقترحات الطلبة لمنع الغش في الاختبارات.. مقترحات طلبة الدراسات العليا لمنع الغش في الاختبارات: تم حصر مقترحات الطلبة المختبرين حول كيفية منع الغش في الاختبارات، وتمحورت تلك المقترحات في مجالات عدة أهمها : المجال القانوني، والمجال الإداري ، والمجال التربوي، والمجال التوعوي .. وقد ركز جميع الطلبة على الاهتمام بالناحية القانونية بالدرجة الأولى؛ حيث يرون أنه ينبغي إصدار قانون يجرم ظاهرة الغش ويشدد العقوبة على من يتسبب في ذلك، وإذا كان هناك قانون فلا بد من تطبيقه لإنزال أقسى العقوبات ضد من يمارس الغش أو يشجع عليه أو يسهل حدوثه ، ووضع إجراءات صارمة في حق الغشاشين وإعلانها للجميع، ليقرأها ويعلم بها كل الناس).. ويرى 70% من المختبرين أنه يمكن أن تمنع ظاهرة الغش إذا تمت إدارة الاختبارات بصورة علمية ووطنية وحازمة ؛ ويرون أن الإدارة الجيدة يمكن أن تمنع الغش في الاختبارات بتنفيذ الإجراءات الآتية : وضع المراكز الاختبارية في أماكن يمكن السيطرة عليها، و توفير لجان أمنية قوية للمراكز الاختبارية، واختيار لجان موثوق بها ومشهود لها بالكفاءة والوطنية والنزاهة، وانتقاء الملاحظين وفق معايير دينية وُخلقية، واستحداث جهاز رقابي يكون أعضاؤه متصفين بالنزاهة والمسؤولية للقيام بواجبهم في مراقبة المراكز الاختبارية، ، وصرف مستحقات المراقبين والعمل على زيادة مخصصاتهم المالية بما يناسب الجهد المبذول، ووقف المتنفذين عند حدهم، وأن يتم ردعهم بتكرار إعلان العقوبات التي تنتظر من يتسبب في اختراق نظم الاختبارات عبر وسائل الإعلام المختلفة، وإعلان أسماء من يُضبطون متلبسين بالغش أولا بأول أثناء أداء الاختبارات، و تهيئة اللجان الاختبارية وقاعات الاختبارات بالإمكانات التي تناسب الحدث ،و توفير الإمكانيات الكاملة ماديا ومعنويا وبشريا للضبط والتحكم في سير الامتحانات، ووضع معايير علمية تضمن تصحيح الاختبارات بصورة موضوعية، و انتقاء أعضاء لجان تصحيح الاختبارات وفق معايير علمية وموضوعية، والمراقبة الحقيقية والدقيقة لما يحدث بعد الاختبارات أثناء التصحيح، و فتح باب التظلمات للراغبين بعد إعلان النتائج مع وضع معايير علمية دقيقة للجنة التظلمات.. لك مقترحات الطلبة المختبرون حول الإجراءات الإدارية، التي يمكن اتخاذها عند إجراء الاختبارات حتى تمنع الغش أما فيما ينبغي إجراؤه قبل وقت الاختبارات ، فقد ركز الطلبة المختبرون على الجانب التربوي، وقدموا بعض المقترحات التربوية التي يجب أن تتخذ لإصلاح العملية التعليمية من أساسها حتى لا يحدث الغش .. ومن هذه المقترحات: وضع سياسة تعليمية تركز على عملية التقويم المستمر ، ووضع اختبارات تقيس القدرات وتمنع الغش، وتوفير معلمين أكفاء لتدريس المواد ، وتأهيل وتدريب المعلمين في الميدان، وإشعارهم بالمسئولية العظيمة الملقاة على عاتقهم ، وتوجيههم لغرس القيم لدى التلاميذ، والعمل على رفع مرتبات المعلمين بما يقلل من المشكلات المادية التي يواجهونها، وإشراك المعلمين في اتخاذ القرار التعليمي، و الاهتمام بمعلمي الصفوف