أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

"افتح يا سمسم"... أغلقت أبوابها

قمر بن سالم - تونس اعتمد الزعيم الحبيب بروقيبة منهجا سياسيا براغماتيا مرحليا للحصول على استقلال البلاد ناهيك عن السلطة ومسك زمام امورها و تراسه للبلاد مع ارساء النظام الجمهوري بعد خلع نظام الحكم المتعبد و المستبد الذي بقدر ضخامته و سلطانه الا انه كان بمثابة المملكة يحكمها السلطان الراعي على رعيته وهو نظام البايات السائد في تلك الفترة...الا ان نظام الراعي والرعية انتهج بابا مغايرا في اسلوبه متماثلا في مضمونه...مغايرا لانه باسم سلطة الشعب..و متماثلا في نظام الحكم مدى الحياة..و لكن التونسيين في غمر . اسعادتهم بخروج المحتل فرنسا و استرجاع ممتلكاتهم تناسوا امر الحكم المطلق ...الى ان اضحى هذا الحكم...قيدا من خلاله تحصل المواطن على الوظيفة و كسبه للقمة العيش. و تحصلوا على ذواتهم مغلفة بوهم الحرية...وتناسوا في غمرة حياتهم قضية مقتل فرحات حشاد و صالح بن يوسف..لم يفكروا في كيفية الحصول على الاستقلال بل في الحصول على الاستقلال فقط...لا ننكر ما للزعيم من فضل على البلاد ...انه محرر المراة من حرر المراة في عالم عربي بقدر ما اكسبها الزعيم الحبيب بورقيبة المراة التونسية حرية الاختيار وحرية تقرير المصير..و لكن بشرط الحكم والرئاسة مدى الحياة في نظام ملكي مقنع...ها نحن الان نعيد للتاريخ بروزه ولكن هذه المرة للتخلص من محتل هو مواطن تونسي و ليس فرنسي..زين العابدين بن علي..دمل الثلاث والعشون سنة هو ونظامه البائد..23 سنة من القمع و السرقة والنهب و الاجرام عن طريق الميليشيات و التجمعيين والاحزاب المداهنة و البوليس السياسي...عدنا مجددا للحرب..و لكن هذه ليست كاي حرب انها حرب مستعمر داخلي الا وهي الحرب الاهلية...وداخل الحرب الكبيرة الظاهرة للعيان تكمن حروبات اخرى لطوائف مختلفة و جهويات مما يكشف ان ثورة 14 جانفي تكاد تحتضر تكاد تندثر لانها ستفقد طابعها اللامع كثورة..جميل ان نكتشف سارق الدولة اويحاكم ..جميل ان نتصدى لنظام الحكم مدى الحياة..جميل ايضا ان ننهض من السبات العميق.....و لكن هناك من الانظمة التي تريد الرجوع بنا الى عصور ما قبل التاريخ ..و هناك انظمة هدفها العودة الى نفس السراط..و هناك انظمة هدفها مادي بحت..و تعالو انظروا الى حال التونسي نعم هو ناجح لانه كسر القيود لانه نجح في قول كلمة لا والف لا...لكن لا لابد ان تنخذ لها المنهج القويم و السوي..لاننا سنضيع عبارة لا بالهمجية والعنف فقبل الثورة كنا لا نتقن قول عبارة لا و لكنننا نفهم كل ما يدور في حرب باطنية وحب للعيش و صمت حارق و الان اصبحنا قادرين على كلمة لا في حرب علنية و حب للانا و نطق صارخ و لكننا في المقابل لا نفهم بل لا نفقه اغلب ما يدور فهل سيتمكن المواطن الثوري التونسي يوم23 اكتوبر القادم من الانتخاب على وجه الاقتناع ام فقط سينتخب مقالات قمر بن سالم - تونس عروس الإسماعيلية بمصر و العروس التونسية كل منهما تتعرض للعنف، الأولى عنف جسدي في الشّارع وهي ترتدي فستان الزّفاف الأبيض و الثّانية عنف معنوي في قاعة الأفراح و هي تستعدّ لعقد قرانها. و في كلتا الحالتين هو عنف سببه أهل الزّوج و بينهما الكثير من القصص اليوميّة لزوجات حائرات منذ الأسبوع الأول للزواج تتعرّضن للعنف المعنوي و النّفسي وسط عائلة الزّوج و على مرأى و مسمع منه أيضا....  المرأة التي حَلُمت بحياة زوجية مليئة بالمحبّة و العطف، المرأة التي تحلم ببناء عائلة سعيدة، المرأة التي اختارت زوجها سندا، صديقا، شريكا للعمر و حبيبا تستند على كتفه و تهدأ بين ذراعيه، هي الأم لابناءه في المستقبل ورفيقته بين دروب الحياة....   