أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

معركة المساواة تضع المرأة أمام خياري مواصلة النضال أو الركون للأسلم؟

سمر حدادين - الأردن رغم مرور ما يزيد عن مائة عام على حركات تحرر المرأة في العالم، ما يزال الصراع قائما بين مكونات المجتمعات باتجاهاتها المختلفة، حول التصور المناسب لوضع النساء إن كانت المساواة التامة مع الرجل أو أن التمييز الإيجابي يفي بالغرض. الأردن جزء من المنظومة العالمية، ولهذا لم يستقر الرأي بعد في المجتمع بمختلف مكوناته أين يكمن وضع المرأة فيه؟، هل هي متساوية مع الرجل بالمطلق أم أنها تحظى بأفضلية في جوانب، وتعاني من التمييز في جوانب أخرى، وهل من الممكن إزالة التمييز ضدها بشموليته؟. الإشكالية مطروحة منذ سنوات طويلة، حول مفهوم المساواة والجندر ومساواة النوع الاجتماعي، التي تواجه معارضة شديدة من معظم القوى وعلى رأسها الدينية التي تلتزم بما نصت عليه الأديان السماوية. الجندر أو علم النوع الاجتماعي أو الحنبوسية حسب بعض الترجمات في العربية (بالإنجليزية Gender) هو علم الجنس السوسيولوجي/الاجتماعي ويعني المصطلح دراسة المتغيرات حول مكانة كل من المرأة والرجل في المجتمع بصرف النظر عن الفروقات البيولوجية بينهما وفقاً لدراسة الأدوار التي يقومان بها، أي أن المرأة والرجل ينبغي النظر إليهما من منطلق كونهما إنسانا بصرف النظر عن جنس كل منهما. وهذا العلم لا يخص المرأة فحسب وإنما يعني الرجل كذلك. يتخوف بعض المعارضين للمساواة المطلقة أن يتبعها المساواة في الحقوق والواجبات في الزواج وهو ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية التي حددت حقوق وواجبات كلا الزوجين، وهو ما دفع الاردن الى التحفظ على المادة السادسة عشرة من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة «سيداو»، والمتعلقة بالحقوق والمسؤوليات في عقد الزواج، لمخالفتها أحكام الشريعة الإسلامية. المحاذير التي يطرحها المجتمع دفع تيارا عريضا للحديث عن تنقية القوانين من التمييز وفق ما أتاحه الدستور الأردني الذي لم يفرق بين الأردنيين أمام القانون وإن لم يشر إلى ذلك بصورة صريحة. وهو ما تناولته أستاذة الإدارة التربوية، عميدة شؤون الطلبة في جامعة العلوم الإسلامية العالمية النائب السابق الدكتورة أدب السعود، التي قالت ان النص الحالي في المادة السادسة من الدستور يفهم ضمنا أن المساواة موجودة، لافتة إلى أن ثمة مخاطبات في القرآن الكريم بصيغة ذكورية، إلا أنها موجهة للذكر والأنثى معا. وشددت الدكتورة السعود على أنه في ظل التخوفات السياسية والدينية فإن بقاء النص على ما هو عليه «ربما هو الأسلم»، مشيرة إلى أن إضافة عبارة إلى نص دستوري أو قانوني بقصد زيادة التوضيح هي بعرف القانونيين تزيدٌ من الناحية النصية. وفي ظل استبعاد خيار إضافة لفظة (الجنس) على المادة السادسة من الدستور والتي تنص على أن( الأردنيين أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين)، فما البديل المطروح أمام الحركة النسائية والمهتمين بالدفاع عن قضايا المرأة وحقوقها؟. المنظمات النسائية على اختلافها قطعت عهدا باستمرار ما أسمته «النضال» إلى أن تنتزع هذا الحق، بحسب الناشطة إميلي نفاع، التي قالت ان تجربتها الطويلة بالحياة أوصلتها لقناعة أنه ينبغي أن نواصل المطالبة، مذكرة أن أول عريضة رفعت بالمطالبة بحقوق المرأة كانت عام 1955 وتمكنت من تحقيقها وإن طالت السنين. وأضافت أن القوى النسائية بتحالفها مع القوى التقدمية بالمجتمع ستواصل نضالها إلى حين يتحصل هدفها بأن تصبح المساواة أمرا منصوصا عليه دستوريا، بعيدا عن أي تخوفات سياسية ودينية وإن كانت غير راغبة بالخوض بالجوانب الدينية. وزادت أنه «بعيدا عن التخوفات، منح الحقوق المتساوية هو حق من حقوق المرأة حتى إن كانت ضد مصالح الرجل». وترى أن البدائل المطروحة أمام الحركة النسائية هو السعي نحو تنفيذ مطالب الحركة النسائية التي تقدمت بها تحت مظلة اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، والمتمثلة بتعديل 12 قانونا لإزالة التمييز ضد المرأة. وتطالب لائحة مطالب النساء في مجال الإصلاح القانوني بمعالجة القوانين المؤقتة بالإبقاء على الجيد منها وإقراره ليصبح قانوناً عادياً، وإلغاء أو تعديل ما يلزم منها بعد دراسة متأنية. وترى أنه لا بد من مراجعة دورية للتشريعات بهدف تنقيتها من كل تمييز وخاصة التمييز ضد المرأة. وفي حالة المساواة المطلقة سيغيب التمييز الإيجابي في جوانب عديدة مما حظيت به المرأة بالاتفاقيات والقوانين فلا داعي، وفق نفاع للتمييز الإيجابي، في ظل المساواة التامة، وسيكون معيار الكفاءة هو الأساس بالاختيار وشغل المناصب والوظائف. وتحظى المرأة بتمييز إيجابي عبر الكوتا النسائية بقانون الانتخاب والبلديات، وفي العمل لجهة تحديد أوقات العمل والمهن المسموح عمل المرأة بها الأمومة الحضانة. المساواة المطلقة أم إبقاء التمييز الإيجابي في بعض الجوانب، يفتح الباب على مصرعيه للتساؤل، هل المرأة الأردنية جاهزة لمواجهة المجتمع منفردة دون حماية تعتمد الجنس أساسا للمعاملة التفضيلية، أم يكفيها في الوقت الراهن تنقية القوانين من التمييز ضدها؟.

