انه لمن الشرف أن نفهم مفهوم الشرف

قمر بن سالم - تونس لم تخلق حواء عبثيا أو اعتباطيا..فوجودها و كينونتها استكمالا للطبيعة والحياة و لا يقصد بحواء أول امرأة على وجه البسيطة..بل هي سلالة كاملة من النساء.. ولو نظرنا الى كلمة نساء سنجد فيها الهمزة والنون والسين فهي الأنس و اذا تمعنا في عبارة "امرأة" فسنجد الهمزة و الميم و الراء فهي " الامارة"..فهي التي تؤنس الرجل في وحدته و قد جعل الله حواء رفيقا أنيسا لادم..و جعل المرأة الأنيسة والرفيقة في قطار الحياة فلا يمكن للرجل أن يطأ محطة من محطات الدنيا دون أن تكون له النصير و العون ..فان كانت أمه علمته قواعد الحياة..و هي التي تدخل في ذاته و عقله معنى "الرجولة" فتخبره أنه الرجل الذي سيذود عنها و الرجل الصنديد الذي سيحميها و الرجل المكافح الذي سيضمن عيشها..و ان كانت زوجته فهي الملاذ من المحن وهي الصدر و الدفء فما المودة والرحمة الا بسببها..و ان كانت أخته فانها ولدت من نفس الرحم الذي ولد منه فلا زيادة عليها ولا نقصان وهي ظله و دمه ونسله...و أما الامارة.. فهي الأميرة في بيتها و هي الأميرة في عشيرتها فلا يخلو بيت من ريحها ولا من عطورها ولا من همساتها ولا من ضحكاتها ولا من دموعها ولا من دغدغة أناملها ولا من خفقان قلبها ولا أحن من صدرها وأنفاسها..فمابال" شهريار" يزيد من عمق الهوة بينه وبينها..فقد جعلها عوجاء التفكير لأنها خلقت من ضلع أعوج فهل معنى الاعوجاج هو الاعوجاج ذاته....لا ننسى أن الاعوجاج يتخذ الشكل الدائري.. فالرحم دائري الشكل.. والأرض التي تحمل البشرية دائرة الشكل.. و القلب ذوتعاريج دائرية الشكل....ألا نرى أن منزلتها في قوة ما يمنحه رحمها من مودة و حب..و يقولون أن النساء ناقصات عقلا و دين ألم يحن الوقت لدحض هذا التهميش للمرأة...ألم يفكروا أن نقص العقل مرتبط بزمن تهميشها و ضياعها وعدم مشاركتها للحياة الاجتماعية والدينية والسياسية والاقتصادية وغيرها...فقد دعى الرسول صلى الله عليه وسلم الى تعليمها واخراجها من بوتقة الجهل والتخلف...في زمن كانت فيه مهمشة ..فهو ينادي بنهوضها و تدعون أنتم لقمعها....لننظر الى البنات الان يتفانين في واجباتهن الدراسية اكثر من الأولاد.. و نتائجهم الدراسية المذهلة تفوق نتائج الذكور بكثير...لست أهمش الرجل هنا ولكن دعونا نقف قليلا على ما يغطيه و ما يسببه من احتقار لذاتها..و أما اذا كانت ناقصة دينا فانه يعود الى الأسباب الزمنية لبروز الاسلام في شكله المتطور وأن الكثيرات لا يفهمن تعاليمه و قواعده فكانت الدعوة لاخراجهن من السبات العميق..فليست المسألة مرتبطة بالحيض و ما تبعه لأن هذه الأمور لا تنقص من دين المرأة بقدر ما تعبر عن منزلتها لدى الله فلا ظلم لله أبدا...فقد جعل الحيض للانجاب و لتوازن صحة المرأة و جعل المرأة في أبهى صورها وعمق دورها في الحياة لحظة مخاضها وولادتها والدليل أن دعاء المخاض فيه القدر الكبير من الاستجابة الالاهية- والله أعلم- وأنها في اقتراب كبير من الله في تلك اللحظة... فكيف تكون ناقصة الدين..