الأولى لأن هذه الصفوف هي أساس استمرار العملية التعليمية في كل المراحل الدراسية القادمة، والعمل على توفير المعلم والكتاب المدرسي لكل مدرسة في بداية العام الدراسي، وإعادة النظر في الإدارات التعليمية غير المؤهلة، وتأهيل مديري المدارس وتدريبهم حتى يعملوا على رقي مدارسهم ، وتأهيل أخصائيين في المدارس وتدريبهم لمعالجة المشكلات لتي يعاني منها المتعلم، و المتابعة المستمرة لمستويات التلاميذ ، وتطوير المناهج الدراسية لتواكب معايير الجودة، ووضع آليات علمية وتربوية لتفعيل التواصل الإيجابي بين المدرسة والمجتمع، وتفعيل المتابعة الأسرية، وإنشاء أو تخصيص قناة تعليمية للدروس النموذجية لكل المراحل الدراسية وكل المواد.. وربط طلبة الدراسات العليا بين قلة الوعي وظاهرة الغش في الاختبارات ، لذلك أشاروا في مقترحاتهم إلى أهمية التوعية من قبل كل مؤسسات المجتمع، وبصورة متكاملة ومستمرة، بحيث يجد الفرد التوعية الدينية والاجتماعية والاقتصادية التي تبشع الغش وتنفر الناس منه ، وتوضح أخطاره، وتبين للفرد والمجتمع المصير المظلم الذي ينتظر أبناءه، إذا لم يتكاتف الجميع للقضاء على ظاهرة الغش ومنع حدوثه مستقبلا.. وقد قدم طلبة الدراسات العليا مجموعة من المقترحات في الجانب التوعوي أهمها: تكثيف التوعية من قبل العلماء والدعاة ووجهاء المجتمع والإعلام بأهمية غرس قيمة الخوف من الله عز وجل، ومراقبته في السر والعلن ، وغرس وتعميق قيم مراقبة النفس وإحياء الضمير، وغرس القيم الدينية في نفوس المعلمين وأولياء الأمور والطلبة وتحفيزهم لعكس القيم في سلوكهم، وزيادة التوعية بأخطار الغش في كل جوانب الحياة، ومحاربة الرشوة ونبذ أصحاب الضمائر الميتة بكل السبل التي تمنعهم عن الغش، والتهويل من فداحة التهاون مع الغشاشين، والتذكير بنتائج الغش على الأخلاق والصحة والمال والعلم، والعمل على غرس صورة بشعة للغش في أذهان الناس؛ بحيث يشعر كل فرد في المجتمع بأن الغش يقضي على كرامة الإنسان ، ويؤثر في سلامة عقله، ويجعله منبوذا دينيا وخلقيا واجتماعيا.. كما أكد الطلبة على أهمية التوعية بقيمة الاختبارات ، وأهمية نزاهتها، والإشادة بالمخلصين والأمناء بكل الطرق، وضرب الأمثلة بالشعوب المتحضرة التي وصلت إلى أعلى مراتب التقدم من خلال الاهتمام بالعلم والعلماء والابتعاد عن أساليب الغش، وحث القائمين على العملية التربوية والتعليمية بان يضاعفوا الجهود لتطوير العملية التعليمية وغرس القيم التربوية التي تبني المجتمع، كما يؤكد الطلبة على أهمية إعلان قوانين الاختبارات في وسائل الإعلام وكذلك العقوبات التي تنتظر من يغش أو يساعد على الغش.. وقدم الطلبة المختبرون مقترحات عامة يمكن أن تسهم في منع الغش كان من أهمها توجيه الدراسات والبحوث العلمية لدراسة ظاهرة الغش وبيان مخاطرها وأسبابها والعمل على علاجها، وتطبيق توصياتها لتطوير عملية الاختبارات ومنع الغش، والعمل على فصل التعليم عن الحزبية السياسية، ووقف تدخلات المتنفذين ، ومحاربة الوساطات والإحراجات، والاهتمام بالمناطق النائية...

