وبالتأكيد جميعنا عانينا من ذلك رجالا ونساء ! النفاق الاجتماعي البغيض الراسخ في ثقافتنا العنيفة ضد الآخر وعدم تقبله بشخصه كما هو ! عدم الحب والاحترام ، الغيرة ، الحقد ، الجهل وقلة الوعي ، كل ذلك يتسبب بتدخل اجتماعي وعائلي لكل فرد من أفراد الأسرة والمجتمع أحيانا ، بالتالي انعدام العدالة الاجتماعية !
فاحترام حريات الآخرين هي منتهى التقدم والتحضر .. فلم نتناسى ذلك ؟ وان عدم احترام معتقد وفكر الآخر إنما ينتج عن تربية عنيفة خاطئة لا تتسع ولا مكان فيها لاحترام الإنسان بذاته وبفكرة .
فعندما احترم الآخر إنساناً وفكراً ، ظاهرا ، شكلا ومضمونا ، أكون قد هيئت لامتداد وبناء لجسور تحمل الثقة والمحبة …
ومع الأسف مفاهيمنا لا تخرج عن مفهوم ( القوي يأكل الضعيف) وأساليب التفاهم بالقوة والعنف ، وحوارنا يزخر بالكلمات القاسية والشتم والسب !
فنجد الكثير من الناس يتدخلون في ما لا يخصهم ، من منا لم يتعرض للقيل والقال ؟ الجميع قلق ومهتم بالآخرين، يدسون أنوفهم فيما يعنيهم وما لا يعنيهم ، وكأنهم يملكون حق الوصاية على بعضهم البعض ،
وهناك من يرفض وظيفة مناسبة أو ترقية تساعده على العيش الكريم إلا انه يرفض خوفا من كلام الناس رغم حاجته الماسة لها ! هناك من قهر موهبته وكبتها وظلم نفسه خوفا من كلام الناس ! وهناك من يضطر للقيام بأفعال لا يريدها خوفا من كلام الناس فقط ! وهناك من يتبنى آراء لا يؤمن ولا يقتنع بها حقيقة إنما فقط خوفا من كلام الناس ! وهناك حالات وحالات ……… الخ
الكثيرين منا عانوا من تدخل الآخرين بهم .. الأسرة أو الزملاء أو حتى الأصدقاء .. المجتمع ! فلمـاذا وصل بنـا الحال إلى الخوف منهم إلى هذه الدرجــة ؟ لما هذا الخوف من نظرة المجتمع لنا ؟ وكيف يستمد هذا الخوف شرعيته ليرهبنا بهذا الشكل ؟ وهل يعقل أن نستمر بفعل أشيــاء لا نرغبهـا .. من أجل إرضـاء النـاس فقط !
نحن نعلم أن الثقافة لها دور كبير في ترسيخ القناعات الإنسانية لذا .. فإن الخطورة تكمن في إهمال معالجة هذه الآفة ، بمهاجمة الإنسان ، بإنسانيته وشخصه وثقافته ومعتقدة وفكره ، مما قد يتسبب بتدميره واغتياله معنويا وفكريا وأخلاقيا ، فهي تريد أن تنتزع منه البعد الإنساني وأن تبعده عن المجتمع كعضو اجتماعي فعال ..
أخيرا .. إن احترام خصوصية الإنسان من أهم المبادئ الأخلاقية والإنسانية التي يجب على الجميع الالتزام بها … فلا حرية ولا كرامة للإنسان في ظل تدخل الآخرين بشؤونه الخاصة ….
(ضحكت فقالوا ألا تحتشم ، بكيت فقالوا ألا تبتسم ، ابتسمت فقالوا يرائي ، عبست فقالوا بدا ما كتم ، صمت فقالوا كليل اللسان ، نطقت فقالوا كثير الكلام ،حلمت فقالوا ضعيف جبان ولو كان مقتدرا لانتقم