بقلم: نجوين كوينه فونج/ تغريد NGUYEN QUYNH PHUONG
أ- تنويه:
ب- هويتي ومقصدي:
المغرب معروفٌ بتنوعه الثقافي واللغوي؛ ما يوفر فرصا للتفاعل مع ثقافات متعددة، واكتساب رؤية أوسع. الرباط مدينة الأنوار والعاصمة الثقافية والإدارية للمملكة المغربية. عندما غادرت فيتنام متوجهة إلى الرباط، كانت لدي توقعات كبيرة وآمال كبيرة بشأن تجربتي. كنت أتطلع إلى تحسين مهاراتي في اللغة العربية، خاصة اللغة الفصحى، وفهم اللهجات المحلية مثل الدارجة المغربية. رغبت في التعرف على الثقافة المغربية والعادات والتقاليد، وبناء علاقات جديدة مع زملائي المغاربة والطلبة الأجانب. كنت أسعى إلى تحقيق تطور أكاديمي بالدراسة في بيئة تعليمية جديدة ومختلفة، والاستفادة من خبرات الأساتذة والمصادر الأكاديمية المتاحة.
عند وصولي إلى الرباط، بدأت رحلتي في التكيف مع المدينة والجامعة. في الأسابيع الأولى، بدأت أكتشفُ الجوانبَ المختلفة للحياة في الرباط. اكتشفت المدينة ومعالمها التاريخية والأسواق المحلية، وتعرفت على الأطعمة المغربية اللذيذة مثل الطاجين والكسكس والمروزيا والطنجية. اعتدت حضور المحاضرات والتفاعل مع أساتذتي وزملائي؛ ما ساعدني على التكيف بالتدريج مع البيئة الأكاديمية الجديدة.
تجربتي في الرباط كانت مليئة بالتحديات، لكنها كانت أيضًا مليئة بفرص تعلم مهارات جديدة في التدريس والحياة. في هذه الرحلة-على قصرها- تعلمت الكثير عن اللغة العربية، وعن الثقافة المغربية، وعن نفسي أيضا. كانت التجربة جزءًا لا يتجزأ من مسيرتي الأكاديمية والشخصية، وستظل ذكرياتها ودروسها تصاحبني إلى الأبد.
ج-الثقافة واللغة
الثقافة المغربية مزيجٌ فريدٌ من التأثيرات الأمازيغية والعربية الأندلسية و والأوروبية والإفريقية. يتجلى هذا المزيج في الحياة اليومية لسكان الرباط، من خلال الفنون و الموسيقى وأطباق المأكولات و والأزياء. الموسيقى المغربية- خاصة موسيقى "الطرب الأندلسي" و"الراي" و"كناوة" و"الغيوان" و"أحواش"- تلعب دورًا كبيرًا في المناسبات الاجتماعية . الطعام المغربي يشمل أطباقًا مثل الطاجين والكسكس والبسطيلة والطنجية. وهو غني بالنكهات والتوابل. الأزياء التقليدية مثل الجلباب والقفطان تظهر في مختلف الحفلات الوطنية والدينية، وتعتبر جزءًا من الهوية الثقافية المغربية.
التفاعل معهم يوميا كان مفتاح تعلمي وفهمي العميق للغة والثقافة في الأسواق والمقاهي والمطاعم. هم ودودون، يحبون التحدث مع الأجانب بصدر رحب. حضور الحفلات والمهرجانات أعطاني فرصة لفهم الثقافة المغربية ، و استيعاب العادات والتقاليد عن قرب.