بل ما نراه الان في المجتمعات تمسك المرأة بصلاتها أكثر من الرجل.....فلم هذه النظرة الدونية لمقدرتها و أنها لا يمكنها أن تترأس دولة بحالها لأنها امرأة تحركها العاطفة...الغريب في الأمر أن الثورات العربية زلزلت كلها بسبب الرجل لا المرأة..و لسنا ننكر الدور الهام والفعال للرجل ولكن ما نذكره هو تساويهما معا ولا اختلاف بينهما الا في الشكل البيولوجي ..ألم ينتهك بعض الملوك والرؤساء حرمة بلادهم...فهل تحركهم هنا عاطفتهم....ينكر الرجل قدرة المرأة على ادارة دولة بحالها و في المقابل يطمئن اليها في تربية أطفالهما...أليس هذا تناقضا...هل نسي أن الأطفال أيضا من أفراد الشعب...لنتذكر معا مدينة" تدمر" التي ضحت "زنوبيا" كل التضحية من أجلها و قدمت نفسها فدية لأوريليان..أ ليست امرأة تذود عن وطنها...و هل نسي المؤرخون دور" كليوباترا".. ألم تحارب لتحافظ على استقلال مصر فقد حاربت الامبراطور الرومي "اكتافيوس" و خيرت الانتحار على الفشل... فأين منا و رؤساء الدول الذين رفضوا الخضوع لارادة الشعب الذي لم يدفع حياته الا من أجل العيش الكريم...ان القصص القديمة والأساطير لا تتحدث سوى عن ذكاء النساء فهل نسينا "شهرزاد" و محاربتها لشهريار الذي لمجرد احساسه بالضجر يضحي بزوجاته...ألم تأثر على فكره الذي لا تغلفه سوى الرغبة في استعباد العذارى والتخلص منهن...من أجل رغباته وسلطانه المادي...ان أقدم القصص و الأساطير تعظم ذكاء المرأة و خير مثال على ذلك قصة "وافق شن طبقة"........فيحكى أن رجلا يدعى "شن"كان على سفر ..فاعترض سبيله مسافر اخر فاستأنسا الطريق سويا و هما يعتليان جواديهما..فالتفت "شن" الى مرافقه و سأله"هل أحملك أم تحملني.."فاستغرب الرجل و قال في نفسه"مابال هذا الرجل فكيف السبيل لأحمله وهو يركب جواده و كيف السبيل لحملي و أنا أركب جوادي.."ثم مروا بجنازة فسأل "شن" قائلا"هل يا ترى هذا الميت ميتا أم حيا"فزادت حيرة الرجل من أمر هذا الشخص..ثم مروا بحقل تنبت سنابله فسأل "شن" "هل أكل صاحب هذا الحقل الزرع أم لم يألكله بعد"احتار صاحبه في الأمر...و لما وصل دياره دعى الرجل الضيف"شن" الى بيته ليرتاح قليلا قبل مواصلة السفر..و لما دخلا البيت نادى الرفيق ابنته و تدعى "طبقه"و حكى لها ما صدر عن هذا الرجل الغريب الذي يدعى "شن"..فضحكت و أجابت" أما عن مسألة حملك له و العكس فالمقصود به "هل تحدثني ام أحدثك"..أما عن أمر الرجل الميت فالمقصود "هل ترك ذرية تخلفه وتخلف اسمه أم لا"..و أما عن الحقل فجوابها "هل تحصل صاحبه عن ثمن جهده وتعبه أم لا.."تهللت اسارير والدها و خرج للضيف ليجيبه عما بدر منه فاستحلفه أن يخبره عن شارح الحديث فقال أنها ابنته الذكية و هكذا أبدى "شن" اعجابه بها و طلب زواجه منها و هكذا "وافق شن طبقه"...هذه الأساطير تتحدث عن قيمة المرأة و ذكاءها وقدرتها... ومع الأسف مازال "شهريار"يبذل الجهد لينقص من شأنها...