في الحقيقة إنّ حبّ التّملّك للأبناء نابع من جذور مرهقة نفسيّا و تربية شرقيّة قائمة على إثبات قواعد و كسر قواعد أخرى دون الأخذ بعين الاعتبار مفاهيم عميقة جدا ألا وهي الإنسانيّة و ما تملكه هذه العبارة من معانٍ لا يمكن حصرها ولا تحديدها، فهي تحمل مفهومها في ذاتها، و عليه- سيدتي الجميلة العروس-المرأة او المرأة- العروس - التّعمّق في انسانيّتك و استخراج أرقى ما يوجد في ذاتك، عليك الانتباه لقدراتك الكامنة و عتقها من قيود العنف المُسلّط، و الإيمان بذاتك المُذهلة بانّك الكائن الرّاقي القادر على التّغيير، النّجاح، افتحي جناحيك و انطلقي  أنظرن إلى المرآة...أليست عيونكن قناديل أعياد..أنظرن إلى حواجبكن ..أليست حواجبكن سيوف احتفالات...أنظرن إلى رموشكن..أليست رموشكن ظلال خيمات...أنظرن إلى شفاهكن ..أليست شفاهكن ألحانا و رنات..شاهدن شعوركن ..أليست شعوركن اهتزاز على النغمات..تمعن جيدا في أنوفكن..أليست أنوفكن كبرياء و امتدادات...فلا تحتاجين إلى عيد أيتها المرأة يذكرك بانتصاراتك و تاريخك و مجدك و فوانيس أعيادك...فعندما تجلسين القرفصاء و تطحنين القمح..فذلك يوم عيد...عندما تعصرين زبد حليب من ثدي بقرة و تقدميه صافيا نقيا فذلك يوم عيد..عندما تطحن أرجلك زيتونا فيتدفق زيتا بكرا..فذلك يوم عيد..كل أيامك عيد أيتها المرأة..عندما تمشطين ضفائر شعرك الغجري و ترسمين كحل عيونك الحوراء و تحفرين الأرض حفرا و تحرثيها حرثا و تفرشيها قمحا..و تحصديها ذهبا ..فذلك يوم عيد..عندما تدقين طبولك و تضربين أوتارك و تسبلين عيونك و تطلقين العنان لأشجانك و أشعارك..و أمثالك فذلك يوم عيد... لا تحتاجين ليوم عيد واحد أيتها المرأة ..فأنت العيد ذاته..إذا صرخت من ألم مخاض و أخرجت حياة.. فذلك يوم عيد..إذا تدفق حنان حليبك ..و حنان صدرك..و خفقان قلبك لرضيعك..فذلك يوم عيد...ففي ألمك عيد..و في آهاتك عيد..و في صراخك عيد..و في فرحك و زغاريدك و رقصك و تمايلك و ضحكاتك..عيد..  خطواتك و نجاحاتك و خطاباتك و أعمالك كلها..يوم عيد...تذكري يا ربة البيت..تذكري أيتها العاملة المناضلة..تذكري أيتها المعلمة..تذكري أيتها الطبيبة..أيتها المحامية..يا صاحبة الأعمال...عربية كنت أم غربية أم غجرية أم أسيوية....فلا عيد من دونك... و هل تحتاج المرأة إلى عيد يذكرها بأنها امرأة أم لمن يذكرها بأنها كذلك..فإذا كان لك عيد..فلا تنسي أنه العيد الأكبر للأعياد اليومية التي بسببك يكون للحياة معنى..و للنفس صفاء...و للنوم راحة...و للأكل طعم و للماء ارتواء...فلولا أعيادك اليومية لما خط القلم خطوة واحدة ليجرح جراحات ..فتسيل دماء.. تتدفق لها كلمات مهما دمعت و مهما أمطرت و مهما بللت الورق لن تصف ماهية هذا المخلوق الرقيق (المرأة ..الأنثى..الأم ..البنت..الزوجة...الحبيبة..الصديقة..الجدة..الأخت)...أرأيت أنك هياكل الأعياد ذاتها..و أنك طقوسها..أرأيت أنك كل يوم تتكرر ين..كل يوم تمرين..كل يوم تتنفسين...فهل تحتاجين إلى عيد أيتها المرأة و أنت (المرأة _العيد)...أنت دمية الحياة ..و لكن هذه الدمية لا تحتاج إلى محرك أو إلى عصي و دواليب لتتحرك ..فهي تتحرك بذاتها و لذاتها..و لأن قلبها أكبر من أن يصفه يوم عيد واحد فان هذه الدمية الجميلة والرقيقة و الفاعلة تتحرك لا لأجل ذاتها فقط بل لأجل من تحيطها بها الحياة..قولي أيتها المرأة يا مالكة الأعياد هل لازلت تحتاجين إلى يوم عيد.....

