أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

الكتابة النسوية والجنس --- الإبداع بعيدا عن القيود،لكن دون إسفاف

حنان حيمر - الجزائر  الحديث عن وضع المرأة في الوطن العربي يضعنا أمام متناقضات كثيرة تعد في غالب الأحيان مصدر إبهام لاسيما لدى المجتمعات المختلفة ثقافيا عنا.وربما ذلك هو السبب الرئيس في سوء الفهم الذي يحدث عند إصدار أحكام أو تقارير تكون المرأة مركزها. يجب القول أننا كمجتمعات تعيش مراحل انتقالية لاتنتهي،أصبحنا في الكثير من المواقف لانستطيع أن نحدد أو لنقل أن نتفق على تصور واحد للأمور...قد يقول قائل أن الاختلاف رحمة. فعلا هو كذلك، لكن أن يكون عدم الاتفاق ناتج عن "فوضى فكرية" فالأمر يطرح إشكالات كثيرة.  عندما نستمع في السنوات الأخيرة لبعض التعاليق هنا وهناك حول مكانة المرأة في المجتمعات العربية الحالية،نتصور أن النساء أصبحن يتحكمن في زمام الأمور،وأنهن تحررن من كافة القيود، كيف لا وبعض الشباب لايترددون في القول أنهم لو كانوا من الجنس اللطيف لكانت حياتهم أفضل! من المفروض أن تفرح امرأة مثلي بهذا الكلام، نعم لكن في حالة واحدة هي أن يكون هذا الرأي ناتج عن واقع...عن حقيقة، وليس عن تفكير غير سوي مصدره في أحيان كثيرة الفشل في تحقيق الذات الذي يدفع أي طرف للبحث عن تبريرات.  فالمرأة في مواقف عديدة أصبحت أفضل مبرر يخترعه بعض الرجال لتفسير أي تعثر في حياتهم، بل وفي تفسير حتى الكوارث الطبيعية التي قد تتعرض لها أي منطقة.فهي مثلا التي تشتغل في حين انه يعاني من البطالة.بل أن بطالته أصبحت نتاج عمل المرأة،والحجة هنا أن النساء يحصلن على مناصب عمل بسهولة لاتتاح للرجل،وعددهن أصبح طاغيا في قطاعات عديدة...وهنا يجب لفت الانتباه الى تأويلات مثل هذا الكلام،لأنه يلمح إلى حصول المرأة على منصب عمل بفضل "أنوثتها" وليس بفعل "كفاءتها".  لكن نظرة دقيقة في الأرقام توضح أن المرأة في العالم العربي مازالت في ذيل الترتيب سواء إذا تعلق الأمر بالمشاركة السياسية، ولاسيما تولي المناصب القيادية التي تمنحها الحق في اتخاذ القرار، أو المساهمة في التنمية الاقتصادية.  فالدول العربية تحصي فقط 10 بالمائة من النساء اللواتي لهن تمثيلا سياسيا على مستوى المجالس الوطنية والمحلية، بينما تصل النسبة على المستوى العالمي الى 18 بالمائة وتتجاوزالـ50 بالمائة في بعض دول إفريقيا. أما إذا عرجنا على سوق العمل فتكشف الأرقام أن ثلث النساء العربيات أي 33 بالمائة فقط يشتغلن،وهو يؤكد بما لايدع مجالا للشك أن المرأة بعيدة كل البعد عن "احتكار" مناصب العمل كما يدعيه البعض.  وتعد مثل هذه الأحكام المسبقة التي تروح ضحيتها المرأة المتهمة بالرغبة في الاستقلالية وبفرض ذاتها وبطموحها السبب الذي يدعو كل المهتمين بقضايا المرأة إلى القول بان وضع قوانين تحمي وتصون حقوق المرأة أمر جيد ولابد منه، لكنه ليس حلا لكل المشاكل التي يعيشها نصف المجتمع،لان الحل الأنجع هو تغيير الذهنيات أي الثقافة السائدة بكل ماتحمله من ارث مقاوم للتطور.  ولكن مع ذلك لايبدو لي أن تغيير الذهنيات يجب أن يصب في اتجاه واحد، ومن الضروري بما كان الإجابة عن سؤال مهم قبل تحديد كيفيات العمل من اجل التغيير،وهو "من يقف وراء تكريس الأفكار المضادة للمرأة؟".كما انه يجب الانتباه إلى عدم فصل وضع المرأة العربية عن وضع المجتمعات بكل مكوناتها وفئاتها،لان ذلك هو الذي يفتح الباب أمام تصنيف يضع الرجل ندا للمرأة وليس شريكا لها.  حنان حيمر - الجزائر  تجربتي الشخصية في الميدان المهني جعلتني أتمنى ان يكون مسؤولي رجلا وليس امرأة! قد يبدو هذا الاعتراف خطيرا، لاسيما أنني أفصح عنه في مقال ينشر في وكالة أخبار المرأة التي تعمل على ترقية مكانة المرأة في المجتمع.لكنها حقيقة اتاسف لها لاسيما وانني شخصيا تحملت مسؤوليات في مساري العملي. وفي مقالي الأول الذي افتتحت به مشاركتي ضمن طاقم الوكالة طرحت سؤالا عن من يقف وراء الأفكار المضادة للمرأة.وقلت انه من الواجب الانتباه وعدم إصدار أحكام مسبقة. وواقع الحال ان الكثير من العراقيل التي تقف حجر عثرة أمام تحقيق المرأة لذاتها أو خروجها من بوتقة المفاهيم الخاطئة للدين بالخصوص، ناتجة أساسا عن سلوكات نسوية وليس رجالية. فليس من العدل أبدا ان نتهم الرجل وحده بأنه مكرس لوضع تعيشه بل وتعاني منه الكثير من النساء في منطقتنا العربية.