أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

مقالات أمل المشايخ - الأردن في يوم الأم كنت أعتزم الكتابة عن الطفولة، ولكن عدداً من صديقاتي أرسلن إليّ بورودهن وبطاقاتهن ذاك الصباح، صديقتي العشرينة ديمة كتبت إليّ تقول: "خذيني إذا عدت يوما وشاحاً لهدبك، وغطّي عظامي بعطر تعمد من طهر كعبك، حفظك الله .......... واسمحي لي أن أدعوك بالأم الإلكترونية"  أي عقد من المسؤولية والعرفان طوّق العنق مني بقولك هذا صديقتي الجميلة ....  ويأتي يوم الأم هذا العام – كما العام المنصرم - في ظل الرّبيع العربي إذ علقت إحدى الصديقات بتحسر: "ممن تسمع الأم كل عام وأنت بخير وأبناؤها رحلوا، ولمن يقول الأبناء كل عام وأنت بخير يا أمي وأمهاتهم رحلن..." هي الضريبة التي يدفعها الرّبيع لكل فصول السّنة؛ لينبجس الصّخر ينابيع دافقة، وتزّين الأرض جناناً خضراً.  ومهما يكن من أمر فيوم الأم دعوة لكل الأمهات والآباء؛ لينعموا النظر في خطابهم التّربوي تجاه أبنائهم لئلا يكونوا - يوماً - عبئا عليهم؛ حين يسلطون عليهم سيف المنّة، خطاب تربوي من شأنه أن يجعل الأبناء يسعون إلى آبائهم؛ لأنهم سيجدون حضنا دافئا، وحكمة تكوّنت من عصارة تجربة بوسعهم أن ينهلوا منها كلما ألمت بهم الخطوب، يوم الأم دعوة لفهم الجيل الجديد حتى نكفّ عن تراجيديا المقارنات، حين تبدوالمقارنة لا جدوى منها، لا بل نراها تتحول إلى تحسّر وغنائية أقرب إلى البكاء.  الأمومة هي أنوثة المرأة الخالدة، هي سبب الكيان حين قال الله - تباركت أسماؤه - للوجود كن فكان، وكانت الأمومة عنوان الخصب، ومعنى الوجود وسره الأعمق، وكنهه الأسمى والأغلى.... حين تحضر الأمهات يحضر معهن أنس الوجود، ودفء الكون، وحلاوة الحب، وترياق الفرح. ‎ أما نحن الذين فقدنا أمهاتنا فكان عيد الأم لحظة صمت، وفرصة للتأمل وتداعي الذكريات، إنه لحظة خشوع في حضرة آذار.  ماذا أقول يا أمي في عيدك الذي اجترحته الشعوب وجعلت لك يوماً من العام يحتفلون فيه كل دورة شمس ... ؟ هل أقول كل عام وأنت حبيبتي؟.. أم أقول لك الورد المنثور على القامات كحد السيف ....  إليك يا أمي في أعيادك التي تدور مع الشمس بعدد أيام الخليقة وعدد قطرات الندى على أزاهير الأرض، وعدد النجمات السّاهرات في ربيع آذار أهديك في عليين الكلمات الخالدات، والتراتيل التامات: " وقل ربّ ارحمهما كما ربياني صغيراً" ...... إلى كل الأمهات: أمهات الأحياء، وأمهات الشهداء اللائي يمشين شامخات على الأرض واللائي احتضن التراب أجسادهن وصعدت أرواحهن إلى الجنان ...في عيدكن إني أحبكن جميعاً.

مقالات

أمل المشايخ - الأردن


فرغ أبناؤنا من أدائهم لامتحانات نهاية الفصل الثاني قبل أيام؛ في أجواء تعيد إلى الذّهن مواسم الحصاد، وحتى يكون الموسم وفيراً يخطر لي أن أتساءل: إلى أي حدّ نجح نظام الامتحان في البلاد العربية في تقييم وتقويم ما قد حصلّه التلاميذ خلال فترة زمنية محددة؟ وإلى أي مدى نجح هذا النظام في خلق تلميذ يعي ما تعلمه، وعلى استعداد لاسترجاعه وتوظيفه في مواقف حياتية ملائمة؟...