 مقالات المرأة اليمنية

الدكتورة سعاد السبع - اليمن 

لا تزال المرأة اليمنية تعاني من أمراض التنمية ( الجهل والفقر والمرض) مثلها مثل الرجل، وتزيد عليه بأن الثقافة التقليدية التي لا تزال تغذي النظرة الدونية إلى المرأة قد ساهمت في رفع مؤشرات هذه الأمراض لدى المرأة اليمنية أكثر من الرجل؛ حيث تشير الإحصاءات إلى أن نسبة السكان الإناث تمثل ( 50.8) من إجمالي السكان( ). والعدالة تقتضي أن تتساوى المرأة مع أخيها الرجل في توفير الخدمات وإتاحة الفرص للمشاركة في التنمية، لكن الواقع في اليمن يعكس أن فجوة النوع لا تزال كبيرة في مؤشرات التنمية ضد المرأة ؛ حيث لا تزال نسبة الأمية في صفوف النساء تمثل 69.1% من إجمالي الأميين، في مقابل 27.3% من الذكور، والمشكلة في الريف أكبر إذ أن نسبة الأمية في صفوف نساء الريف لا تزال تقدر بـ 80.56 % من مجموع نساء الريف، بينما هي في الحضر 40.25 % من إجمالي نساء المدينة ( ). ولا تزال مؤشرات التحاق المرأة بالتعليم المدرسي في جميع المراحل منخفضة؛ فالإحصاءات الرسمية تشير إلى أن نسبة التحاق الإناث بالتعليم هي: (42.5% في التعليم الأساسي( ) ، و 35.6% % في الثانوي ، و 11.5% في التعليم الفني( المهني والتقني) ، و 30.8% في التعليم الجامعي من إجمالي الملتحقين بكل مرحلة من هذه المراحل..

كما لا تزال المرأة اليمنية مغيبة عن المشاركة في التنمية الاقتصادية؛ فعلى الرغم من أن نسبة الإناث تمثل 49.3% من إجمالي القوة البشرية القادرة على العمل إلا أن نسبة الإناث العاملات إلى إجمالي قوة العمل لا تزال تمثل (12.1%) ، ومعدل مشاركة المرأة اليمنية في النشاطات الاقتصادية لا تزال في أدنى المستويات 9.9% ونسبة العاملات المشتغلات بأجر من إجمالي المشتغلين 8.1% ، كما لا تزال نسبة البطالة بين الإناث القادرات على العمل تمثل 40.2% في مقابل 11.3% عند الذكور القادرين على العمل( )

وحتى الوظائف التي تدعو الثقافة التقليدية إلى حصر المرأة فيها كـ: (الصحة والتعليم ) لم تتحقق فيها عدالة النوع الاجتماعي، إذا إن نسبة تمكين المرأة في هذين المجالين منخفضة جدا مقارنة بالرجل ؛ فلا تزال نسبة الإناث العاملات في المجال الصحي من الإجمالي العام للعاملين في هذا القطاع = 29.51 %، كما تمثل المرأة في المجال التعليمي ما نسبته : 19.62% من إجمالي العاملين في هذا القطاع.

وعلى الرغم من كل هذه المعوقات إلا أن المرأة اليمنية لم تستسلم لواقعها المؤلم، وتحاول جاهدة أن تستثمر أية فرصة توفرها لها الظروف المحيطة بها لتغيير الواقع مهما كلفها ذلك من تضحيات.

والمرأة اليمنية حين تتحدى المعوقات لا تتحداها من أجل إثبات ذاتها هي فقط، بل من أجل المجتمع كاملا بذكوره وإناثه لأنها حين تنظر للمستقبل تنظر إليه بأنه بناء أسرتها بمن فيها من زوج وأبناء وأهل وأقارب، والعمل على تنمية هذه الأسرة .

ولذلك كانت المرأة اليمنية حاضرة في انتخابات ما قبل ثورة التغيير بشكل ملفت حتى وإن كانت نتائج حضورها لدعم الرجل على حساب حقوقها السياسية إلا أنها شاركت لأنها تدرك بفطرتها الأنثوية أنها قادرة على التأثير في قرارات الرجل كلها فيما بعد الانتخابات بحكم علاقتها الأسرية به..

ويمكن الجزم بأن المرأة اليمنية-بحكم الثقافة التقليدية- تؤثر في القرار السياسي بطريقة غير مباشرة أكثر من تأثيرها المباشر، وبحسب طبيعة علاقتها بالرجل صاحب القرار، وحسب مستواها وقوة تأثيرها على الرجل في الحياة اليومية، وقد لا يكون هذا التأثير بطريقة توجيهية صريحة لأن الرجل اليمني تعود أن يتخذ قراراته الخاصة بعمله بعيدا عن المرأة متأثرا بالثقافة التقليدية، التي لا تشجع استشارة المرأة في قرارات العمل حتى وإن كانت مثقفة، ولكن مع ذلك فإن طريقة تعامل المرأة مع الرجل هي التي تحدد طريقة تعامله مع مسئولياته كلها خارج المنزل حتى السياسية، حتى ولو لم يدرك الرجل ذلك، أوأدرك ولم يعترف بذلك خوفا من اتهامه بالأخذ برأي المرأة أو أنها تؤثر فيه، فيصبح عرضة لسخرية المجتمع التقليدي...

