ذوقها الرفيع في اختيار كلمات أغانيها وتبديل بعضها يشهد لها انها لم تكن مطربة أصيلة فحسب؛ بل أديبة ذواقة من طراز رفيع؛ يذكر مثلاً أنها استبدلت قولها (نعم انا مشتاق) بقول أبي فراس (بلى أنا مشتاق) كرهت الإيحاء الذي تحمله كلمة (بلى)، وحين غنت (أنت عمري) استبدلت (رجعوني عينيك) بقول أحمد شفيق كامل
(الاشتراكيون أنت أمامهم) .... كانت تلك رغبة القصر الملكي حين علا نجم اليساريين، بعد سنوات غنت أم كلثوم من شعر إبراهيم ناجي قصيدة (الأطلال) حذرها بعض النقاد من صعوبة القصيدة الغنائية، فلربما استعصت على ذوق العامة، ولكنها راهنت على نجاحها، فكانت الأطلال واحداً من مئة عمل هي الأفضل في القرن العشرين... توالت نجاحات أغاني أم كلثوم بعد (الأطلال) كما تتالت قبلها.
في القاهرة ظهرالروائي يوسف السّباعي ليلقى النبأ وينعيها ولكن لم ينع تاريخاً من المجد خلفته وراءها، هو الخالد في فوضى صناعة النجوم الذين يريدون في أشهر ما صنعته أم كلثوم في عقود، أما الأمير عبد الله الفيصل الذي غنت أجمل قصائده: (من أجل عينيك عشقت الهوى) و(ثورة الشك) فقد أرسل بعضاً من ماء زمزم من الأراضي المقدسة واجباً أخيراً يليق بالمناسبة والفقيدة.
صحيفة التايمزقالت: إنها من رموز الوجدان العربي الخالدة ، صحيفة ألمانية كتبت: إن مشاعر العرب اهتزت من المحيط إلى الخليج، أما الصحف العربية فقد رددت النبأ في الصفحات الأولى، بينما سيطر الوجوم على العرب؛ كانوا يعرفون أنهم فقدوا رابطاً حقيقياً بينهم, وفقد العالم العربي نجمة في سمائه؛ ولا أحب لقب (كوكب الشرق) الذي أطلق عليها؛ ذاك ان الكوكب معتم في ذاته، وتضيؤه نجمة، هكذا كانت أم كلثوم التي تهاوى بوفاتها هرم رابع.