لأنه في حالات عديدة تكون معاناة المرأة نابعة من ظلم امرأة أخرى لاترى فيها شريكة ولكن منافسة أحيانا أو عدوة أحيانا أخرى. ولأاعتقد ان الكثيرين ورغم إننا نعيش العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين سيستغربون إذا ماقلت ان التمييز الأول الذي تتعرض له المرأة يبدأ في البيت وبالضبط على يد الأم التي تعمل منذ صغر سن أبنائها على ترسيخ فكرة "للذكر ما ليس للأنثى"،وهي في حالات عديدة تربي في بناتها فكرة "الدونية" مقارنة بالإخوة، وقد تكون الأم حتى مقاومة لأي محاولة "تمرد" من بناتها اللواتي في كثير من الأحيان سيلاحظن ان المطلوب منهن كواجبات يفوق مايوفر لهن من حقوق. وإذا عدنا الى عالم الشغل، فان الكثير يقال عن هذه المسالة،وهو ماتؤكده تجارب الكثيرات في الفضاء المهني،وأنا واحدة منهن. ان مطالبة المرأة بتمثيل اكبر في مختلف المناصب لاسيما القيادية، أمر نشجعه بكل قوتنا ونسعى إليه، لكن على ان يكون ذلك قائما على كفاءة مستحقة. والكفاءة بالنسبة للمرأة ليست مرتبطة فقط بدرجتها العلمية، ولكن كذلك بتخلصها من بعض "العقد الانثوية" التي تجعلها تنظر الى الأخريات بعين نسوية وليس بعين المسؤولة الباحثة عن عمل جيد وكفاءات جيدة. ان المرأة المسؤولة ليست مسؤولة على طاقم العمل فقط وجودته ونوعيته، وإنما على صورة كل النساء لأنها بدون إذنها –وعكس الرجل-تجد نفسها ممثلة لكل النساء وأي خطأ سيحسب على بنات جنسها...ولهذا إذا حدث أي خلاف بين زميلتين في العمل يقال انه "سوق النساء"، ولاينظر الى الأمر بالجدية الكافية،فالأمر يرجع الى "الغيرة" أو "الحسد" أو "كيد نساء"، ولاينظر إليه أبدا على أساس انه خلاف مهني يستحق ان "يضيع" المسؤول وقتا من اجله. لذا أصر كثيرا على ان للمرأة مسؤولية مضاعفة،ومن واجبها ان تخلع ثوب "الأنوثة السلبية" وترتدي لباس "الفحولة النسوية" لتؤكد بما لايدع مجالا للشك على انها أهلا لمطالبها. أتذكر هنا تصرف رئيسة قسم المنوعات بالجريدة التي أجريت فيها تربصي الدراسي وانا انهي مشواري الجامعي بمعهد الصحافة...كنت أنا رفقة طالبة وطالب في نفس التربص.وحين مررنا بهذا القسم تفاجأنا بالطريقة التمييزية التي كانت المسؤولة تتعامل بها معنا.حيث كانت تسلم ماتعتبره "عملا صعبا" للطالب بينما تعطينا نحن الاثنتين ماتعتبره "عملا سهلا"-وكان العمل يتمثل في ترجمة برقيات من الفرنسية للعربية-. استغربنا لهذا التعامل، ولم تخف هي قناعتها بان الطالب-الرجل- أذكى وأكثر كفاءة منا ولذا كانت تطلب منه ترجمة الريبورتاجات الصعبة.وفي مرة قررت أخيرا ان تجربني، فذهلت لأنها اكتشفت على مايبدو ولأول مرة في حياتها ان للمرأة قدرات تفوق الرجل.وذهلت أنا من تصرفها الذي بقي راسخا في ذهني، وأتحسر لأنني عايشته مجددا في مشواري المهني....فهلا حاسبنا أنفسنا قبل ان نحاسب الاخرين؟  حنان حيمر - الجزائر  تجربتي الشخصية في الميدان المهني جعلتني أتمنى ان يكون مسؤولي رجلا وليس امرأة! قد يبدو هذا الاعتراف خطيرا، لاسيما أنني أفصح عنه في مقال ينشر في وكالة أخبار المرأة التي تعمل على ترقية مكانة المرأة في المجتمع.لكنها حقيقة اتاسف لها لاسيما وانني شخصيا تحملت مسؤوليات في مساري العملي. وفي مقالي الأول الذي افتتحت به مشاركتي ضمن طاقم الوكالة طرحت سؤالا عن من يقف وراء الأفكار المضادة للمرأة.وقلت انه من الواجب الانتباه وعدم إصدار أحكام مسبقة.  وواقع الحال ان الكثير من العراقيل التي تقف حجر عثرة أمام تحقيق المرأة لذاتها أو خروجها من بوتقة المفاهيم الخاطئة للدين بالخصوص، ناتجة أساسا عن سلوكات نسوية وليس رجالية.  فليس من العدل أبدا ان نتهم الرجل وحده بأنه مكرس لوضع تعيشه بل وتعاني منه الكثير من النساء في منطقتنا العربية.لأنه في حالات عديدة تكون معاناة المرأة نابعة من ظلم امرأة أخرى لاترى فيها شريكة ولكن منافسة أحيانا أو عدوة أحيانا أخرى. ولأاعتقد ان الكثيرين ورغم إننا نعيش العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين سيستغربون إذا ماقلت ان التمييز الأول الذي تتعرض له المرأة يبدأ في البيت وبالضبط على يد الأم التي تعمل منذ صغر سن أبنائها على ترسيخ فكرة "للذكر ما ليس للأنثى"،وهي في حالات عديدة تربي في بناتها فكرة "الدونية" مقارنة بالإخوة، وقد تكون الأم حتى مقاومة لأي محاولة "تمرد" من بناتها اللواتي في كثير من الأحيان سيلاحظن ان المطلوب منهن كواجبات يفوق مايوفر لهن من حقوق.  