د-الجامعة والدراسة
جامعة محمد الخامس تتمتع بحرم جامعي جميل وبيئة تعليمية محفزة. المباني تجمع بين الطراز المعماري التقليدي والحديث كما تجسده روح المدينة. المرافق تشمل مكتبات مجهزة بشكل جيد، مختبرات، وقاعات دراسية حديثة تسهم في توفير جو مناسب للتعلم والبحث. النظام الأكاديمي في الجامعة يركز على تطوير مهارات الطلاب بمنهاج متوازن يجمع بين الدراسات النظرية والتطبيقية. تضم المناهج مجموعة من المواد المتعلقة باللغة العربية والأدب، مثل الشعر الجاهلي والأدب الأندلسي والنقد الأدبي والسرد الحديث والقديم، واللسانيات، والسيميائيات. الأساتذة يستخدمون طرائق تدريس تفاعلية، تشمل المناقشة والحوار الجماعييْن، والعروض والأبحاث والتقارير. هذا الأسلوب يساعد على تطوير التفكير النقدي والقدرات التحليلية. الأساتذة -في جامعة محمد الخامس- يمتلكون خبرة واسعة ومعرفة عميقة في مجالات تخصصهم. كانوا دائمًا مستعدين لتقديم الدعم الأكاديمي والنصائح لنا، سواء أ في الأقسام والمدرجات أم في خارجها. كان لدي العديد من الفرص للتفاعل المباشر مع الأساتذة، سواء من خلال المحاضرات أو اللقاءات الشخصية. هذا التفاعل ساعدني على تحسين مهاراتي اللغوية وفهم النصوص الأدبية بشكل أعمق. الجامعة توفر أيضًا على خدمات الدعم الأكاديمي بتوفير المكتبات والمراكز البحثية؛ ما يتيح للطلاب الوصول إلى مصادر معرفية متنوعة.
التفاعل مع زملائي الطلاب من مختلف الخلفيات الثقافية كان جزءًا هامًا من تجربتي. هذا التنوع أضاف قيمة كبيرة لتجربتي الأكاديمية والشخصية. بصفتي طالبة وسفيرة لجامعة محمد الخامس، أشعر بالفخر والانتماء إلى هذه المؤسسة العريقة. تجربتي في الرباط كانت غنية بالتعلم والنماء، وأتطلع إلى اطلاع الطلاب على قصتي لخوض تجربة مماثلة. جامعة محمد الخامس ليست مجرد مكان للدراسة، بل هي مجتمع داعم وحاضن يساعد الطلاب على تحقيق إمكاناتهم الكاملة، وتنمية قدراتهم في جميع جوانب حياتهم.
كانت الدراسة في جامعة محمد الخامس بالرباط تجربة غنية ومليئة بالتحديات والفرص. وجدت فيها بيئة تعليمية داعمة ومجتمعًا أكاديميًا مشجعً؛ ما ساعدني على تحقيق أهدافي الأكاديمية والشخصية. هذه التجربة لم تعزز فقط معرفتي باللغة العربية وأدبها، بل ساهمت أيضًا في تطوير شخصيتي ومهاراتي الحياتية.
ه-الحياة الاجتماعية
التفاعل اليومي مع السكان كان جزءًا أساسيًا من تجربتي الاجتماعية. الأسواق التقليدية (السوق) والمقاهي تعد مراكز حيوية للتفاعل الاجتماعي. كنت أحب زيارة السوق المركزي للتعرف على المنتجات المحلية والتحدث مع البائعين. المقاهي كانت أماكن مفضلة للقاء الأصدقاء وتبادل الأحاديث. تكوين صداقات مع الجيران وزملاء الدراسة كان له دور كبير في تخفيف وطأة الغربة على نفسي. الأصدقاء المغاربة كانوا دائماً متعاونين ومستعدين لمساعدتي في التكيف مع الحياة الجديدة. المشاركة في الأنشطة الاجتماعية كان لها تأثير كبير على تجربتي في الرباط. الجامعات المغربية تضم العديد من الجمعيات الطلابية التي تنظم فعاليات ثقافية واجتماعية. انضمامي إلى بعض هذه الجمعيات ساعدني على تكوين صداقات جديدة، وتوسيع دائرة معارفي. حضرت العديد من المناسبات الخاصة مثل المناسبات العائلية. هذه التجارب أعطتني نظرة عميقة عن الحياة الاجتماعية المغربية وعاداتها.