ولأن المرأة اليمنية تدرك أن الثقافة التقليدية هي التي تتحكم في الواقع السياسي اليمني؛ فقد استثمرت ما هو متاح لها للمشاركة في الانتخابات لأنها كانت تدرك تماما أنها بمشاركتها في الاقتراع قادرة على اختيار من سيتولى صناعة القرار لها ولأسرتها وللوطن كاملا على الرغم من أنها ليست راضية عن بقائها بعيدة عن تولي مواقع صناعة القرار السياسي بصورة مباشرة..

وبناء عليه فقد شاركت المرأة اليمنية في الانتخابات النيابية عام 2003 م، وبنسبة تقدر( 42.18%) من مجموع الناخبين، وغامرت بعض النساء الجريئات وقتها لترشيح أنفسهن لكسر نمط الثقافة التقليدية، فترشحت 11 امرأة في مقابل 518 رجلا، لكن للأسف لم تصل إلى مجلس النواب سوى امرأة واحدة في مقابل 300 رجل...

وتكرر الوضع في انتخابات المجالس المحلية للعام 2006 م ، ومع ذلك لم يصل إلى مجالس المحافظات سوى سبع نساء في مقابل (400 ) رجل، وحتى على مستوى مجالس المديريات لم يصل إليها سوى (29) امرأة في مقابل ( 6771 ) رجل.( )

وعلى الرغم من واقع المرأة اليمنية المؤلم في مؤشرات التنمية البشرية، وبرغم قتامة الأرقام السابقة في مجال تمكين المرأة اليمنية من مواقع صناعة القرار السياسي ، فإن الواقع المعاش –وبخاصة مع ثورات الربيع العربي- قد أرغم المرأة اليمنية على مواجهة التحديات، واستثمار كل الفرص المتاحة لها من أجل تغيير واقع الحياة السياسية في اليمن، فقد دأبت على لعب دور المؤثر على أدوار الرجل السياسية من خلال وقوفها إلى جانبه زوجة وأما وأختا في البيت، وكذلك من خلال مشاركتها النضالية من أجل التغيير حيث كانت المرأة اليمنية في مقدمة الصفوف في مواجهة رصاص القناصة المعروفين والمجهولين، واستشهد عدد من النساء في الساحات اليمنية وفي المظاهرات والاعتصامات والفعاليات السياسية بكافة أشكالها... بل ولأول مرة في التأريخ تتصدر المرأة اليمنية المظاهرات قبل الرجال في إقدام منها للتضحية من أجل التغيير أو لإثارة حمية الرجال اليمنيين المسلحين- كيفما كانت هويتهم السياسية – بتواجدهن أمام الشباب لمنع المسلحين من قتلهم وبخاصة أن الرجل اليمني بطبيعته يخاف من عار قتل النساء مهما كانت الظروف..

ولا تزال المرأة اليمنية حاضرة في المشهد الثوري إلى اليوم بنقابها وحجابها، تحمل على كاهلها كل تبعات الموروث الثقافي من فقر وجهل وحرمان ، لكنها لم تستسلم لأي إعاقة، بل صنعت من آلامها آمالا، وانطلقت لصناعة مستقبل مشرق لها ولأسرتها ولليمن بكل فئاته، وأثبتت قدرتها على مواجهة التحديات والمشاركة في التغيير ميدانيا وفكريا، وفي البيوت والميادين وعبر وسائل الإعلام المختلفة ، وكان دورها واضحا من خلال التواصل مع وسائل الإعلام المختلفة للتعبير عن مشكلات اليمن ولدعم التغيير الإيجابي، والتحذير من الانحراف بمسار التغيير ، وشاركت المرأة اليمنية في التحقيقات الصحفية وفي تسليط الأضواء على المشهد اليمني وفي الكتابة والحوار حول الثورة وأهدافها وكيفية دعمها، وكيفية توجيهها من أجل اليمن الواحد الموحد.

ولم يقتصر ظهور المرأة اليمنية إلى جانب ثورة التغيير فحسب؛ فقد كان لها حضور نشط إلى جانب النظام السابق انطلاقا من قناعتها بأهمية الالتزام بالشرعية الدستورية ، ومن خلال فهمها للمشهد السياسي ، وقدرتها على إبداء رأيها بصراحة ودون خوف وبخاصة حينما توافد لميادين الثورة أشخاص هم ممن لهم دور كبير في تدهور حالة اليمن على كل المستويات...