وإذا عدنا الى عالم الشغل، فان الكثير يقال عن هذه المسالة،وهو ماتؤكده تجارب الكثيرات في الفضاء المهني،وأنا واحدة منهن. ان مطالبة المرأة بتمثيل اكبر في مختلف المناصب لاسيما القيادية، أمر نشجعه بكل قوتنا ونسعى إليه، لكن على ان يكون ذلك قائما على كفاءة مستحقة. والكفاءة بالنسبة للمرأة ليست مرتبطة فقط بدرجتها العلمية، ولكن كذلك بتخلصها من بعض "العقد الانثوية" التي تجعلها تنظر الى الأخريات بعين نسوية وليس بعين المسؤولة الباحثة عن عمل جيد وكفاءات جيدة. ان المرأة المسؤولة ليست مسؤولة على طاقم العمل فقط وجودته ونوعيته، وإنما على صورة كل النساء لأنها بدون إذنها –وعكس الرجل-تجد نفسها ممثلة لكل النساء وأي خطأ سيحسب على بنات جنسها...ولهذا إذا حدث أي خلاف بين زميلتين في العمل يقال انه "سوق النساء"، ولاينظر الى الأمر بالجدية الكافية،فالأمر يرجع الى "الغيرة" أو "الحسد" أو "كيد نساء"، ولاينظر إليه أبدا على أساس انه خلاف مهني يستحق ان "يضيع" المسؤول وقتا من اجله.  لذا أصر كثيرا على ان للمرأة مسؤولية مضاعفة،ومن واجبها ان تخلع ثوب "الأنوثة السلبية" وترتدي لباس "الفحولة النسوية" لتؤكد بما لايدع مجالا للشك على انها أهلا لمطالبها. أتذكر هنا تصرف رئيسة قسم المنوعات بالجريدة التي أجريت فيها تربصي الدراسي وانا انهي مشواري الجامعي بمعهد الصحافة...كنت أنا رفقة طالبة وطالب في نفس التربص.وحين مررنا بهذا القسم تفاجأنا بالطريقة التمييزية التي كانت المسؤولة تتعامل بها معنا.حيث كانت تسلم ماتعتبره "عملا صعبا" للطالب بينما تعطينا نحن الاثنتين ماتعتبره "عملا سهلا"-وكان العمل يتمثل في ترجمة برقيات من الفرنسية للعربية-.  استغربنا لهذا التعامل، ولم تخف هي قناعتها بان الطالب-الرجل- أذكى وأكثر كفاءة منا ولذا كانت تطلب منه ترجمة الريبورتاجات الصعبة.وفي مرة قررت أخيرا ان تجربني، فذهلت لأنها اكتشفت على مايبدو ولأول مرة في حياتها ان للمرأة قدرات تفوق الرجل.وذهلت أنا من تصرفها الذي بقي راسخا في ذهني، وأتحسر لأنني عايشته مجددا في مشواري المهني....فهلا حاسبنا أنفسنا قبل ان نحاسب الاخرين؟  مقالات  حنان حيمر - الجزائر  الحديث عن الإبداع الأدبي يمكن ان يتفرع لعدة جوانب،ولكن الأهم في الموضوع هو ان يؤدي الإبداع مايرمي إليه باعتباره رسالة اجتماعية وشخصية فضلا عن كونه تعبيرا حرا عن مكنونات وعن تجارب إنسانية تستحق ان تروى ليشرك فيها الآخرون،سواء من باب المعرفة أو حتى مجرد الترفيه عن النفس.والإبداع لايمكنه ان يكون كاملا بدون حرية التعبير وحرية طرح الموضوعات مهما كانت طبيعتها، لذا يكافح ويناضل المبدعون في جميع المجالات وفي كل أنحاء العالم،نضالا شرسا أحيانا،من اجل فرض وجهة نظر غير مقبولة سياسيا أو اجتماعيا،مما قد يكلفهم أحيانا حياتهم. والمبدع لايكافح ضد القوى السياسية أو الدينية أو الاجتماعية وحتى الاقتصادية، فهو كثيرا مايصارع نفسه لتجاوز مقص رقابته الذاتي الذي تفرضه عليه تركيبة اجتماعية أو شخصية معقدة،لاسيما في بلداننا العربية حيث تكثر الطابوهات والممنوعات والمحرمات.فرأي العائلة أو الأصدقاء أو الأقرباء بل والمجتمع برمته قد يكون في ذهن المبدع وهو يخرج للنور بوتقة أفكاره وفنه.  وإذا كان الإشكال يطرح على الجميع، فانه انشغال اكبر لدى المرأة لأنها في مجتمعاتنا دائما متهمة،ولهذا فان الآخرين يبدون أحيانا وكأنهم لايفعلون إلا الانتظار من اجل الحصول أخيرا على دليل الإدانة، الذي يورطها.ولذا فانها في حالة الكتابة تجد نفسها وهي تخلق شخصياتها الخيالية في موقف لاتحسد عليه،إي مضطرة للاختيار بين أمرين لاثالث لهما، اما الكتابة بكل حرية وبالتالي مواجهة الاحكام التي ستسلط عليها،وإما عدم الكتابة والاكتفاء بنفسها كقارئ وحيد.  ولعل أهم ماتدان به المرأة الكاتبة في مجتمعاتنا هو التطرق لموضوع "الجنس"،فهو من اكبر الطابوهات في بلداننا،ولذا فان أي حديث عنه يحيل إلى إصدار أحكام.