أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

الدكتورة فاطمة عناقرة - الأردن المرأة شريكة الرجل في كل شيء منذ أن نزلت حواء وآدم من الجنة, فهي شريكته في الفعل, وتقاسمه الدور, وتساويه في الحقوق والواجبات . وجميع الديانات السماوية ساوت بينهما. وتجسدت هذه المساواة, في القرآن الكريم, والذي يمثل دستور حياة للبشرية, ونجد ذلك في معظم آياته الكريمة. فأوجب على المرأة ما أوجب على الرجل, ومنحها الحقوق كما منحها للرجل, وكرمها, ورفع من شأنها, وعزز مكانتها الاجتماعية والدينية. لذلك على المرأة أن تعرف كافة حقوقها وتدرك جميع واجباتها وأن تحافظ عليها وتتمسك بها, وتقوم بأدوارها الموكلة إليها على أكمل وجه, وان لاتخضع للأقاويل المحيطة بها والتي قد تعرقل مسيرتها, وتحبط أعمالها, كما يتوجب عليها أن تعي حقوقها الشرعية والقانونية, وتطَلع دائما على الأنظمة والقوانين, التي تحفظ مكانتها وتدعم مسيرتها, وأن تسعى دائما وراء نيل حقوقها, وتدافع عنها وتناضل من أجلها إن اقتضت الضرورة ذلك. والمرأة القيادية يبدأ دورها القيادي من المنزل, فهي الرائدة في إدارة شؤون أسرتها, ونجاحها في أسرتها يدعم دورها القيادي ولا يتعارض معه إطلاقا, شريطة أن لايكون أحدهما على حساب الآخر. وعلى المرأة التي ترغب في الوصول الى المواقع القيادية وتمتلك المواصفات والمهارات التي تمكنها من ذلك, أن تبذل قصارا جهدها لإثبات جدارتها, واستثمار طاقاتها, وتفعيل مهاراتها لتحقق النجاح والتفوق. وان تكون على قدرعال من المسؤولية, وتعطي الصورة المشرقة عن المرأة بشكل عام, وأن تقوم بواجباتها الأسرية كأم وزوجة ومربية على أكمل وجه, ولا يمكن أن يكون ذلك بمعزل عن الرجل والأسرة فهي بحاجة إلى دعمهما معنويا وماديا, لأنه لا يمكن لعجلة التنمية والتطور أن تسير إلا بتعاون وتشارك طرفي المعادلة ( المرأة والرجل ) للارتقاء بالأمة والنهوض بالمجتمع للوصول به إلى مصاف الدول المتحضرة. ومن جهة أخرى يتطلب من الرجل أن ينظر إلى المرأة على انها شريكته وليست منافسته, فهي تقاسمه الدور, وتتحمل معه أعباء الحياة ومشاكلها, من أجل بناء مجتمع متحضر, وحياة متطورة . فالمرأة القيادية التي تمتلك السمات القيادية ولديها العديد من القدرات وتتفوق في كثير من المهارات كحبها للمشاركة , والاستشارة, والرغبة بالإصلاح, وتقدير احتياجات الآخرين, وكسب العاملين معها, ومنحهم الثقة, وتفهم احتياجاتهم , والقدرة على تفويض الصلاحيات وتوزيع الأدوار والحرص على استثمار الموارد البشرية, وامتلاك النظرة المستقبلية, والقدرة على الإبتكار والابداع والتجديد, ومواكبة المستجدات, ومواجهة التحديات ومعالجة الظروف الطارئة, وتحمل المسؤولية, وسعة الصدر والصبر, والقلب الرؤوم, والحس المرهف, والمشاعر الرقيقة, والذكاء المتنوع, تستحق أن تقود المجتمع, وتصل الى مواقع صنع القراروالمراكز القيادية. ونتمنى أن تكون فعلا هي صاحبة الحق في القيادة لتكون الممثلة الأجدر للقطاع النسائي وللمجمتمع ككل. ونأمل ممن يصلنّ الى المواقع القيادية أن يمتلكن هذه السمات, ويتمتعن بهذه الصفات, التي تجعل المرأة قادرة على خدمة الوطن والمواطن, ومساهمة فاعلة في رسم السياسات وصناعة القرارات؛ لتكون المرأة دائما في الصدارة. وحتى لا يشار إليها بالبنان بأنها لا تستحق المكانة القيادية التي وصلت إليها, وبالتالي تسيء للمجتمع النسوي كافة. وكلنا أمل ورجاء ممن وصلّن إلى المواقع القيادية أيضا أن تدعم المرأة مثيلتها لإيصالها الى مواقع صنع القرار, إلى جانب دعم الرجل , حتى تتوازن المعادلة الاجتماعية, ويسير النظام الاجتماعي في خطاه السليمة والمتزنة, ويأخذ كل من المرأة والرجل أدوارهما بالطريقة الصحيحة, ويسود المجتمع العدالة الإجتماعية والمساوة والحرية, وتصبح الحياة الديمقراطية منهج حياة ودستور مجتمع.

مقالات

 الدكتورة / فاطمة عناقرة - الأردن

اسمحوا لي قرائي الأعزاء أن أتيح الفرصة لقلمي كي يخط الكلمات والعبارات بحرية وجرأة, وبلا قيود. وقد لا يروق ذلك للبعض, إلا أننا لا نستطيع إنكار الواقع الذي نعيشه, ولا نستطيع إقناع أنفسنا بما هو مثالي على حساب حقوقنا ومكتسباتنا.

