سحر حمزة: الأردن
رأيتها قبل عامين في حفل نظمه مركز دراسات المرأة العربية في الشارقة أقيم بنادي سيدات الشارقة تحت رعاية قرينة حاكم الشارقة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة وتم خلاله تقليدها وشاح المسؤولية ورسالة التكليف بمهمة السفيرات لبرنامج التنمية العلمية والإنسانية الموجه لتلبية احتياجات المرأة في جزر القمر لكل من السفيرة د. أحلام مستغانمي من الجزائر و السفيرة د. فوزية خلفان من دولة الامارات العربية المتحدة والسفيرة نوال المتوكل من المملكة المغربية والسفيرة غنيمة فهد المرزوق من الكويت و السفيرة ليلى الشيخلي من العراق .
ويعتبر مركز دراسات مشاركة المرأة العربية ،مؤسسة عربية مستقلة تأسس في باريس عام 2001 ويتخذ منها مقراً رئيسياً له ويعنى بقضية مشاركة المرأة العربية وتوسيع مساحات إسهاماتها في هيئات صنع القرار وتسليط الضوء على نجاحات وإبراز الوجه المشرق لها في الساحات العربية والدولية .
وتعد الجائزة التي يقدمها للمرأة العربية المتميزة سنوياً واحدة من فعاليات وبرامج مركز دراسات مشاركة المرأة العربية والتي انطلقت في دورتها الأولى في عام 2004م من رحاب جامعة الدول العربية لتحط في فضاءات العواصم العربية تحمل بين أجنحتها كل معاني التقدير والاعتزاز لنجاحات المرأة العربية وإبداعاتها في كل ميادين العمل والبناء ، وصارت وبحق أهم جائزة عربية تقدم لنساء العرب .. ففي كل سنة تزهو مدن العرب و بشذى عطر المكرمات من السيدات البارزات، فبعد القاهرة وطرابلس ودمشق وكانت آخر محطة للجائزة في الشارقة .
أعجبني كثيراً ما تحدثت به الدكتورة أحلام مستغانمي السفيرة والكاتبة الأعلامية خلال الحفل حين بدأت متهدلة تقف وراء المنصة واثقة الخطى مؤمنة برسالتها حاملة طموحها وحلمها الذي ليس له آخر إلى جمع غفير من نساء لهن بصمات في العمل العام بالإمارات قالت د مستغانمي :جميل أن يكّرم العطاء العطاء متجاوزا حدود الوطن. فالخير لا حواجز له ولا حدود. إنه يجرف صاحبه كما يجرف المال التاجر لمزيد من الكسب، فالأعمال الخيرة في الدنيا تجارة الآخرة.
وأضافت أنني أفخر اليوم مثل زميلاتي السفيرات اللواتي تم إختيارهن مثلي ،بأننا أمام سيدات من نساء الأعمال الناجحات، اصطفاهن الله لخدمة المسلمين ،ولنجدة المرضى والمحتاجين .
وأستفاضت بحديثها قائلة :سيذكر التاريخ للشيخة جواهر القاسمي مساهمتها الإنسانية في أكثر من مجال حتى فاض خيرها على العالم العربي.
كما سيذكر للأميرة عادلة بنت عبد الله بن عبد العزيز جهدها ونضالها من أجل تحسين وضع المرأة السعودية وإنصافها متسائلة كيف لها أن تقبل بأقل من العدل وهي التي لها من أسمها نصيب.
وقالت :ما أحوج هذه الأمة إلينا لقد بقيت الجزائر واقفة صامدة على مدى عشر سنوات في مواجهة الإرهابيين بفضل نسائها.
كلما أتيحت لها الفرصة صنعت المرأة العربية معجزة وطنها.
المعجزة نراها في الإمارات حيث أنجبت الشيخة فاطمة أمة بأكملها، وأهدت وطنها ازدهارا إنسانيا واجتماعيا وثقافيا ناضلت الغربيات أجيالاً من أجل بلوغه.