صحيح أن الأمر ليس استثناء بالنسبة للمرأة الكاتبة، فالكاتب هو الأخر قد يتهم، لكن الاتهامات الموجهة للمرأة مضاعفة فهي في هذه الحالة لاتعد جريئة فقط بتطرقها للجنس، وانما هي "خبيرة" في هذا المجال،وبالتالي فهي متهمة اجتماعيا وليس فقط ابداعيا.  اقتربنا من بعض الاعلاميات المتخصصات والكاتبات الجزائريات،لتسليط الضوء على هذا الإشكال وكيفية تعامل المبدعة مع الكتابة في الجنس،فأجمعت الإجابات على ان الابداع لايحب بأي حال من الأحوال ان يبقى رهينة مثل هذه الاتهامات،باعتبار ان الجنس جزء من حياتنا وبالتالي لايمكن ان نتجنب الحديث عنه،لكنهن اعتبرن ان الابتذال والتطرق المجاني لهذا الموضوع في غياب أي تناسق مع العمل الابداعي ليس هو المطلوب.  ندى مهري: ثورة جسد الأنثى إبداعيا بالنسبة للكاتبة والإعلامية الجزائرية المقيمة بالقاهرة ندى مهري فان المرأة دائما متهمة في جسدها،وذلك بسبب أحكام ذكورية واجتماعية قيدت عقل الأنثى بجسدها وسيجته من خلال قائمة من المحظورات .غير أنها تشدد على التذكير بان الأدب العربي وعلى امتداد العصور وخاصة في عصور الازدهار"احتفى بالجسد والجنس كمادة محورية ومكملة للفعل الإبداعي حيث لا متعة مطلقة خارج منطقة الحب والجنس واختراق الطابوهات" .أكثر من ذلك فإنها تنبه إلى إن اللغة العربية من أكثر اللغات إبهارا وتشويقا في التعبير عن الجنس.  وتقول إن تطرق المرأة المبدعة للكتابة عن الجسد وتعريته أمام المتلقي له أسبابه الكثيرة منها جره إلى أنسنته وحضارته وتغيير الصورة النمطية التي سنها العرف الذكوري لنظرته لجسد المرأة وألزمته العادات الاجتماعية كقانون وصاية."إذ يعتبر جسد المرأة من ممتلكات المجتمع ضمن مبادىء الضمير الجمعي وليس ملكها الشخصي،وإذا أصبح أدب الجسد أكثر إلحاحا في السنوات الأخيرة للمرأة الكاتبة فربما لأنه حان الوقت للتعامل مع الجسد كأي مادة إبداعية أخرى ويأخذ حقه في التوظيف الإبداعي. وسواء كانت المرأة المبدعة غاضبة من تحجيمها جنسيا أو جريئة أو تكتب كردة فعل ضد قوانين اجتماعية وثقافية صارمة اغتالت حق التعبير عن جسدها كأنثى ،أو فقط لأنها تؤمن بدورها في إيصال رسالة ما إلى المتلقي كأي رسائل إبداعية أخرى ، تظل ثورة الجسد في (إبداع المرأة ) ضمن أولويات أدواتها الكتابية".  وتعترف محدثتنا ان الإشكالية المطروحة هي ممارسة عملية النقد في كتابة المرأة المبدعة عن الجنس إذ تواجه بنقد ضيق وبتصنيفات لا حصر لها وبتهم، وغالبا ما تواجه كتاباتها من منظور أخلاقي وديني ، وليس من منظور نقدي حقيقي بناء وفعال من جهة. ومن جهة أخرى-تضيف- يجب أيضا فرز أدب الجسد الذي تكتبه المرأة والتمييز بين الغث والسمين لأن الكتابة غير الموظفة إبداعيا في هذا المجال قد يضعها أسيرة الصورة الضيقة وإشعارها بالعجز عن مواكبة التوظيف الحقيقي للإبداع بكل مفرداته وقضاياه المتنوعة .  ربيعة جلطي: الجنس ليس موضوعا للكتابة المراهِقة وهو الرأي الذي تقاسمه إياها الكاتبة الجزائرية ربيعة جلطي التي تؤكد على مسالة هامة من خلال قولها"لا تشدني حين قراءاتي لبعض الروايات العربية وجود المشاهد الجنسية المتراكمة المجانية الملصقة بطريقة مقحمة و غير شعرية، فالقارئ الأدبي يكتشف بسهولة أنها دخيلة على بنية النص من حيث السردية و كذا من حيث الحبكة و البنية الروائية. لقد أصبح "الجنس" كموضوعة روائية طريقا بسيطا لادعاء "الشجاعة" الأدبية المفتعلة، وكثير من كتاب وكاتبات الجنس في الرواية العربية ينحون المنحى ذاك لمسايرة ما يطلبه الجمهور المراهق!".  في السياق تعتبر ان الجنس ليس موضوع "مراهقة" بل "طريق لاكتشاف المكبوت و الغائب الحاضر".إذ ترى انه من العيب الفني و الخلل الجمالي إقحام موضوع الجنس في بناء الرواية دون أن يمثل جزءا في بنيتها اللغوية والأسلوبية الداخلية،وتضرب هنا مثلا عن بعض كتاب أمريكا اللاتينية الذين نجحوا في توظيف الجنس في نصوصهم لأنهم تمكنوا من أن يعطوا لأدبهم قوة الصدق والواقعية الرمزية. تقول" إننا نحس و نحن نقرأ أعمال ماركيز الروائية مثلا أن الجنس مسألة داخلية في عملية الكتابة كما هي داخلية في الحياة فهي مثل الأكل والشرب والنزهة و الابتسامة و اللغة. وكقارئة، كنت ومازلت اقرأ الرواية بنهم وذلك منذ صغري، ويزعج ذوقي و ينفره حشو العمليات الجنسية في الكتابات الروائية، ولا تهمني الضجّة التي تحدثها الروايات بسبب إثارتها. بل ما يهمني هو الإدهاش الذي تخلفه رواية ما فيّ، وبالتالي تصحبني في حياتي و في هواجسي".  