سمر حدادين - الأردن

رغم مرور ما يزيد عن مائة عام على حركات تحرر المرأة في العالم، ما يزال الصراع قائما بين مكونات المجتمعات باتجاهاتها المختلفة، حول التصور المناسب لوضع النساء إن كانت المساواة التامة مع الرجل أو أن التمييز الإيجابي يفي بالغرض.

الأردن جزء من المنظومة العالمية، ولهذا لم يستقر الرأي بعد في المجتمع بمختلف مكوناته أين يكمن وضع المرأة فيه؟، هل هي متساوية مع الرجل بالمطلق أم أنها تحظى بأفضلية في جوانب، وتعاني من التمييز في جوانب أخرى، وهل من الممكن إزالة التمييز ضدها بشموليته؟.

الإشكالية مطروحة منذ سنوات طويلة، حول مفهوم المساواة والجندر ومساواة النوع الاجتماعي، التي تواجه معارضة شديدة من معظم القوى وعلى رأسها الدينية التي تلتزم بما نصت عليه الأديان السماوية.

الجندر أو علم النوع الاجتماعي أو الحنبوسية حسب بعض الترجمات في العربية (بالإنجليزية Gender) هو علم الجنس السوسيولوجي/الاجتماعي ويعني المصطلح دراسة المتغيرات حول مكانة كل من المرأة والرجل في المجتمع بصرف النظر عن الفروقات البيولوجية بينهما وفقاً لدراسة الأدوار التي يقومان بها، أي أن المرأة والرجل ينبغي النظر إليهما من منطلق كونهما إنسانا بصرف النظر عن جنس كل منهما. وهذا العلم لا يخص المرأة فحسب وإنما يعني الرجل كذلك.

يتخوف بعض المعارضين للمساواة المطلقة أن يتبعها المساواة في الحقوق والواجبات في الزواج وهو ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية التي حددت حقوق وواجبات كلا الزوجين، وهو ما دفع الاردن الى التحفظ على المادة السادسة عشرة من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة «سيداو»، والمتعلقة بالحقوق والمسؤوليات في عقد الزواج، لمخالفتها أحكام الشريعة الإسلامية.