وأضافت ما نراه في قطر، حيث غيرت الشيخة موزة تاريخ بلادها، بل وتجاوزته إلى تاريخ العرب، فكثير من الإنجازات الجميلة التي تصدّرها لنا قطر تقف خلفها هذه المرأة المتقدة ذكاءً وثقافة.
وكذلك وما نراه في الأردن حيث تكفلت الملكة رانيا بتصحيح وتجميل صورة المرأة العربية في المحافل الدولية أناقة وفصاحة،كلما بشعها الظلاميون، برزت العديدات من المسلمات بكفاءاتهم المعرفية ، بإمكانياتنهم المادية، أن يقفن معاً ليغيرن تاريخ بلد عربي صغير، بل وأصغر بلد عربي وأفقره على الإطلاق.
وقالت كوني سفيرة لجزر القمر فأنه يعتبر تحدياً نسائياً في عالمنا العربي ، إني أنتظر معجزة تليق بنا لنحقق أهدافنا في جزر القمر .
وأسترسلت قائلة : قبل ثلاثة سنين حلمت أن بإمكان كاتبة أن تغير تاريخ وطن عربي صغير. كما حلم ليتر كينغ في حلمه الشهير أن بإمكانه أن يغير تاريخ السود..
وأني فخورة ليس فقط لإختياري لأكثر من سنة، الكاتبة العربية الأكثر تأثيراً وانتشاراً. بل لأني أثق أن الإنسان يساوي القضية التي يدافع عنها.
وقالت أنني سأجد كثيراً من النساء جاهزات مثلي لرفع التحدي بما أوتين من سخاء وإحساس قومي كان ذلك حين التقيت لأول مرة بالدكتور كريم فرمان وحدثني عن إصراره أن تكون من بين المكرمات أختا لنا من جزر القمر نظرا للمعاناة التي يعيشها ذلك الشعب العربي المسلم والوضع البائس الذي تعاني منه المرأة. إذ تشكل البطالة لدى النساء نسبة 80% والأمية 90 % ونسبة الوفيات عند الولادة هي الأعلى في العالم حيث بلغت 22% ونسبة وفيات الأطفال الرضع بسبب نقص الرعاية الصحية واللقاحات بلغت معدلا مخيفا في ارتفاعه يضاف لها مشاكل قلة الدخل وغياب الرعاية الصحية والفقر المدقع حيث صنّفت الأمم المتحدة جزر القمر من أفقر بلدان العالم قاطبة.
وأضافت ومع أن جزر القمر الدولة العربية العضو في الجامعة العربية منذ 1993 ولكنها تعاني من شح الموارد المالية ونقص في السكن والطرق وكل ما تحتاجه البلاد من أشياء، موضحة أنها تخلو حتى من سفارات عربية، و أنها لم يعلو فيها علم عربي واحد حتى اليوم عدا علم ليبيا، لافتة إلى ما قاله رئيسها بكثير من المرارة أنهم لا يريدون من العرب أكثر من أن يدعمونهم بعلم.. حزنت وشعرت بالألم لهذا الطلب.. ووصفت ذلك بأنه يسمى بيتم الأوطان.
وقالت : إن هذا البلد العربي الصغير الرابض في المحيط الهندي، العربي الهوى والهوية.. برغم فقره المدقع يملك أنفة الفقراء الأتقياء..لم يطالبنا سوى بعلم، ولعا وشغفاً بعروبة لا يدري بعضنا كيف يتخلص من شبهتها.. مشيرة إلى أن جزر القمر دفعت بفقرها ثمن خياراتها العربية الإسلامية، ولو تبرأت منها لدللت على غرار جارتها جزر المالديف وتدفقت عليها الاستثمارات من كل حدب وصوب..