وعن استعمالها لموضوع الجنس في كتباتها تقول صاحبة رواية "الذروة": "في كتاباتي إنه ظل السياسة و مفتاح لقراءة السلطة القامعة في تجلياتها "اللاواعية"، يمكننا قول الجنس أدبيا بطرق فنية قادرة على توصيل الرسالة دون إسفاف وبكثير من الانتباه لدى القراء لكن دون السقوط في السوقية وفي البورنوغرافية التي ماهي سوى استهلاك بئيس للجسد أنثويا كان أو ذكريا، إنها تفرغه من كل جمال و من كل أخلاق و من كل قيمة إنسانية عالية". وفي ما يخص تجربتها تعتبر انها لاتتضمن أي "مشهد عار لعملية جنسية استهلاكية رخيصة سواء في كتبي التي تضمنت أشعاري المبنية على عملية الحكي أو في نصوصي النثرية الأخرى أو في روايتي "الذروة"، إنني كاتبة الغواية و الفتنة و الحب انطلاقا من أن الجسد له سحره و له لغته و له نداؤه و للقلب و الروح نداؤهما، كتبت كل ذلك من خلال إيحاءات شعرية و رمزية تترك للقارئ حرية استكمال المشهد و الإبداع فيه. إن هاجسي أيضا هو الاقتراب من واقعنا وعالمنا العربي المهووس بمرض الاستهلاك، استهلاك كل شيء بما فيه الجنس كجزء لا يتجزأ من الحياة وأخلاقياتها وبالتالي تفريغه من إنسانيته و روحانياته و أبعاده الجمالية".  وتوضح السيدة ربيعة جلطي هذا الجانب في ابداعاتها قائلة "عندما أكتب أجد نفسي دائما، بشكل واع أو غير واع، أتعامل في نصوصي مع قارئ افتراضي واع وبالغ، لا أتخيله مراهقا ولا أدخل عالمه لا من خلال استثارته ولا من باب عاداته السرية، لذلك فما يهمني في القارئ أكثر هو محاورة نصفه الأعلى الذي يفكر ويلاحظ ويضحك ويحب ويغضب ويسخر وينكت ويطرح الأسئلة اللولبية الخطيرة،معي في كل تفاصيل الحياة العديدة وموضوعاتها المختلفة ومنها موضوع الجنس". وتختتم كلامها معنا بالاشارة "أنا كروائية وشاعرة رغبتي المثلى الكتابة بحرية تامة عن كل ما يدور في ذهن الشخوص و الأبطال وفي لا شعورهم وبصدق، صدق فني يشتغل على المخيال والذاكرة و سحر اللغة".  سألنا لطيفة وهي إعلامية مختصة في المجال الثقافي عن الموضوع فردت أولا بطرح سؤال مفاده" هل عندما تكتب المرأة عن الجنس، يمر الأمر بسلام؟" لتجيب قائلة وبكل حزم "لا اعتقد ذلك ففي الكثير من الأحيان تتهم الكاتبة بأنها مارست ما تكتب عنه وإلا كيف لها أن تعرف كل هذه التفاصيل الحميمية؟". وبالنسبة لمحدثتنا فان الكتابة عن الجنس غاية في الطبيعة باعتباره جزء من حياتنا، مع ذلك فان الأمر ليس بهذه السهولة حيث قد يجد الكاتب نفسه محل اتهامات وشبهات وكأن ما يكتبه واقع ويعكس حياته الشخصية.وإذا كان هذا حال الرجل الكاتب فمابالك بالمرأة الكاتبة التي قد تشعر أنها في قفص الاتهام لمجرد أنها امرأة."أوليست هي محل فتنة وقد تجر الكثيرين إلى نار جهنم؟"،فكيف لها أن تتجرأ وان تكتب عن مواضيع يمارسها الكثيرون ولا يتحدث عنها إلا القليلون.فموضوع الجنس يدخل في المحظورات وان كان كما ذكرت سابقا جزء مهم من حياتنا.  بالمقابل فان لطيفة مقتنعة بأنه على الكاتبة أن تتخطى كل هذه العقبات وان تعبرّ بكل حرية وتخرج من قوقعة كونها امرأة وهو ماقد يجعلها حذرة في كل ما تفعله وتقوله، بل من الضروري أن تساهم في توعية المجتمع وتثقيفه، و من الضروري أن تتناول الطابوهات في أعمالها الأدبية. لكنها في نفس الوقت تنبه إلى مسالة عدم الابتذال في الطرح التي تم الحديث عنها سابقا،وتقول"انه من الواجب أيضا أن يتم التعامل مع الطابوهات بهدف الكشف عنها ومحاربة ما يجب محاربته والأخذ بيد القارئ للخوص في هذه المواضيع المحرمة وفهمها ومحاولة مواجهتها بكل شجاعة،فأنا اعترض عن لجوء بعض الكتاب والكاتبات من باب"البرهنة على الشجاعة والحرية" لتناول الجنس بشكل لا يتناسب مع موضوع العمل أي ان يكتبوا عن الجنس أو موضوعا آخر بشكل غير متناسق مع عملهم الأدبي فيظهر كجزء شاذ وخارج عن الموضوع ولا يؤدي مهمته، بل قد يفهم انه يحرّض على الرذيلة وما شابهها. لهذا فانا مع الحرية في التعبير ولكن بمسؤولية وإدراك عميقين".