وربما أهم احتشاد شكلته المرأة اليمنية بنوعيها (المؤيد للثورة والمؤيد للنظام) هو مشهد مشاركتها في الانتخابات الرئاسية المبكرة من أجل اليمن أولا وتنفيذا للمبادرة الخليجية التي ارتضتها جميع الأطراف السياسية ثانيا؛ حيث خرجت للمشاركة في الانتخابات الرئاسية المبكرة يوم 21/ فبراير/ 2012م ، وقد كان لمشاركتها في هذه الانتخابات طعم مختلف عن كل المشاركات السياسية السابقة؛ حيث خرجت المرأة للمشاركة بزخم فاق زخم الرجال رغم الأخطار الأمنية التي تحيط بها في كل مناطق اليمن ، وفاجأت الجميع باندفاعها إلى لجان الاقتراع بكل جسارة ، وبكل جرأة ، وقد دهشت- أنا شخصيا -من الإقبال الكبير للنساء من مختلف الأعمار وبخاصة المسنات اللائي لم يشاركن في الانتخابات السابقة، مما دفعني إلى زيارة عدد من اللجان الانتخابية وسؤال عدد من النساء ( )عن السبب الذي جعلهن يتجشمن عناء الخروج من منازلهن والصبر على متاعب الوصول إلى صندوق الاقتراع في هذا الوضع، وبناء على تحليل إجاباتهن يمكن الجزم بأن (55%) من النساء اليمنيات حضرن إلى اللجان الانتخابية من أجل المشاركة في إعادة الأمن والاستقرار للبلد، و(35%) منهن من أجل تهيئة الأجواء لتحسين الوضع المعيشي للأسر اليمنية، و10% شاركن من أجل التمهيد لتغيير النظام بطريقة دستورية والتهيئة لبناء الدولة المدنية الحديثة ..

والملفت للانتباه أنني لم أجد واحدة ممن سألتهن تجيب بأن خروجها كان لممارسة حقها الانتخابي بوصفها مواطنة يمنية، وهذا ربما يكون دليلا واقعيا على أن المرأة اليمنية شاركت في الانتخابات الرئاسية المبكرة يوم 21/ فبراير /2012 م ليس بهدف حصولها هي شخصيا على حقوقها السياسية، بل من أجل الإسهام في حل المشكلات التي خلفتها الحرب في اليمن ، ومن أجل التهيئة لإحداث التغيير الإيجابي الذي ينتظره المواطن اليمني بغض النظر عن جنسه وعن هويته السياسية..

ما أذهلني حقا هو بعض المواقف – التي عشتها - لنساء مسنات تعرضن لمتاعب كثيرة في الطوابير والازدحام وتسلق السلالم للوصول إلى اللجان النسوية، لكنهن مع ذلك لم يتراجعن، بل صبرن حتى أدلين بأصواتهن، وربما يحق لي أن أسجل هنا بعض مشاهداتي لأدلل على نمو وعي المرأة اليمنية بدورها في التغيير على الرغم من أميتها وما تعانيه من قهر الثقافة التقليدية..

ومن هذه المشاهد:

1- امرأة مسنة تجاوزت السبعينيات من العمر، لفت انتباهي تذمرها وارتفاع صوتها وهي تبحث عن أكبر مسئول في اللجنة،(كما قالت) وحينما سألتها عن السبب، قالت: لم يسمحوا لي بالانتخاب لأنني لا أملك بطاقة انتخابية، وكانت تحمل جواز سفر لها لم تستخدمه إلا مرة واحدة إلى الحج، فتوجهت معها إلى رئيس اللجنة الذي كانت لديه تعليمات بالسماح لأي مواطن يثبت هويته اليمنية بأية وثيقة معتمدة من الدولة لأنها فترة استثنائية، وفعلا سمح للمرأة المسنة بالاقتراع وخرجت من اللجنة فرحة تلهج بحمد الله وشكرت رئيس اللجنة أنه مكنها من الوصول إلى الصندوق وغمس إصبعها في حبر الاقتراع.

2- امرأة أخرى في منتصف العمر؛ يبدو من ملامحها أنها من المهمشات، شاهدتها تحمل (شوالا) مملوءا بالعلب الفارغة التي جمعتها من الشوارع ، ووضعت (شوالتها) في فناء المبنى ثم توجهت إلى اللجنة النسوية، وكانت معها ورقة مختومة من عاقل الحارة للتعريف بها ، ولم تغادر المكان حتى تمكنت من الاقتراع.

