تغريد العزة - فلسطين - " وكالة أخبار المرأة "
في ساعات الليل الباردة من شهر ايار وكأن السماء اعلنت غضبها على هذه الأرض وربما انها تحاول ان تذرف دموعا وسخطا على من سكنها وبنى فيها اعتقادات ومواريث وقوانيين لا يرضى ترابها بأن تدنسه تلك المعتقدات.
وبينما أنا جالسة على سريري اتلحف غطاء من الصوف لاحتضن جسدي وأشعر بالدفء قليلا، حاملة بين يدي جهاز الكمبيوتر الصغير وأفتش عن شيء أشاهده بين كومة الأشياء المحفوظة به ولفت نظري بتلك الليلة أن اشاهد فلما بعنوان " مغارة ماريا" فهذا الفيلم تحدث عن قضية هامة وحساسة يواجهها المجتمع، ألا وهي قضية جرائم القتل للنساء على خلفية الشرف، وهذا موضوع يعتبر الخوض فيه من المحرمات، فالكل يريد أن ينسى الموضوع ولا يريد أن يتذكره، فهذا النمط من الجرائم خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه أبداً، فصفحة العار كما تسمى قد طويت، والقاتل غسل شرفه، والقتيلة كأنها لم تكن ولا تبقى في الأذهان إلا كعبرة لغيرها، وحتى قبرها يكون مجهولاً ولا توضع الشواهد عليه، والجميع تقريباً يمارس عملية التستر على مثل هذه الجرائم، بما فيها القانون الرسمي والعرف العشائري.
بعد مرور 52 دقيقة اقشعر بدني وكأن لحافي لم يعد قادرا على ابعاث طاقة من الحرارة في جسدي وذهولي بمشاهدة الفيلم كان اقوى تأثيرا من لحافي الصوفي، وفي تلك اللحظة المرعبة تخاطر في ذهني تعريفا لتلك الجرائم التي ترتكب بحق انسانيتنا : جريمة الشرف= ذكر في اسرة يقوم بجريمة قتل لانثى من نفس الاسرة لاسباب تتعلق بخياراتهن في الحياة .
ويا ويلانا من خطورة التعريف القائم ومن اسبابه التي لطالما برروا عملية القتل بها، منها ما تكون بسبب خيار المرأة الزواج من رجل من دين آخر، أو طائفة أخرى، أو عشيرة أخرى. أو من رجل لا يرضى به الأهل زوجا لها. أو بسبب قيامها بممارسة جنسية خارج إطار الزواج، أو قبل الزواج. أو لأنها أحبت، أو شوهدت مع شاب ما. هنا توقفت عقارب الساعات قليلا لاتساءل ايضا هل لجريمة القتل مبرر ؟ كلا طبعا. لماذا نبرر جرائمنا ؟؟؟.... نبرر ماذا ؟؟؟ عدم انسانيتنا..... نبرر ماذا؟؟؟؟.... وحشيتنا وتخلف عاداتنا وموروثاتنا التي باتت لا تحمل بين طياتها اي نوع من الاحساس والشعور البشري وأي قيم وأخلاق قد تجلى بها الإنسان على مر العصور؟؟.
أعلنت غضبي في تلك الليلة على كل الرجال الذين يحاولون انتهاك حدود الانسانية فمن الأسئلة الكثير تراودت الى ذهني هنا، اذا رغب الرجل بان يخرج او ان يقيم علاقة او اذا رغب ان يكون هناك مشاعر الحب بينه وبين شخص ما ؟؟ من ذاك الشخص أليس هو وجوبا سيكون فتاة، وربما هنا نعطي مبررا لعلاقات الشذوذ الجنسي!! أعلنت غضبي ايضا على كل النساء اللواتي يزغردن ويدقن الطبول فرحا على غسل شرف العائلة بقتل ابنتها فلذة كبدها او اختها ذاكرتها وبئر اسرارها وهنا أيضا يخطر ببالي العديد من التساؤلات
هل المرأة قامعة لذاتها ؟؟ هل هي تبرر وتأكد حق الرجل بمحاسبتها لاختيار حياتها وطمس حراياتها ودفن انسانيتها ؟؟؟ هل لديها من المعلومات ما يكفي عن حدود حريتها؟؟
دقت الساعة الحادية عشر وأنا امتلك من الفزع والاسئلة ما يكفي، اغمضت عيناي على صوت صفير الرياح المدوي خارج نافذة غرفتي.
انطلق الصباح والشمس تعتلي السماء شربت كأس النسكافيه وسارعت بانتقاء ملابسي والخروج من بيتي لاباشر العمل في يوم جديد لربما يحمل لنا الأفضل .
دخلت مكتبي وما ان فتحت بريد رسائلي اليومي لفت انتباهي رسالة مكتوب عليها اقراي هذا المقال ربما يعني لك الكثير لانك تحملين رسالة خالدة لتحرير المراة من قيودها .
وللوهلة الأولى صعقت وبحركة غير ارادية ركلت الارض غضبا فعلت ذات الشيء الذي كانوا يفعلونه الفقراء في عصور الانحطاط الاقتصادي كانوا يركلون الارض ويهمسون " استيقظي يا بنت الكلبة" .
قصة يقشعر لها الابدان فتاة من مدينة الخليل من قرية صوريف تدعى "أية برادعية " بنت الواحد والعشرين
كانت أية تصرخ: استحلفكم بالله، عمي، عمي..أتركني لأجل الله، ولا تلقي بي داخل البئر..ماذا فعلت لتقتلني.. عمي أرجوك ساعدني..لا تقتلني..لا تقتلني، وألقيت بداخل البئر... ".
هذا ما كتب على الصحف الفلسطينية صباح يوم الثلاثاء 10/05/2011 لمجرد شك عمها بوجود علاقة بين آية وبين الشاب الذي تقدم لخطبتها قرر قتلها وغسل العار؟؟؟
هرولت مسرعة نحو الباب احمل معي سخطا وغضبا وتوترا وجنونا بت اسرد قصتها على موظفين يعملون معي في نفس المكتب صارخة من حق من سلب حياتنا .
بادر صديق لي بسرد حادثة وقعت معه في الصباح وبينما هو في التاكسي متوجها الى العمل، رجل يجلس في المقعد الخلفي وصاحب التكسي يتبادلون الحديث عن مقتل أية ولتروا معي محور حديثهم .
صاحب التاكسي: شو يعني اذا البنت حبت شاب ما الكل هلا بحب ما في داعي عشان يقتلها
الرجل: لا لو البنت ما عملت اشي عيب ما كان قتلها عمها
صاحب التاكسي : اها اذا هيك حلال قتلها.
لا يسعني الا ان أقول اللعنة على هؤلاء وأن أطالب كإمراة بفرض أشد العقوبات على هؤلاء الحفنة من البشر الذين ينتهكون انسانيتنا، وتعديل قوانينا لتكون عادلة بين كلا الجنسين لا تحكم على الضعيف وتترك القوي يجول بيننا يقتل ويسفك متى وأين أراد بحكم ما أسموه جريمة شرف كأن المرأة مرصودة بغشاء بكارتها بضياعه تضيع حياتها وزي ما بقولو" المراة كالزجاج اذا انجرحت بتنكسر" .