 مقالات 

حنان حيمر - الجزائر 

الحديث عن الإبداع الأدبي يمكن ان يتفرع لعدة جوانب،ولكن الأهم في الموضوع هو ان يؤدي الإبداع مايرمي إليه باعتباره رسالة اجتماعية وشخصية فضلا عن كونه تعبيرا حرا عن مكنونات وعن تجارب إنسانية تستحق ان تروى ليشرك فيها الآخرون،سواء من باب المعرفة أو حتى مجرد الترفيه عن النفس.والإبداع لايمكنه ان يكون كاملا بدون حرية التعبير وحرية طرح الموضوعات مهما كانت طبيعتها، لذا يكافح ويناضل المبدعون في جميع المجالات وفي كل أنحاء العالم،نضالا شرسا أحيانا،من اجل فرض وجهة نظر غير مقبولة سياسيا أو اجتماعيا،مما قد يكلفهم أحيانا حياتهم.

والمبدع لايكافح ضد القوى السياسية أو الدينية أو الاجتماعية وحتى الاقتصادية، فهو كثيرا مايصارع نفسه لتجاوز مقص رقابته الذاتي الذي تفرضه عليه تركيبة اجتماعية أو شخصية معقدة،لاسيما في بلداننا العربية حيث تكثر الطابوهات والممنوعات والمحرمات.فرأي العائلة أو الأصدقاء أو الأقرباء بل والمجتمع برمته قد يكون في ذهن المبدع وهو يخرج للنور بوتقة أفكاره وفنه.

وإذا كان الإشكال يطرح على الجميع، فانه انشغال اكبر لدى المرأة لأنها في مجتمعاتنا دائما متهمة،ولهذا فان الآخرين يبدون أحيانا وكأنهم لايفعلون إلا الانتظار من اجل الحصول أخيرا على دليل الإدانة، الذي يورطها.ولذا فانها في حالة الكتابة تجد نفسها وهي تخلق شخصياتها الخيالية في موقف لاتحسد عليه،إي مضطرة للاختيار بين أمرين لاثالث لهما، اما الكتابة بكل حرية وبالتالي مواجهة الاحكام التي ستسلط عليها،وإما عدم الكتابة والاكتفاء بنفسها كقارئ وحيد.

ولعل أهم ماتدان به المرأة الكاتبة في مجتمعاتنا هو التطرق لموضوع "الجنس"،فهو من اكبر الطابوهات في بلداننا،ولذا فان أي حديث عنه يحيل إلى إصدار أحكام.صحيح أن الأمر ليس استثناء بالنسبة للمرأة الكاتبة، فالكاتب هو الأخر قد يتهم، لكن الاتهامات الموجهة للمرأة مضاعفة فهي في هذه الحالة لاتعد جريئة فقط بتطرقها للجنس، وانما هي "خبيرة" في هذا المجال،وبالتالي فهي متهمة اجتماعيا وليس فقط ابداعيا.

اقتربنا من بعض الاعلاميات المتخصصات والكاتبات الجزائريات،لتسليط الضوء على هذا الإشكال وكيفية تعامل المبدعة مع الكتابة في الجنس،فأجمعت الإجابات على ان الابداع لايحب بأي حال من الأحوال ان يبقى رهينة مثل هذه الاتهامات،باعتبار ان الجنس جزء من حياتنا وبالتالي لايمكن ان نتجنب الحديث عنه،لكنهن اعتبرن ان الابتذال والتطرق المجاني لهذا الموضوع في غياب أي تناسق مع العمل الابداعي ليس هو المطلوب.