وبالمناسبة أنا لست متمردة ولا أحب ذلك, ولا ادعوا إلى التمرد, أو الخروج عن القوانين والأنظمة الاجتماعية, وإنما كل ما أريده وصف الواقع بدقة وصدق, ودون تنميق أو بهرجة أو زيف أو تزويق.

فالمجتمعات وعلى مر العصور نظرت إلى المرأة بنظرات مختلفة فمنهم من سلبها إرادتها, ومنهم من باعها واشترى بها, ومنهم من وأدها, ومنهم من اعتبرها رجس من عمل الشيطان, ومنهم من اعتبرها للمتعة فقط, إلى أن جاء الإسلام ودخلت المرأة في عصر ذهبي جديد, ومنحها الإسلام كامل حقوقها غير منقوصة وساوى بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات, وأتاح لها فرصة التفاعل الاجتماعي في الحياة العامة, والتعامل مع الظروف الحياتية بعدالة.

لكنها وللأسف بعد مرور مئات السنين لا زالت ترزح تحت رحمة الموروث الثقافي والمنظومة الاجتماعية التي سادت قبل الإسلام, والتي تنظر إلي المرأة بنظرة دونية محتفظة بمجتمع ذكوري يغلق الباب أمام ممارسة حقوقها بحرية وعدالة .

و لكن المرأة لم تقف مكتوفة الأدي, فناضلت كثيرا ولزمن طويل, لتنال حقوقها ومكتسباتها, واستطاعت أن تشارك الرجل في الحياة العامة وبمختلف جوانبها, وأن تحقق بعض المكاسب على مختلف الأصعدة, ومواكبة التطور العلمي والتكنولوجيا, والانفتاح الحضاري, وحصلت على أعلى الشهادات العلمية, وتبوأت بعض المواقع القيادية. ولا ننكر أننا غمرتنا الفرحة والسعادة عندما تقلدت المرأة مناصب سياسية ودبلوماسية وإدارية وعلى المستوى الرفيع, لما تمتلكه من قدرات وكفاءات عالية قد تضاهي كفاءة الرجل وأحيانا تتفوق عليه.

لكننا نتألم كثيرا عندما نشاهد ونعيش التناقضات على أرض الواقع بين ما حققته المرأة من بهرجة وتزويق أمام الرأي العام وبين الممارسة الفعلية لحقوقها الشخصية, فهي نظريا فرضت وجودها, وأثبتت جدارتها, وتحملت مسؤولية أكبر من طاقتها, حيث أنها في كثير من الأحيان تقوم بدورها وبدور الرجل معا, لكنها تتفاجىء عند ممارستها لحقوقها الشرعية والشخصية, تواجه معارضات وتصطدم بمعيقات كثيرة, وكأنها تعيش بمجتمع متناقض, يتحدث بشيء ويطبق شيئا أخر. فعلى سبيل المثال لا الحصر, معظم النساء يذهب ميراثهن أدراج الرياح, حيث تتنازل عنه للرجل إما بالتخجيل أو الإكراه, مع أنها قد تكون بحاجة ماسة لنصيبها والذي شرعه لها الله سبحانه وتعالى, وليس هبة أو منّة من أحد.

والأغرب من ذلك أنه في كثير من العائلات عندما تقدم الفتاة على اختيار شريك حياتها والذي يخص حياتها وحدها, وباعتقادي أنها هي الأقدر على تحديد من يناسبها ومن الذي ستسعد معه, وخاصة إذا كانت ناضجة وواعية ولديها القدرة على تحديد ماذا تريد, لكنها وللأسف تكتشف أنّها آخر من يسأل ويتخذ رأيه بعد أن يمر القرار ضمن برتوكولات عائلية ومراسيم أسرية ليصادق عليه جميع أفراد الأسرة وبعد أن يكون القرار قد اتخذ, تستشار الفتاة, وكأن الأمر يعني الآخرين أكثر منها, أو هم الأكثر خوفا على مستقبلها, والأكثر معرفة بمصلحتها. فأي عدل هذا وأي حرية وأي حق؟؟؟؟؟ أليس هذا من الظلم والإجحاف والاستخفاف في قدرات المرأة وعقلها وتفكيرها, لكي تبقى دائما تحت الوصاية, وليس لها رأي, أو سلطة اتخاذ القرار, وتأخذ دائما موقع نائب الفاعل أو المفعول به, ولم تجرأ على المواجهة, أو المجابهة وفعل الفعل, ولا يحق لها الدفاع عن حقوقها أو المطالبة بها, وإن فعلت ذلك تنعت بالخارجة عن القانون الاجتماعي, أو المتمردة على العادات والتقاليد.

ألا يضع هذا المرأة داخل أسوار مبهرجة ولامعة من الخارج وصدئة من الداخل, فكيف لها أن تتكيف مع كل هذه المتناقضات, وكيف بها أن تنهض, وينهض المجتمع معها وهي لا زالت أسيرة الأنماط الاجتماعية العصرية الحديثة في أطرها الخارجية النظرية, وتقليدية جاهلية بفلسفتها ونظمها الداخلية الواقعية مما أدى إلى إيقاع المرأة العصرية في حيص بيص, وسبب لها معضلة كبيرة في حياتها وشوه أمامها مظاهر الحياة وضيعيها بين حانا ومانا....

لذلك نتمنى على المجتمع أن يعيد النظر في نظمه الاجتماعية, وثقافته السائدة بالعودة إلى ما وهبه الله لنا ومنحتنا اياه الشريعة , ولا نريد أكثر من ذلك وله كل الشكر والتقدير .
تعليقات