بتتبع ما يجري نجد أن الكثير من التلاميذ يدرس ويؤدي الامتحان للحصول على الدرجة التي تؤهله للتفوق أو النجاح وحسب، يستظهر المادة المحفوظة ثم سرعان ما ينسىاها؛ لعلمه أنه لا دور لها سوى هذا؛ ذلك أن مناهجنا قائمة على الحفظ أكثر من التحليل والتجربة والمنطق الذي يصل إلى النتائج بالاستناد إلى مقدمات صحيحة تعينهم على حل مشكلاتهم الحياتية مستقبلا حين يغدو كلّ منهم رباً لأسرة، وعضواً فاعلاً في مجال ما.

جدية الامتحان نابعة من جدية طرق التدريس؛ فهذه تفضي إلى تلك، فهل يراعى في إعداد الأسئلة الفروقات الفردية بين التلاميذ؟ وهل نجد فيها التحدي للنابهين منهم؟...

الامتحان الجيد يقيم طرفيّ العملية التربوية معاً: المعلم والطالب، أما النظام القائم فكأنه يقيم شريحة واحدة من الطلاب هم الذين لديهم الاستعداد للمذاكرة والحفظ، فكان عدم أخذ الشرائح الأخرى بعين الاعتبار فشلاً لنظام الامتحانات والطالب والمعلم في آن معا من حيث كان يفترض البحث عن وسائل وآليات واستراتيجيات يستفاد من خلالها من طاقات هؤلاء النشء في البحث والتحضير لموضوعات يقوم المعلم بتوجيههم إلى أهم مصادرها ثم يقوم الطلبة بالبحث وتدارس هذه الموضوعات في حلقات نقاشية يشرف عليها المعلم؛ فإن ذلك أدعى أن يكفل لهم المعلومة والقدرة على التعبير الأمر الذي يعزز قوة الشخصية وتقدير الذات التي تعدّ أسمى غايات العملية التربوية.

وعليه فإنه بوسعنا أن نصف النظام التربوي في عالمنا العربي – دون إجحاف أو تجنٍ - بأنه نظام تقليدي فاقد الغايات والأهداف البعيدة؛ ذاك أنه – بالجملة - يقيس مهارة واحدة، ويقيم الطالب من الوجهة الأقل أهمية وهي مهارة الحفظ التي تعدّ المهارة الأدنى في الوقت الذي يعدّ التفكير الناقد هو الأعلى بين هذه المهارات ؛ فكانت المخرجات التعليمية ما نرى، فضلاً عما يضفيه جو الامتحان من توتر للطالب والأسرة والمجتمع الذين حفظوا عن ظهر قلب أيضاً: "عند الامتحان يكرم المرء أو يهان" وهنا لا بد من الإشارة إلى أن القلق والخوف عند الامتحان ينتاب الطلبة جميعاً بل وذويهم أيضاً، ولكن علينا أن نميز بين نوعين من القلق: الأول هو قلق الرّغبة في النجاح والتفوّق وهو قلق محفز ومطلوب، أما الثاني فهوقلق سببه الرّهبة والخوف من الفشل وهو الذي يثبط الهمّة ويذهب بالجهد أدراج الرياح ويزعزع الثقة بين الطالب والمعلم الذي ينتظر أن تكون مهمته التشجيع والمساعدة لينحو بالطالب نحو الأفضل, لا أن يقيمه عن طريق امتحان له إجابة واحدة منصوص عليها من الجهات القائمة على الامتحان؛ الأمر الذي يحرم التلاميذ فرصة التعبير بلغتهم عما قرأوا وفهموا، لا ما حفظوه عن ظهر قلب من دروسهم المطلوبة، فلعل ذلك يعيد الألفة والثقة بين المعلم والطالب من جديد.

وليست تلك دعوة إلى إلغاء الامتحان ولكنها دعوة إلى عدم الركون للامتحان المكتوب كوسيلة يتيمة، ربما كان في تغيير المناهج بما ينسجم مع مهارات التفكير المناسبة لكل مرحلة خطوة مهمة على درب النهوض بالعملية التعليمية لتواكب عصراً يوصف بانه عصر انفجار المعلومة في عالم يتحدث عن اكتشاف كوكب قوامه الماس فماذا فعلنا على أرض مدارسنا؟

تعليقات