ندى مهري: ثورة جسد الأنثى إبداعيا

بالنسبة للكاتبة والإعلامية الجزائرية المقيمة بالقاهرة ندى مهري فان المرأة دائما متهمة في جسدها،وذلك بسبب أحكام ذكورية واجتماعية قيدت عقل الأنثى بجسدها وسيجته من خلال قائمة من المحظورات .غير أنها تشدد على التذكير بان الأدب العربي وعلى امتداد العصور وخاصة في عصور الازدهار"احتفى بالجسد والجنس كمادة محورية ومكملة للفعل الإبداعي حيث لا متعة مطلقة خارج منطقة الحب والجنس واختراق الطابوهات" .أكثر من ذلك فإنها تنبه إلى إن اللغة العربية من أكثر اللغات إبهارا وتشويقا في التعبير عن الجنس.

وتقول إن تطرق المرأة المبدعة للكتابة عن الجسد وتعريته أمام المتلقي له أسبابه الكثيرة منها جره إلى أنسنته وحضارته وتغيير الصورة النمطية التي سنها العرف الذكوري لنظرته لجسد المرأة وألزمته العادات الاجتماعية كقانون وصاية."إذ يعتبر جسد المرأة من ممتلكات المجتمع ضمن مبادىء الضمير الجمعي وليس ملكها الشخصي،وإذا أصبح أدب الجسد أكثر إلحاحا في السنوات الأخيرة للمرأة الكاتبة فربما لأنه حان الوقت للتعامل مع الجسد كأي مادة إبداعية أخرى ويأخذ حقه في التوظيف الإبداعي. وسواء كانت المرأة المبدعة غاضبة من تحجيمها جنسيا أو جريئة أو تكتب كردة فعل ضد قوانين اجتماعية وثقافية صارمة اغتالت حق التعبير عن جسدها كأنثى ،أو فقط لأنها تؤمن بدورها في إيصال رسالة ما إلى المتلقي كأي رسائل إبداعية أخرى ، تظل ثورة الجسد في (إبداع المرأة ) ضمن أولويات أدواتها الكتابية".

وتعترف محدثتنا ان الإشكالية المطروحة هي ممارسة عملية النقد في كتابة المرأة المبدعة عن الجنس إذ تواجه بنقد ضيق وبتصنيفات لا حصر لها وبتهم، وغالبا ما تواجه كتاباتها من منظور أخلاقي وديني ، وليس من منظور نقدي حقيقي بناء وفعال من جهة. ومن جهة أخرى-تضيف- يجب أيضا فرز أدب الجسد الذي تكتبه المرأة والتمييز بين الغث والسمين لأن الكتابة غير الموظفة إبداعيا في هذا المجال قد يضعها أسيرة الصورة الضيقة وإشعارها بالعجز عن مواكبة التوظيف الحقيقي للإبداع بكل مفرداته وقضاياه المتنوعة .

ربيعة جلطي: الجنس ليس موضوعا للكتابة المراهِقة

وهو الرأي الذي تقاسمه إياها الكاتبة الجزائرية ربيعة جلطي التي تؤكد على مسالة هامة من خلال قولها"لا تشدني حين قراءاتي لبعض الروايات العربية وجود المشاهد الجنسية المتراكمة المجانية الملصقة بطريقة مقحمة و غير شعرية، فالقارئ الأدبي يكتشف بسهولة أنها دخيلة على بنية النص من حيث السردية و كذا من حيث الحبكة و البنية الروائية. لقد أصبح "الجنس" كموضوعة روائية طريقا بسيطا لادعاء "الشجاعة" الأدبية المفتعلة، وكثير من كتاب وكاتبات الجنس في الرواية العربية ينحون المنحى ذاك لمسايرة ما يطلبه الجمهور المراهق!".

في السياق تعتبر ان الجنس ليس موضوع "مراهقة" بل "طريق لاكتشاف المكبوت و الغائب الحاضر".إذ ترى انه من العيب الفني و الخلل الجمالي إقحام موضوع الجنس في بناء الرواية دون أن يمثل جزءا في بنيتها اللغوية والأسلوبية الداخلية،وتضرب هنا مثلا عن بعض كتاب أمريكا اللاتينية الذين نجحوا في توظيف الجنس في نصوصهم لأنهم تمكنوا من أن يعطوا لأدبهم قوة الصدق والواقعية الرمزية.

تقول" إننا نحس و نحن نقرأ أعمال ماركيز الروائية مثلا أن الجنس مسألة داخلية في عملية الكتابة كما هي داخلية في الحياة فهي مثل الأكل والشرب والنزهة و الابتسامة و اللغة. وكقارئة، كنت ومازلت اقرأ الرواية بنهم وذلك منذ صغري، ويزعج ذوقي و ينفره حشو العمليات الجنسية في الكتابات الروائية، ولا تهمني الضجّة التي تحدثها الروايات بسبب إثارتها. بل ما يهمني هو الإدهاش الذي تخلفه رواية ما فيّ، وبالتالي تصحبني في حياتي و في هواجسي".