فان كان"شهريار" مؤمنا بزمنه فان ايمان شهرزاد بكينونتها وذاتها أشد من الصرح و الهرم الذي لا تزعزعه رياح الزمن.. قمر بن سالم - تونس لا تختلف المرأة عن الرجل إلا في الجانب البيولوجي...فقد شغلت المرأة نفس مناصب الرجل... و بالتدريج و مع الزمن نراها جندية وشرطية فتكاد تكتسب قوة بنيته أيضا...كثيرة هي الحملات التوعوية من أجل الاهتمام بالمرأة باعتبارها كائنا فاعلا في المجتمع و هي نصفه تتمتع بقدرتها على تحمل أعباء الحياة في جميع الجوانب... فهي بمجرد خروجها من مطبخها و من أغطية أسرتها ومن ستائر بيتها و من طي ثيابها..تجدها أما م الجهاز و ترى أصابعها تنقر بخفة وهي تنهي عملا أو كتابة أو تقريرا....فبتكامل العمل في البيت و خارجه يكون دورها في الحياة أعمق من دور الرجل...على غرار تدبيرها و أفكارها من أجل الرقي ببيتها و أبنائها و بناتها...زد على ذلك تحملها الحمل والولادة و الرضاعة ...أليست جديرة باكتساب نيشان الزمن في مسارعتها معه و صراعها له.!!!..أيها الرجل...إن جلب الأغراض وحاجيات البيت من خبز و خضار و غيره ليس بالأمر المتعب و لا بالعمل الذي يقتضي منك كل الوقت والجهد فهي أيضا يمكنها أن تتركك تتنازل عن هذا الجانب لها لأنها أيضا أعلم بشؤون بيتها وما يستحقه و قادرة على مساومة البائع في البضاعة.... و لكن ما أريد أن ألفت له الجانب هو ما تطلبه كل امرأة -أنثى ما قد ينسيها متاعب و مسؤوليات الحياة و هو الجانب العاطفي فيها فطبيعة المرأة -و أقول جيدا في المجتمعات العربية -أنها تولي كل الأهمية للجانب العاطفي..فهي رغم كل ما ذكرته الا أنها لا تنس أن تغمر زوجها بحنانها ...بحبها..بعطفها...لا تنس قبلة صباحية أو كلمة أو أغنية تفرغ فيها شحنة عاطفتها فتذكره بأنوثتها و رغبتها و حبها..فتكمن قوتها في هذه النقطة أيضا..أنظر أيها الرجل..أليست ملاكا بالفعل.ألم تكتسب بهذا الشكل كل القوة!!..الا أنك أيها الرجل قادر كل القدرة على تلبية مشاعرك و عاطفتك في الوقت الذي تريده أنت و يريحك أنت ...فالفرق بينك وبينها أنها في صميم انشغالها بحياتها و شؤون بيتها و عملها لا تفكر في سواك...و أثناء انشغالك تفكر سوى في ذاتك و في نجاحك...أنسيت أن نجاحك فيه الجانب الكثير من عناية المرأة بك...أنسيت أن و راء كل رجل -عظيم أو عادي- "امرأة"لأنها توفر لك سبل راحتك.. فتعمل دون الحاجة إلى شيء عدا قهوتك و سيجارتك وفكرك....الفرق بينك وبينها أيها الرجل هو القدرة القوية على نسيانها في فترة و العودة إليها عند الحاجة ...فليت كل امرأة تكتسب قوة الرجل .لا لأنها قوة بل لأنها معاملة بالمثل...لأننا واحد سيدي...و إن غلبت العاطفة المرأة فلسبب بسيط ..أنظر إلى ما كتبت أعلاه "المرأة في المجتمعات العربية"يعني إن عاطفتها الجارفة سببها المجتمع ...الإجابة واضحة إن تربيتنا و سلوكنا والتهميش للجوانب العاطفية فينا من قبل عائلتنا و ترسيخ عاطفة الضعف و التبعية هي السبب في ذلك فترانا متعطشات دائما إلى الاهتمام والعاطفة..