المحاذير التي يطرحها المجتمع دفع تيارا عريضا للحديث عن تنقية القوانين من التمييز وفق ما أتاحه الدستور الأردني الذي لم يفرق بين الأردنيين أمام القانون وإن لم يشر إلى ذلك بصورة صريحة.

وهو ما تناولته أستاذة الإدارة التربوية، عميدة شؤون الطلبة في جامعة العلوم الإسلامية العالمية النائب السابق الدكتورة أدب السعود، التي قالت ان النص الحالي في المادة السادسة من الدستور يفهم ضمنا أن المساواة موجودة، لافتة إلى أن ثمة مخاطبات في القرآن الكريم بصيغة ذكورية، إلا أنها موجهة للذكر والأنثى معا.

وشددت الدكتورة السعود على أنه في ظل التخوفات السياسية والدينية فإن بقاء النص على ما هو عليه «ربما هو الأسلم»، مشيرة إلى أن إضافة عبارة إلى نص دستوري أو قانوني بقصد زيادة التوضيح هي بعرف القانونيين تزيدٌ من الناحية النصية.

وفي ظل استبعاد خيار إضافة لفظة (الجنس) على المادة السادسة من الدستور والتي تنص على أن( الأردنيين أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين)، فما البديل المطروح أمام الحركة النسائية والمهتمين بالدفاع عن قضايا المرأة وحقوقها؟.

المنظمات النسائية على اختلافها قطعت عهدا باستمرار ما أسمته «النضال» إلى أن تنتزع هذا الحق، بحسب الناشطة إميلي نفاع، التي قالت ان تجربتها الطويلة بالحياة أوصلتها لقناعة أنه ينبغي أن نواصل المطالبة، مذكرة أن أول عريضة رفعت بالمطالبة بحقوق المرأة كانت عام 1955 وتمكنت من تحقيقها وإن طالت السنين.

وأضافت أن القوى النسائية بتحالفها مع القوى التقدمية بالمجتمع ستواصل نضالها إلى حين يتحصل هدفها بأن تصبح المساواة أمرا منصوصا عليه دستوريا، بعيدا عن أي تخوفات سياسية ودينية وإن كانت غير راغبة بالخوض بالجوانب الدينية.

وزادت أنه «بعيدا عن التخوفات، منح الحقوق المتساوية هو حق من حقوق المرأة حتى إن كانت ضد مصالح الرجل».
وترى أن البدائل المطروحة أمام الحركة النسائية هو السعي نحو تنفيذ مطالب الحركة النسائية التي تقدمت بها تحت مظلة اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، والمتمثلة بتعديل 12 قانونا لإزالة التمييز ضد المرأة.

وتطالب لائحة مطالب النساء في مجال الإصلاح القانوني بمعالجة القوانين المؤقتة بالإبقاء على الجيد منها وإقراره ليصبح قانوناً عادياً، وإلغاء أو تعديل ما يلزم منها بعد دراسة متأنية. وترى أنه لا بد من مراجعة دورية للتشريعات بهدف تنقيتها من كل تمييز وخاصة التمييز ضد المرأة.

وفي حالة المساواة المطلقة سيغيب التمييز الإيجابي في جوانب عديدة مما حظيت به المرأة بالاتفاقيات والقوانين فلا داعي، وفق نفاع للتمييز الإيجابي، في ظل المساواة التامة، وسيكون معيار الكفاءة هو الأساس بالاختيار وشغل المناصب والوظائف.

وتحظى المرأة بتمييز إيجابي عبر الكوتا النسائية بقانون الانتخاب والبلديات، وفي العمل لجهة تحديد أوقات العمل والمهن المسموح عمل المرأة بها الأمومة الحضانة.

المساواة المطلقة أم إبقاء التمييز الإيجابي في بعض الجوانب، يفتح الباب على مصرعيه للتساؤل، هل المرأة الأردنية جاهزة لمواجهة المجتمع منفردة دون حماية تعتمد الجنس أساسا للمعاملة التفضيلية، أم يكفيها في الوقت الراهن تنقية القوانين من التمييز ضدها؟.
تعليقات