مقالات

قمر بن سالم - تونس

كم كانت الدنيا جميلة...كم كانت حلوة و بسيطة...أتذكر عندما كنت طفلة..صغيرة...موردة الخدين..كانت عيوني مسبلة من شدة براءتهما ترى من خلالهما غيمة وردية و لمعة دمعة بحر..تحمل في عمقها حبا للحياة..و أملا لأشياء لم أفهمها بعد..و توق لغد أفضل...هكذا كنت و هكذا كانت حياتنا مرتبة منظمة..شي واحد لكل حدث واحد..دراستنا عميقة في محتواها قليلة في فحواها..عظيمة في كيفها..بسيطة في كمها...كل مدينة كبيرة كانت كالقرية الصغيرة حتى العاصمة ذاتها..قليلة الأفراد..كثيرة النشاط...نعيش بأمل..نمشي بهدوء..نفكر بنظام..و ننام في سبات عميق...فالكبير يرى في أحلامه مستقبل الصغير..و الصغير يرى في أحلامه مستقبل كبره و عنفوانه...

كنا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة متفقين على مسار واحد..و منهج واحد..تفتح المدارس أبوابها في وقت واحد و تغلقها في وقت واحد..فيعود جميع التلاميذ لمنازلهم في وقت واحد..و السعادة تغمرهم..لأنهم سيجلسون أمام التلفزيون حيث تبدأ البرمجة الاذاعية مساء بالقران الكريم..ثم ببرامج أصدقاءنا الصغار...كنا نجلس بلهفة أمام التلفزيون و العيون لا تتحرك الى أن يفتح "سمسم" أبوابه....لا أنس أبدا لحظات السعادة العارمة التي أعيشها و نعيشها عندما نشاهد برنامج "افتح يا سمسم"..و عندما نلتق "نعمان"..و "عبلة"..و "ميسون"..و بدر و أنيس"..و "قرقور"..و "الضفدع كامل"..برنامجا بيداعوجيا..ثريا..عميقا..قويا...لم نكن نحتاج أبدا لدروس خصوصية..فقد كانت "افتح يا سمسم" هي "المعلمة" و هي "المعلم" في البيت...كل معلماتنا و موادنا نجدها داخل بيوتنا...في شاشة صغيرة...معلمة اللغة العربية..معلمة الحساب...معلمة التربية الاسلامية..و التربية الموسيقية ..و التربية التشكيلية ...و غيرها من أشكال الكتابة الأبجدية....أذهاننا مشبعة و متجهة في مسار واحد..ووفق تربية واحدة .و نظام واحد...هكذا كانت طفولتنا..و هكذا قوة ثقافتنا...و قد كان لذلك الأمر التأثير الكبير على شخصيتي و لغتي..أذكر أن لساني كان يتحرك بمفرده في الثانوية والكلية وهو ينطق اللغة العربية بسلاسة.. و عندما يبدي أساتذتي اعجابهم أقول في نفسي"انني ابنة " افتح يا سمسم"