مقارنة بالمجتمعات الأوربية التي نرى فيه المرأة عملية إلى أبعد الحدود...و لأن مجتمعاتنا لا أهمية فيها سوى للرجل فالجانب البيولوجي بريء مما كونته العائلة لشخصية و قلب و عاطفة المرأة ....لذلك أيها الرجل ها هي المرأة فاعلة و موظفة و .....لا تنس أن تغمرك بعاطفتها...فرجاء لفتة منك كلمح البصر فالمرأة نفحات نسيم عبق في حياتك .... إلا أنها تحتاج إلى اكتساب قوتك المزعومة و ....الغريبة ... قمر بن سالم - تونس كثيرا ما يتحدث بعضنا عن أصله و نسبه فيتفاخر بذكر انتماءه للجزيرة العربية و كثيرا ما يتباهى بجذوره التي من سلالة الحسن والحسين والتي تعود الى عائلة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم..و هذا جميل..جميل أن ننتسب الى هذا الشرف العظيم ..فترى الفرد منا يعظم من شأنه بقوله "أنا من جذور شريفة و اننا من شرفاء القوم "كما يوجد كثيرا لقب "الشريف" في البلدان العربية شأن محمد الشريف أو علي الشريف و غيرهما من فلان الشريف و فلانة الشريف انتسابا للقب العائلة..و عندما نتحدث عن الفخر بانتسابهم لصفة "الشرف" فالمقصود هنا بعبارة "الشرف"و "الشرفاء"هو تحديدا" النبل" و" النبيل" و" النبلاء" و لا يحيد هذا المعنى عن معنى "الشرف" فكلاهما يؤدي نفس المعنى و يعالج نفس الغرض..دعونا نلقي نظرة على الزمن القديم ..لو تمعنا جيدا في التاريخ سنجد أنه مقسوم الى عائلات مالكة و أخرى عادية أي أن نجد مقهوم الطبقية ذو جذور عميقة ..فنجد الأثرياء من القوم و أصحاب السلطة يمتلكون الحق في التعليم و المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ..و تلقنوا سبل العلم بكل جوانبه و أبوابه و لقنوا أيضا الاداب والسلوكات العامة ..فينحصر فيهم حسن التصرف و اكتساب الخلق-طبعا اني أتحدث بصفة عامة-والمعروف أن مفهوم الطبقة الغنية هو " ما تمتاز به من مستوى ممتاز من التعليم و الصحة والثقافة والسلطة "كما كان يسمح فقط لطبقة النبلاء بالتبرج والزينة أما العوام فلا يسمح لهم بذلك طبعا للتفرقة بين الطبقتين ..اذا لنرى أن مفهوم" الشرف" هنا و النبل هي "المرتبة الاجتماعية" لا أكثر و بما أنه مرتبة اجتماعية في مفهومها فطبيعي أن تتسم هذه الطبقات بحسن الخلق و الأخلاق حسب ما لقنت لأنها أخذت القدر الكافي من التلقين و الايتيكات و حسن السيرة والتصرف بالاضافة الى سد جميع احتياجاتهم المادية  الا أن المفهوم الأوسع للشرف هو مدى نبل الانسان مع ذاته و تجاه غيره و حسن خلقه ولست أتحدث هنا عن حسن الخلق بارتباطه بالجسد أو الناحية الجنسية كما يتبادر الى الأذهان.. فأن يكون الانسان" نبيلا" أي" شريفا" فذلك اذا اقترب من صفة الكمال –والكمال لله وحده-طبعا كمال الانسان من خلال نزاهته على غرار صفات النبل الأخرى..كالنزاهة في الحكم مثلا فقد قال الله تعالى" ولا تفسدوا في الأرض بعد اصلاحها" والنزاهة في التعامل مع الاخر و قول الحق و "لو كان مرا"و أن نبتعد عن الشر بكافة أنواعه..