وقالت : لعنة جزر القمر هي أيضاً في عرب أسخياء على الغرباء، و على الأعداء أكثر من سخائهم على أشقاء أشقياء بظلم الجغرافيا.. مؤكدة أن الحزن لم يفارقها على القمريين حتى أني قلت: إن لم أكن املك علماً أساندهم به فعلمي هو قلمي وهو منذور لمآزرتهم ما حييت وهكذا غدت جزر القمر وطني وقضيتي والبلد الذي أتمنى أن أصلي في مساجده المتواضعة..وأمشي في شواطئه الآسرة.. وأتحدث العربية مع أبنائه الطيبين المسالمين.. وأكتب عنه وفيه.
وقالت :اليوم أنا "امرأة قمرية" ولو سألت لماذا أحب هذه البلاد بالذات والتي لم أزرها ولا أدري كم من طائرة ولا كم من ساعة يلزمني لبلوغها. لأجبت كما تلك الأعرابية التي سئلت من أحب أولادها إليها فقالت " صغيرهم حتى يكبر ومريضهم حتى يشفى وغائبهم حتى يعود "..
ووصفت مستغانمي سكان جزر القمر بقولها : أن أهلها الأتقياء الأنقياء يقدرون الجميل حق قدره. وينفقون المال حيث يتوجب. فحيتان المال ولصوص نهب الأوطان لم يقربوا بعد شواطئها ولا الذئاب والثعالب البشرية مشت على جزيرتها العذراء.. لذا يباهي القمريون بأنهم البلاد التي لم تعرف الجريمة، والوحيدة في العالم الخالية من أية حالة " ايدز"...
وأضافت إن هذه البلاد الصغيرة الصغيرة إلى حد تكفي زكاة ثري عربي واحد لتغيير قدر أبنائها المسلمين.. هي أهل لدعمنا لأن أي جهد معها يضيع كما ضاعت جهودنا مع بلاد أخرى.. وضاعت أموال قبل وصولها إلى أصحابها ومحتاجيها.. يقول الإمام علي رضي الله عنه "المعروف كنز أنظر عند من تودعه "
وأعربت شكرها للمركز لإختيارها من ضمن السفيرات لهذا البرنامج الإنساني الموجه لتلبية احتياجات المرأة في جزر القمر مضيفة أن بعضهن مثل صديقتي الدكتورة فوزية خلفان التي شاركتني والدكتور كريم فرمان في ولادة هذا المشروع لهن خبرة في المجال الإنساني وتعلمن من تجاربهن متابعة كل المشاريع الخيرية التي يشرفن عليها والتوظيف الجيد لكل ما يجمعن من تبرعات.
وقالت أن أمامنا مشاريع طموحة سندق كل الأبواب لتحقيقها. بل و لتجاوزها إن شاء الله إلى مشاريع أكبر معربة عن سعادتها لأن ينطلق هذا البرنامج الإنساني من هنا حيث أن للشارقة مكانة خاصة في قلب جزر القمر، التي احتضن ثراها أحد الشيوخ الأجلاء الذي أحبها وأحبته لافتة إلى إن هذه الحملة تأتي في مصادفة جميلة لتكمّل مسيرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى للإتحاد ,حاكم الشارقة الذي امتدت أياديه البيضاء لتصل إلى تلك الجزيرة العربية المنسية، التي لم ينسها مؤكدة أن بصمات سمو الحاكم وقرينته بصمة مشرفة في التاريخ الإنساني العربي لما نظموه من حملات لدعم أطفال فلسطين وغيرهم من الدول في العالم .
وأشارت إلى ان المشاريع الأنسانية لها بصمة كبيرة في قلوب المحرومين والبرنامج التنموي الخاص بجز القمر يسير وفق خطته التي سيتم فيها قريباً الكشف عن آلية للعمل،حيث أن مثل هذه الحملات الإنسانية والبرامج تبدأ بقائمة التبرعات وتنتهي بالمشاريع المنجزة.