و- الانتفاعُ بالتجربة والاستفادةُ منها:
إتقان اللغة العربية كان أحد الأهداف الرئيسية لوجودي في الرباط، وقد حققت تقدمًا ملحوظًا في هذا المجال. ساعدتني الدراسة الأكاديمية على تحسين مهاراتي في اللغة العربية الفصحى؛ ما مكنني من قراءة النصوص الأدبية القديمة والحديثة وفهمها بشكل أعمق. ساعدني التفاعل اليومي مع السكان على اكتساب مهارات بالعامية المغربية؛ ما جعل التواصل معهم أكثر سلاسة وأقل تحديًا.
أسهمت التحديات- التي واجهتها- في تطوير شخصيتي بطرق متعددة. العيش بعيدًا عن الأهل والأصدقاء تطلب مني تعلم كيفية الاعتماد على نفسي واتخاذ قرارات مستقلة. تعلمت كيف أكون مرنة وأتكيف مع المواقف الجديدة، سواء أكانت ثقافية أم اجتماعية أم أكاديمية. ساعدني التفاعل مع الناس من خلفيات ثقافية مختلفة على تطوير مهاراتي الاجتماعية. تحسنت مهاراتي في التواصل سواء باللغة العربية أو بلغتي الأم. كونتُ صداقات جديدة، وتعلمت كيف أبني علاقات قوية مع أشخاص من ثقافات مختلفة؛ ما زودني بخبرات حياتية جديدة.
تعرُّفُ ثقافة جديدة زاد من فهمي وتقديري للتنوع الثقافي. تعلمت الكثير عن التقاليد والعادات المغربية، مما ساعدني على فهم السياق الثقافي والاجتماعي للبلد. أصبحت أكثر تفهمًا وتقبلًا للآخرين، وهو ما زاد من قدرتي على التعايش مع مختلف الثقافات. التجربة في الرباط زادت من فرصي المهنية المستقبلية. المهارات اللغوية والأكاديمية التي اكتسبتها ستكون مفيدة في مجال التعليم والتدريس. القدرة على التحدث والفهم باللغتين الفصحى والدارجة ستفتح لي أبوابًا في مجال الترجمة والعمل في المؤسسات الثقافية.
ز-خاتمة مفتوحة على المستقبل:
بالتغلب على التحديات والاستفادة من الفرص المتاحة، حصل تطور في شخصيتي وفي مساري المعرفي والأكاديمي خلال فترة الدراسة، تعلمت الكثير عن اللغة العربية وآدابها، وتمكنت من تطبيق ما تعلمته في الأبحاث والمشاريع الجامعية. هذه التجربة -في جامعة محمد الخامس- لم تثرِ معرفتي فحسب، بل زادت أيضًا من شغفي بالأدب العربي، وجعلتني أكثر تقديرًا لتراثه الثقافي.
التفاعل اليومي مع الثقافة المغربية أضاف بُعدًا جديدًا لفهمي للعالم من حولي. تعلمت الكثير عن التقاليد والعادات المغربية، وكونت صداقات مع أشخاص من خلفيات ثقافية متنوعة. هذه التجارب الثقافية والاجتماعية جعلتني أكثر تسامحًا وتفهمًا للاختلافات الثقافية.
أنصح كل طالب أجنبي يفكر في الدراسة خارج بلده بأن يكون شجاعًا، ويغتنم هذه الفرصة الفريدة. التحديات ستكون لك بالمرصاد، لكنها جزء من لعبة الحياة، وستساعدك على تحسين قدراتك وتنمية معارفك. وفي هذا الصدد، ستقدم لك جامعة محمد الخامس (خاصة كلية الآداب والعلوم الإنسانية) بيئة تعليمية داعمة ومُحفِّزة وغنية بالفرص، وستكون تجربتك فيها حافلة بفرص التعلم، وتبادل المعارف والخبرات، والمغامرات الرائعة.
كانت تجربتي في الرباط أكثر من مجرد تجربة أكاديمية؛ كانت رحلة اكتشاف الذات وتوسيع الآفاق. أصبحت جامعة محمد الخامس بالنسبة لي موطنًا ثانيًا، حيث وجدت الدعم والتشجيع والفرص لتحقيق أهدافي. أنا مُمْتنَّةٌ لكل لحظة قضيتها هنا، ولكل درس تعلمته، ولكل شخص قابلته، ولكل الأساتذة الذين تعلمت واستفدت منهم.