ان مفهوم" الشرف "هو مفهوم الخلق بكل اتساعه فقد قال رسول الله –صلى الله عليه و سلم-"المسلم من سلم الناس من لسانه و يده-رواه أحمد- فأما لسانه فهو نتيجة لما يتبادر في قلبه من حقد و بغض و ما يوجد في أحاسيسه من نار الشر الموقدة و ما يتغلغل في تجاويف ذهنه من رغبة في الاساءة الى الاخرين..فينتج عنها الكيد و تنتج عنها الضغينة والكراهية ..و أما مفهوم اليد فهو نتيجة لما سبق عن الذهن و ما يلوث به الانسان ذاته و غيره... و قدم الرسول صلى الله عليه و سلم" اللسان" عن" اليد" لأن اللسان هو الافة التي قد تدمر علاقات و بيوتا و شؤونا بأسرها ..و لا نقصد هنا تفضيل السكوت عن الكلام..بل بالعكس فانما جاء الانبياء بالكلم لا بالصمت ..و لكن أن يلتزم الانسان في كلامه و أن يتلفظ بما يهدىء النفس و يطمئن السريرة و يقرب الناس اليه و أن يتسوك المرء بالقول الحسن فقد نصحنا الله تعالى بحفظ اللسان و المقصود به- لا الصمت- بل حسن القول وادابه.. فقد قال الله تعالى"ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد"صدق الله العظيم..و الكلام في الحق و بالحق ..كما يكمن مفهوم "الشرف" في عدم استغلال العاملين و اعطاء كل ذي حق حقه.. و اكتساب الشرف في عدم أكل مال اليتامى و الضعفاء..و التخلص من حب الذات و النفاق و الرياء و الغش و الكذب ..كلها تدخل في صفة الشرف..الا أن مفهوم "الشرف" الان قد انحصر في دائرة واحدة مغلقة لم يحد عنها فقد أصبح مرتبطا بالخطيئة الجنسية لا أكثر و لم يعد يتخذ المعنى الأكثر عمقا ..فنراه مرتبط كل الارتباط بالرجل و المرأة فالرجل يرتبط شرفه- لا بأخلاقه- و لا بما يقدمه لنفسه و لعائلته و لزوجته و لثقافته و لعلمه من تقدم و قيمة.. بل شرفه محصور في ارتباطه بزوجته و أخته و ابنته و أمه بالمعنى الجنسي للكلمة..فان انتهك عرض احداهن جنسيا فانه أصبح لا يتمتع بصفة الشرف و لابد له أن يسترجع هذه الصفة بسفك الدماء ضانا منه أنه طهر ذاته و طهر ضحيته من براثن الفضيحة ..فأضحت الجريمة محللة بتسميتها" بجريمة الشرف"..في الحال أنه هناك الكثيرات اللاتي فقدن أغشية بكارتهن رغما عنهن و لكنهن شريفات عفيفات طاهرات..و الكثيرات أيضا من تحتفضن بأغشية بكارتهن مع ممارستهن للدعارة بصور خفية لا تبدي شيئا ..فمن الشريفة من غيرها في هذه الحالة..و الكثيرات من المغتصبات اللاتي يذكر عنهن أنه وقع انتهاك شرفهن ..فمن قال أنها اذا اغتصبت رغما عنها قد انتهك شرفها... اذا هي فعلا انسانة شريفة لم تقع في الخطأ ..كما لا يمكننا أن نحصر معنى الشرف في البنت أو المرأة فقط بل أيضا هناك الرجل الشريف من عدمه....كما لا يفوتنا أن نذكر الرجال التي تزوج بناتها دون علم منها أفلا يعتبر هذا انتهاك للشرف بارغام بنت على معاشرة رجل لم تختره بنفسها ..أليست ممارسة جنسية غير شرعية مختفية في ورقة شرعية..أليس هذا انتهاكا للعرض و الشرف.....  ان الشرف ذو مفهوم واسع جدا فلا ينحصر في الوعاء الجسدي فحسب فلا بأس أن نفهم "الشرف"بمفهومه العميق لنعالج الأخلاق التي بدورها تؤدي الى امتلاك الشرف من عدمه...