3- امرأة شابة ؛ وقفت وسط الطابور وهي تمسك بيد طفلها الذي لا يتجاوز السادسة من العمر، لاحظت أنها قلقة من طول الانتظار، ومن إصرار طفلها عليها بالتحرك والدخول للجنة ، فاقتربت منها وسألتها: لماذا أحضرت طفلك لهذا الزحام؟ قالت هو بكى وأصر على الحضور ليشاهد ماذا سأفعل، وقطع حوارنا الطفل قائلا أمي، متى سيسمحوا لي بالانتخاب؟ أجابته بثقة :( بعد ثلاثة رؤساء ياحبيبي) فأدركت أنها من النساء اللاتي شاركن من أجل تغيير النظام ووضع تشريع لعدم بقاء الرئيس أكثر من أربع سنوات في كرسي الرئاسة..

مشاهد كثيرة عشتها في يوم 21 فبراير 2012 ، كانت بحق توحي بحدوث نقلة نوعية في وعي المرأة اليمنية عن أهمية مشاركتها في الانتخابات مما يجعلني أجزم بأن هناك نموا ملحوظا في وعي النساء اليمنيات بأدوارهن في التنمية، وأن من صنع هذا الوعي هي سنة كاملة من الحراك الفكري والضغط العسكري هز كيان المرأة وجعلها تعيش أنواعا شتى من المعاناة المصاحبة لثورة التغيير، حيث كانت معاناة المرأة معاناة مضاعَفة ومركبة ؛ إذ عاشت الخوف باعتبارها مواطنة في واقع مشتعل بالصراع السياسي وبالاقتتال، وعاشت الرعب على رجالها خارج المنزل في فترة الحرب باعتبارها أما أو زوجة أو أختا أو ابنة، وربما خوفها على الرجال –وبخاصة ممن هم في القوات المسلحة في الطرفين الرسمي والمنشق- كان أشد وأقسى، فضلا عن المعاناة الاقتصادية التي عاشتها المرأة اليمنية باعتبارها الأكثر التصاقا باحتياجات الأسرة في البيت..

لقد كانت المرأة اليمنية حاضرة في ثورة الربيع العربي، وسجلت التقارير الإخبارية هذا الحضور عبر وسائل الإعلام العربية والعالمية ، وأصبحت المرأة اليمنية محل التهاني عبر المواقع الإلكترونية وبخاصة مواقع التواصل الاجتماعي(face book)، وسررت- أنا بالذات- برسائل تهاني كثيرة للمرأة اليمنية عبر بريدي الإلكتروني ، وهي كلها عزيزة على قلبي ومن هذه الرسائل رسالة الأستاذ "عامر العظم" التي أسعدتني برأيه الكريم فيما أنجزته المرأة اليمنية من أجل التغيير، ويحق لي أن أسجل بعض ما جاء في رسالته:(المرأة اليمنية هي الأكثر حضوراً ومشاركة وصبراً وحيوية في الثورات العربية... من كان يصدق أن يراها لشهور تصول وتجول دون كلل أو ملل في ساحات وميادين التحرير...؟!!... تخيلوا حجم الإنجاز الفكري والثقافي للمرأة والثورة اليمنية في مجتمع قبلي مسلح...لا نحتاج للكثير من الكلمات بل نحتاج لنحيي المرأة اليمنية...)

ولأن المرأة اليمنية قد نجحت في صناعة تاريخها المحلي من أجل التغيير، تم تكريمها والإشادة بها في كل وسائل الإعلام المحلي والعربي والدولي ، وكلل هذا التكريم بحصول السيدة اليمنية توكل كرمان على جائزة نوبل للسلام ، وصارت معظم التقارير(المحلية والعربية والعالمية) تشير إلى المرأة اليمنية بإعجاب ، وتعد هذه شهادة عظيمة لدور المرأة اليمنية في المشهد السياسي للربيع العربي،فعلى الرغم من الواقع اليمني المؤلم، إلا أنها استطاعت أن تحول الألم إلى أمل سوف يمثل نقطة انطلاق لاستعادة الأمن والاستقرار وصناعة السلام في اليمن ولتحقيق الدولة المدنية الحديثة التي ينتظرها معظم أبناء الشعب اليمني...
تعليقات