و بفضل الهوائي(الدش) يتمتع أطفالنا بقناة كاملة لبرنامج الأطفال لا لبرنامج واحد كما هو الحال في زمننا..و لكن لا أعتبرهم محظوظين بل نحن المحظوظون أكثر من أبنائنا..لأن أذهانهم أصبحت مشوشة....كم تمنيت أن تعود ابنتي الى المنزل و تجدا برنامجا واحدا يثري لغتهما و ينمي قدراتهما و معارفهما و يزيد من براءتهما..لكن أجد نفسي محتارة لجلوسهما كثيرا أمام الجهاز لبرنامج لا يدوم ساعة أو نصف ساعة بل قناة مفتوحة 24 ساعة..أنا أريد منهما انجاز فروضهما و تناول عشاءهما و غسل أسنانهما و النوم باكرا..بينما ترغب كل بنت في مزيد المشاهدة لأن القناة أبدا لا تفرغ..و لكن النتيجة....أذهان الأطفال تمتلىء و تفرغ في ان واحد و الأغلب هي ملانة-فارغة..أذكياء..نشيطون..نار ملتهبة و لكنهم يعيشون حالة من التذبذب...

في حيرتي تلك..تمنيت أن أفتح قناتنا الوطنية لأجد برنامجا أو كرتونا..لكنني لا أجد سوى"مجلسا تأسيسيا"..أقول ان بلدي قد تطور و أصبح لدينا قنوات أخرى..أبتسم و أغير القناة لأجد مشاهد صراخ و عويل و شكوى مواطنين ..و اعتداء سلفيين..فأدير قناة أخرى..لكنني عبثا أحاول..اذ أجد مأساة ما يسمى ب"تلفزيون الواقع"...فأقف أمام الشاشة بنفس النظرة و العين البريئة الدامعة لتعيدني الى روعة طفولتي..فأنادي بصوت مرتعش."افتح ياااا سمسم"..و أعيد الكرة " افتح ياااااااا سمسم"...و ما من مجيب..و لا حياة لمن تنادي...و لم تتحرك الصخرة الضخمة..و لم يفتح "سمسم"..فأغطي وجهي بيدي و أبكي بكاء الطفلة..و أدرك حينها أن مع كل سنة تمر لا أزال "طفلة"..و مع كل ثورة تنفجر..لا أزال "طفلة"..و مع كل نار تشتعل..لا أزال "طفلة"..و مع كل حرب تشن..لا أزال "طفلة"..و مع كل لؤلؤة تقع من عيني..كان هناك "زمن جميل"...في المقابل أشاهد أطفالنا يشيخون و يهرمون..و يكبرون في سن السادسة..و ينضجون في سن السابعة نضجا ليس كنضجنا ..فنضجنا خليط من التجربة والقدرة و الثقافة و المعرفة و براءة طفولية متجذرة في العمق..و نضجهم غريب كغرابة نضج زمنهم هذا..زمن لا أجد عبارة تصفه عدا زمن "الغرابة"..زمن "المسخ"..زمن الرداءة"..و لست أعني هنا رداءة عقول أطفالنا..بل بالعكس..فأطفالنا أذكياء..لا زالت عقولهم تتلقى المزيد..و ابتسامتهم حازمة..و نظرتهم حادة..و لكن أخاف نظرتهم تلك.. أشفق عليهم من نضجهم ذاك...

انني امرأة ناضجة و لكنني "طفلة" دائمة اللهو و اللعب..لا أنس تلك السعادة التي انتابتني في سهرة دافئة في احدى ليالي الشتاء الباردة مع صديقتي و زوجها و زوجي..حيث انطلقنا نغني ببراءة طفولية "افتح يا سمسم أبوابك نحن الأطفال...افتح واستقبل أصحابك نحن الأطفااال...."و نغني"سالي" و نغني "بال و سيباستيان" و نغني " ساسوكي" و "الكابتن ماجد"....أمام ابتسامة أعين بناتنا و استغرابهن منا..و نحن نسمع رجع صدى أصواتنا من شدة ضحكاتنا..لأننا دائما نعيش عمق زمننا الجميل...

هكذا كنا و هكذا نحن و هكذا كان زمننا..فهل يا ترى سيجد أطفالنا مجالا للبراءة في كبرهم..و هل سيكون لهم زمن جميل يسترجعونه ذات يوم..و هل سيفتح "سمسم" أبوابه من جديد

تعليقات