وعن استعمالها لموضوع الجنس في كتباتها تقول صاحبة رواية "الذروة": "في كتاباتي إنه ظل السياسة و مفتاح لقراءة السلطة القامعة في تجلياتها "اللاواعية"، يمكننا قول الجنس أدبيا بطرق فنية قادرة على توصيل الرسالة دون إسفاف وبكثير من الانتباه لدى القراء لكن دون السقوط في السوقية وفي البورنوغرافية التي ماهي سوى استهلاك بئيس للجسد أنثويا كان أو ذكريا، إنها تفرغه من كل جمال و من كل أخلاق و من كل قيمة إنسانية عالية".

وفي ما يخص تجربتها تعتبر انها لاتتضمن أي "مشهد عار لعملية جنسية استهلاكية رخيصة سواء في كتبي التي تضمنت أشعاري المبنية على عملية الحكي أو في نصوصي النثرية الأخرى أو في روايتي "الذروة"، إنني كاتبة الغواية و الفتنة و الحب انطلاقا من أن الجسد له سحره و له لغته و له نداؤه و للقلب و الروح نداؤهما، كتبت كل ذلك من خلال إيحاءات شعرية و رمزية تترك للقارئ حرية استكمال المشهد و الإبداع فيه. إن هاجسي أيضا هو الاقتراب من واقعنا وعالمنا العربي المهووس بمرض الاستهلاك، استهلاك كل شيء بما فيه الجنس كجزء لا يتجزأ من الحياة وأخلاقياتها وبالتالي تفريغه من إنسانيته و روحانياته و أبعاده الجمالية".

وتوضح السيدة ربيعة جلطي هذا الجانب في ابداعاتها قائلة "عندما أكتب أجد نفسي دائما، بشكل واع أو غير واع، أتعامل في نصوصي مع قارئ افتراضي واع وبالغ، لا أتخيله مراهقا ولا أدخل عالمه لا من خلال استثارته ولا من باب عاداته السرية، لذلك فما يهمني في القارئ أكثر هو محاورة نصفه الأعلى الذي يفكر ويلاحظ ويضحك ويحب ويغضب ويسخر وينكت ويطرح الأسئلة اللولبية الخطيرة،معي في كل تفاصيل الحياة العديدة وموضوعاتها المختلفة ومنها موضوع الجنس".

وتختتم كلامها معنا بالاشارة "أنا كروائية وشاعرة رغبتي المثلى الكتابة بحرية تامة عن كل ما يدور في ذهن الشخوص و الأبطال وفي لا شعورهم وبصدق، صدق فني يشتغل على المخيال والذاكرة و سحر اللغة".

سألنا لطيفة وهي إعلامية مختصة في المجال الثقافي عن الموضوع فردت أولا بطرح سؤال مفاده" هل عندما تكتب المرأة عن الجنس، يمر الأمر بسلام؟" لتجيب قائلة وبكل حزم "لا اعتقد ذلك ففي الكثير من الأحيان تتهم الكاتبة بأنها مارست ما تكتب عنه وإلا كيف لها أن تعرف كل هذه التفاصيل الحميمية؟".

وبالنسبة لمحدثتنا فان الكتابة عن الجنس غاية في الطبيعة باعتباره جزء من حياتنا، مع ذلك فان الأمر ليس بهذه السهولة حيث قد يجد الكاتب نفسه محل اتهامات وشبهات وكأن ما يكتبه واقع ويعكس حياته الشخصية.وإذا كان هذا حال الرجل الكاتب فمابالك بالمرأة الكاتبة التي قد تشعر أنها في قفص الاتهام لمجرد أنها امرأة."أوليست هي محل فتنة وقد تجر الكثيرين إلى نار جهنم؟"،فكيف لها أن تتجرأ وان تكتب عن مواضيع يمارسها الكثيرون ولا يتحدث عنها إلا القليلون.فموضوع الجنس يدخل في المحظورات وان كان كما ذكرت سابقا جزء مهم من حياتنا.

بالمقابل فان لطيفة مقتنعة بأنه على الكاتبة أن تتخطى كل هذه العقبات وان تعبرّ بكل حرية وتخرج من قوقعة كونها امرأة وهو ماقد يجعلها حذرة في كل ما تفعله وتقوله، بل من الضروري أن تساهم في توعية المجتمع وتثقيفه، و من الضروري أن تتناول الطابوهات في أعمالها الأدبية.

لكنها في نفس الوقت تنبه إلى مسالة عدم الابتذال في الطرح التي تم الحديث عنها سابقا،وتقول"انه من الواجب أيضا أن يتم التعامل مع الطابوهات بهدف الكشف عنها ومحاربة ما يجب محاربته والأخذ بيد القارئ للخوص في هذه المواضيع المحرمة وفهمها ومحاولة مواجهتها بكل شجاعة،فأنا اعترض عن لجوء بعض الكتاب والكاتبات من باب"البرهنة على الشجاعة والحرية" لتناول الجنس بشكل لا يتناسب مع موضوع العمل أي ان يكتبوا عن الجنس أو موضوعا آخر بشكل غير متناسق مع عملهم الأدبي فيظهر كجزء شاذ وخارج عن الموضوع ولا يؤدي مهمته، بل قد يفهم انه يحرّض على الرذيلة وما شابهها. لهذا فانا مع الحرية في التعبير ولكن بمسؤولية وإدراك عميقين".

تعليقات