الدكتورة / فاطمة عناقرة - الأردن
الحرية شمس تشرق في عالم الإنسان وتولد مع ولادته لتحدد ملامح سلوكه وتكشف أقنعته من خلال ممارسته لها في حياته اليومية؛ لأن الإنسان بدون حريته يعيش ظلمة حالكة ومن خلالها يتحرر من كل القيود التي تكبل ابداعاته وطاقاته.
ويقول كانت عن الحرية " لا يستطيع أحد إلزامي بطريقة (كما يريد كما يؤمن ويعتقد لأن هذا هو الأفضل للآخرين لأصبح فرحا محظوظا) كل يستطيع البحث عن حظه وفرحه بطريقته التي يريد وكما يبدو له هو نفسه الطريق السليم شرط أن لا ننسي حرية الآخرين وحقهم في الشيء ذاته.
ووصفها أيضا جون لوك بأنها التحرّك ضمن القوانين الطبيعية, وإمكانية اتخاذ القرارات الشخصية والقرارات بشأن الملكية الخاصة بدون قيود كما يريد الإنسان وبدون أن يطلب هذا الإنسان الحق من أحد وبدون التبعية لإرادة الغير أيضا.
وهذا يعني أنه من الضروري جدا أن تتاح الفرصة للإنسان (ذكر أو أنثى ) لحرية التعبير والتفكير وأن يكون حرا في أقواله وأفعاله, وأن يمتلك حق تنفيذها شريطة أن لا يسبب الأذى للآخرين أو يتعدى على حرياتهم.
فالحرية حق طبيعي للإنسان وجزء لا يتجزأ من من حياته , وممارستها حق مشروع ومكتسب, ولا يجوز لأي كان اغتصابها أو فرض القيود عليها مهما كانت درجة قرباته, أو حجم سلطته أو قوة نفوذه؛لأن ذلك استعباد للانسانية وتقييد للفكر واغتيال للتعبير( متى استعبدتم الناس ولقد ولدتهم امهاتهم أحرار )
كما أنه كلما ضاقت مساحة الحرية للفرد كلما ضاقت حدود اختيارته, ويصبح يلتف حول نفسه ضمن دائرة تضيق لاتساع افكاره فيضيق ذرعا بما يحق له وما لا يحق مما يدعوه الى اللجوء إلى تغليف اقواله وافعاله بأقنعة زائفة وكاذبة لإرضاء الآخرين, وهذا يؤدي به إلى فقدان القدرة على التحكم الذاتي لمعالجة موضوعاته الخاصة والعامة, ويبقى رازحا تحت ظل عبودية الضغوطات والكوابح المفروضة عليه.
وعلينا أن نتذكر دائما بأن الحرية ترتبط بالمسؤولية ويترتب عليها تحمل مسؤولية نتائج أي قراريتخذ أو سلوك يقوم به الفرد, ومن يفهمها شكلا ومضمونا قولا وفعلا, لا يمكن ان يسمح لنفسه باستخدامها باسلوب خاطيء, ولا يمكن أن يتعدى على حرية وحقوق الآخرين, ولا يمكن أن يتجرأ على سلب الآخرين حرياتهم, ويدل ذلك على انه انسان إيجابي ويتمتع بشخصية إيجابية وسلوك إيجابي. وحتى نوصل الفرد إلى هذه الحالة يجب أن نوجهه منذ الطفولة إلى معرفة ذاته جيدا وتعزيز ثقته بنفسه , وفهم قدراته ومعرفة طاقاته, اضافة الى قدرته على ضبط الذات, والتحكم بسلوكه وتصرفاته, وامتلاكه القدرة على التكيف الإجتماعي والكفاءة الإجتماعية العالية , ليتمكن من القدرة على قبول الحق ونصرته ورفض الباطل ودحضه, والتعامل مع الواقع ومتطلباته دون تزييف أو كذب أو تلفيق ويمارس حريته الحقة كمنهج حياة دائم.