قمر بن سالم - تونس

كثيرا ما يتحدث بعضنا عن أصله و نسبه فيتفاخر بذكر انتماءه للجزيرة العربية و كثيرا ما يتباهى بجذوره التي من سلالة الحسن والحسين والتي تعود الى عائلة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم..و هذا جميل..جميل أن ننتسب الى هذا الشرف العظيم ..فترى الفرد منا يعظم من شأنه بقوله "أنا من جذور شريفة و اننا من شرفاء القوم "كما يوجد كثيرا لقب "الشريف" في البلدان العربية شأن محمد الشريف أو علي الشريف و غيرهما من فلان الشريف و فلانة الشريف انتسابا للقب العائلة..و عندما نتحدث عن الفخر بانتسابهم لصفة "الشرف" فالمقصود هنا بعبارة "الشرف"و "الشرفاء"هو تحديدا" النبل" و" النبيل" و" النبلاء" و لا يحيد هذا المعنى عن معنى "الشرف" فكلاهما يؤدي نفس المعنى و يعالج نفس الغرض..دعونا نلقي نظرة على الزمن القديم ..لو تمعنا جيدا في التاريخ سنجد أنه مقسوم الى عائلات مالكة و أخرى عادية أي أن نجد مقهوم الطبقية ذو جذور عميقة ..فنجد الأثرياء من القوم و أصحاب السلطة يمتلكون الحق في التعليم و المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ..و تلقنوا سبل العلم بكل جوانبه و أبوابه و لقنوا أيضا الاداب والسلوكات العامة ..فينحصر فيهم حسن التصرف و اكتساب الخلق-طبعا اني أتحدث بصفة عامة-والمعروف أن مفهوم الطبقة الغنية هو " ما تمتاز به من مستوى ممتاز من التعليم و الصحة والثقافة والسلطة "كما كان يسمح فقط لطبقة النبلاء بالتبرج والزينة أما العوام فلا يسمح لهم بذلك طبعا للتفرقة بين الطبقتين ..اذا لنرى أن مفهوم" الشرف" هنا و النبل هي "المرتبة الاجتماعية" لا أكثر و بما أنه مرتبة اجتماعية في مفهومها فطبيعي أن تتسم هذه الطبقات بحسن الخلق و الأخلاق حسب ما لقنت لأنها أخذت القدر الكافي من التلقين و الايتيكات و حسن السيرة والتصرف بالاضافة الى سد جميع احتياجاتهم المادية

الا أن المفهوم الأوسع للشرف هو مدى نبل الانسان مع ذاته و تجاه غيره و حسن خلقه ولست أتحدث هنا عن حسن الخلق بارتباطه بالجسد أو الناحية الجنسية كما يتبادر الى الأذهان.. فأن يكون الانسان" نبيلا" أي" شريفا" فذلك اذا اقترب من صفة الكمال –والكمال لله وحده-طبعا كمال الانسان من خلال نزاهته على غرار صفات النبل الأخرى..كالنزاهة في الحكم مثلا فقد قال الله تعالى" ولا تفسدوا في الأرض بعد اصلاحها" والنزاهة في التعامل مع الاخر و قول الحق و "لو كان مرا"و أن نبتعد عن الشر بكافة أنواعه..ان مفهوم" الشرف "هو مفهوم الخلق بكل اتساعه فقد قال رسول الله –صلى الله عليه و سلم-"المسلم من سلم الناس من لسانه و يده-رواه أحمد- فأما لسانه فهو نتيجة لما يتبادر في قلبه من حقد و بغض و ما يوجد في أحاسيسه من نار الشر الموقدة و ما يتغلغل في تجاويف ذهنه من رغبة في الاساءة الى الاخرين..فينتج عنها الكيد و تنتج عنها الضغينة والكراهية ..و أما مفهوم اليد فهو نتيجة لما سبق عن الذهن و ما يلوث به الانسان ذاته و غيره... و قدم الرسول صلى الله عليه و سلم" اللسان" عن" اليد" لأن اللسان هو الافة التي قد تدمر علاقات و بيوتا و شؤونا بأسرها ..و لا نقصد هنا تفضيل السكوت عن الكلام..بل بالعكس فانما جاء الانبياء بالكلم لا بالصمت ..و لكن أن يلتزم الانسان في كلامه و أن يتلفظ بما يهدىء النفس و يطمئن السريرة و يقرب الناس اليه و أن يتسوك المرء بالقول الحسن فقد نصحنا الله تعالى بحفظ اللسان و المقصود به- لا الصمت- بل حسن القول وادابه.. فقد قال الله تعالى"ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد"صدق الله العظيم..و الكلام في الحق و بالحق ..كما يكمن مفهوم "الشرف" في عدم استغلال العاملين و اعطاء كل ذي حق حقه.. و اكتساب الشرف في عدم أكل مال اليتامى و الضعفاء..و التخلص من حب الذات و النفاق و الرياء و الغش و الكذب ..كلها تدخل في صفة الشرف..الا أن مفهوم "الشرف" الان قد انحصر في دائرة واحدة مغلقة لم يحد عنها فقد أصبح مرتبطا بالخطيئة الجنسية لا أكثر و لم يعد يتخذ المعنى الأكثر عمقا ..فنراه مرتبط كل الارتباط بالرجل و المرأة فالرجل يرتبط شرفه- لا بأخلاقه- و لا بما يقدمه لنفسه و لعائلته و لزوجته و لثقافته و لعلمه من تقدم و قيمة.. بل شرفه محصور في ارتباطه بزوجته و أخته و ابنته و أمه بالمعنى الجنسي للكلمة..فان انتهك عرض احداهن جنسيا فانه أصبح لا يتمتع بصفة الشرف و لابد له أن يسترجع هذه الصفة بسفك الدماء ضانا منه أنه طهر ذاته و طهر ضحيته من براثن الفضيحة ..فأضحت الجريمة محللة بتسميتها" بجريمة الشرف"..في الحال أنه هناك الكثيرات اللاتي فقدن أغشية بكارتهن رغما عنهن و لكنهن شريفات عفيفات طاهرات..و الكثيرات أيضا من تحتفضن بأغشية بكارتهن مع ممارستهن للدعارة بصور خفية لا تبدي شيئا ..فمن الشريفة من غيرها في هذه الحالة..و الكثيرات من المغتصبات اللاتي يذكر عنهن أنه وقع انتهاك شرفهن ..فمن قال أنها اذا اغتصبت رغما عنها قد انتهك شرفها... اذا هي فعلا انسانة شريفة لم تقع في الخطأ ..كما لا يمكننا أن نحصر معنى الشرف في البنت أو المرأة فقط بل أيضا هناك الرجل الشريف من عدمه....كما لا يفوتنا أن نذكر الرجال التي تزوج بناتها دون علم منها أفلا يعتبر هذا انتهاك للشرف بارغام بنت على معاشرة رجل لم تختره بنفسها ..أليست ممارسة جنسية غير شرعية مختفية في ورقة شرعية..أليس هذا انتهاكا للعرض و الشرف.....

ان الشرف ذو مفهوم واسع جدا فلا ينحصر في الوعاء الجسدي فحسب فلا بأس أن نفهم "الشرف"بمفهومه العميق لنعالج الأخلاق التي بدورها تؤدي الى امتلاك الشرف من عدمه...
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-