حين زارتنا بغداد .. وأنشدت (الليلة حلوة) على نهر دجلة

رشا فاضل - العراق حين زارتنا بغداد .. وأنشدت (الليلة حلوة) على نهر دجلة(على هامش مهرجان الافلام التسجيلية العراقية ) يحدث ان يباغتك الوقت ببهجة تربك قلبك العاطل عن الفرح منذ الخيبة الأخيرة التي لاتفصلها عن الأولى مسافات ضوئية كما يبعد الفرح ! هل كنا حقا نهتف للفن والجمال ونتهجى الذكريات أمام الغروب الذي رسم ملامحنا فوق وجه دجلة الذي لم يبد متعبا في ذلك اليوم الواقع سهوا من مفكرة الرتابة والخوف وانتظار المجهول ! رائحة السمك تباغت جلستنا النهرية في قرية( المحزم ) شمال تكريت التي فتحت لنا حضن خضرتها وراحت تسمعنا سيمفونية النهر يشاركها حفيف الشجر ونظرتنا المفتوحة على الأفق البعيد هربا من العالم الالكتروني والوجوه الزجاجية .. يأتي صوت (سيف المهند) كأنه في مهمة إخراجية أخرى – لنتجول عند بحيرة السمك .. وينتشر الجميع في أصواب شتى فكل الطرق تؤدي الى الخضرة .. - المخرج بشير الماجد - يحمل بشير الماجد كاميرته ويتجول في فضاء الله .. سيناريو متكامل لطبيعة رسمها الله بإتقان ادهش الكاميرا ... ولأن الفرح ضيف عابر يحاول الجميع تجميد الوقت في الشاشات الالكترونية بالتقاط الكثير من الصور للشمس وهي تجر حمرتها وترمي بظلالها فوق وجه دجلة لتباغتنا بمغادرتها .. فاسحة الوقت لأنفاس الليل . وتبدأ الذكريات .. &&& -الفنان مازن محمد مصطفى مع الموسيقي زياد الوادي- على مائدة المحبة والسمك المسكوف يصيح الفنان مازن محمد مصطفى بعبثيته البيضاء ( قلت لصاحب السيطرة –ياعمي والله اني ممثل مو مغني لكنه اصر- ما أخليك تفوت الا تغنيلي .. وكررت عليه – يابه والله اني ممثل يمعودين ! وبعد أن تأمل قليلا قال – هسه تذكرتك انته شاعر اقرأ لي قصيدة !) وننفجر ضحكا ... يتجول الحديث بين الأصدقاء متنقلا من الفن الى الفن والى الذكريات .. يحتضن المخرج بشير الماجد (لابتوبه) ويبدأ يعرض لنا فلمه مفكرة شخصية .. نرى الذاكرة العراقية المنهكة تتسلق الأيام بخداع الذات وابتكار سعادات صغيرة تملّح قلوبنا .. ولاعجب أن يفوز الفلم بجوائز عربية مغالبا الأفلام المترفة التي تتحدث عن مشاكل مترفة .. وأحزان شفافة .. لاترتقي مطلقا لما انصب فوق رؤوس بقايا السومريين من أهوال .. أقول للماجد بعد انتهاء الفلم : فلم (طاك) ! وينفجر ضاحكا ببساطته وعفويته .. أستدير لمحمد الربيعي وأقول له : انته هم طاك ويغيب محمد في ضحكته التي تعيدني للصفوف الابتدائية حين نخجل فرحا ونواري فرحنا في اقرب حظن او كف .. نبعث طائرا الكترونيا للشاعر عبد الرزاق الربيعي في مسقط : على شاطيء دجلة .. نتناول العشاء .. فيبعث لنا حسرته على الجانب الآخر من الكون .. ويشاركنا الاحتفاء .. ينزوي الحديث عن الصحافة وهمومها ونتحدث عن منجزات نقابة الصحفيين في صلاح الدين مع نقيبها حسن عبدالله الذي اتى بزّيه غير الرسمي مرحبا ومشاركا الضيوف بالاحتفاء مع كادره .. الذي بدا لي كأنهم عائلة واحدة .. شاكسته : مومعقول جايب النقابة والجريدة كلها؟ ضحك وقال لا أتحرك بدونهم إننا عائلة واحدة . ......... -الشاعر جبار المشهداني والموسيقي زياد الوادي- يبرق من أمامنا عبدالله المشهداني .. آخر عنقود الشاعر والمسرحي جبار المشهداني ويدفن رأسه في حضن أمه صائحا :ماما جوعاااان؟ تلكزه سميرة خنجر وأتضامن مع جوعه وأصيح معه: آني هم جوعانة علياء المشهداني تؤرخ الذكريات بكاميرتها الصغيرة وسمرتها المنسوخة من والدها .. يتحول الحديث الى مسرحية جبار المشهداني والفنان جواد الشكرجي الأخيرة .. نناقش الفكرة والعبارة .. يبدأ القلب يتقرح من جديد حين نتذكر المعتقلين على الجانب الآخر حيث لاشمس ولا أمل يبرق في الأعلى .. ولا صوت .. لاشيء سوى الجدران ! جواد الشكرجي : شكرا لك نيابة عن الذين غابوا عن الشمس .. أعاتبك : لماذا لم تكن بيننا ؟ &&& كلمة بحق رئيس جامعة تكريت ( واحد من أهم أهداف الجامعة إنها تعكس حاضر وحضارة مدينتها فأشكركم أنكم منحتم الجامعة فرصة التعبير عن ذلك ..) هذا ماقاله د. علي صالح حسين وهو يقطع المسافة لحضور اجتماع متأسفا لعدم تمكنه من حضور المهرجان الذي احتضنته جامعة تكريت في أروقتها . أقول له : إن دعمك للثقافة كان فعلا ملموسا .. وان تلك الهوّة الكبيرة التي كانت تفصل الجامعة عن الحياة الثقافية والاجتماعية قد بدأت تنحسر وتردم بجسور التواصل التي مددتها فعلا لا كلاما .. وإن الجامعة خرجت من الأسوار الأكاديمية وأصبحت عنصرا أساسيا وفعالا في دعم الحركات الثقافية وكان للجامعة داخل أروقتها وخارجها أكثر من نقلة ثقافية نوعية .. ولا يفوتني أن أذكر استضافة الجامعة للناقد الكبير د. عبد الله ابراهيم المقيم في (الدوحة ) خطوة استثنائية لا أظنها مسبوقة من جامعة أخرى .. بالإضافة لدعمك المتواصل لصحيفة الجامعة مانحا إياها حرية التعبير .. ويضاف الى ذلك مجهودك المشهود له في مد جسور التواصل بين الأكاديميين والمثقفين من خلال حثهم والمشاركة معهم في تقديم الأمسيات الثقافية العلمية والأكاديمية في شتى الاختصاصات في قصر الثقافة والفنون ... لقد حولت الجامعة الى مدينة ثقافية علمية تضج حيوية ونشاطا .. كنا في طريقنا للمركز الثقافي فيها نستدل الدرب بصعوبة فقد كنا في مدينة كبيرة مازال الاعمار فيها قائما لم تكتف باستحداث الكليات الجديدة .. حتى إن أحد الأصدقاء صاح باندهاش : ماهذه المدينة المترامية الأطراف ! شهادتي بحقك لن تكون مجروحة.. لأني لا انتمي للجامعة لامن قريب ولا من بعيد لست موظفة فيها ولا انوي ان أكون طالبة فقد اكتفيت بشهادتي ووظيفتي .. لكن حبري لم يكتف .. د. علي صالح : مازال لحبر الامتنان بقية .. &&& في الجانب المقابل لجلستنا أمام مرآة دجلة يقف الكاتب علي الحداد مع شريكته التشكيلية رجاء الحداد يتبادلان أنخاب الحديث .. ويلتقطان الذكريات .. يأتي صوتها : الجو هنا رائع .. فيما يطلق زوجها نظرة مفتوحة على الأفق .. ربما كان يؤسس لكتابة شيء جديد بعد سنواته الأربع عشرة التي قضاها أسيرا وعاد ليرى وطنه أسيرا أيضا ! يبقى سيف المهند وأهله ورياض الجابر وحامد السامرائي يطوفون حولنا يتفقدون حاجة الضيوف الذين أصبحوا أهل الدار .. فيما يحمل العذب زياد الوادي عوده وبجانبه الفنان مازن محمد مصطفى ويبدأ العزف .. يغيبان في أغاني بعيدة غائرة في الذاكرة والعذوبة ونغيب معهم .. تلك الأغاني العراقية الجميلة .. أين نحن الآن منها ؟ من زمنها؟ ماهذه الدوامة .. والى أين سنصل ؟ &&& شفيق المهدي يحرّض على الجمال على المنصة وقف المبدع شفيق المهدي (اسمه هكذا أجمل من كل الألقاب وأكثر صدقا ) ألقى كلمته ومحبته منتصرا للفن والجمال والمحبة رافعا شعار الجمال الفن يوحدنا كما لايفعل أي شعار سياسي آخر او أي حزب تعبوي ..مؤكدا بحماس كبير إننا جميعا ننتمي لعشيرة واحدة هي العراق .. لا أنسى حماسه حين دعوته لحضور المهرجان .. كان سعيدا وهو يقول بحماس هذه خطوة عظيمة تستحق الكثير .. شكرا لجبار المشهداني الذي مد جسور المحبة و بذل جهدا كبيرا بحماس حقيقي لينجح المهرجان ويتحول الى عرس ثقافي يضم المبدعين والمحبين &&& فاطمة الربيعي تصطحب الزمن الجميل وتأتي عبر الهاتف .. كان صوت الفنانة الكبيرة فاطمة الربيعي يحيلني الى سنوات بعيدة .. الزمن الجميل الذي كانت فيه بغداد امرأة متأنقة مذيلة بالعطر تذرع الطرقات من المنصور الى الكرادة والاعظمية بزهو عظيم .. قلت لها : ياستي حتى في الهاتف نحب صوتك لأنه يحيلنا الى تلك الذاكرة البيضاء .. نريدك في تكريت .. وضحكت بأمومة فائضة نعرفها جميعا .. ..و سعدت بالدعوة .. ولبّتها رغم الطريق وربما كان هنالك من يهمس في اذنها بخطورة الذهاب الى تكريت .. و.... لكنها أتت! وأبهجتنا .. للفن سطوة لايمكن مقاومتها .. كانت جزءا من ذاكرتنا وتفاصيلنا بما أنجزته عبر سنواتها الطويلة &&& شكرا للأستاذ سبهان ملا جياد وحضوره وتفاعله الجميل مع هذ ا الحدث الجمالي ولاعجب في ذلك فقد عرفت اهتمامه بالثقافة والمثقفين وروحه المحبة لإشاعة الثقافة ومفردات الجمال .. لم يكن الأستاذ ضامن عليوي يؤدي واجبا وظيفيا .. بل على العكس .. كان مؤجلا لسفره ليحضر المهرجان .. وكان محتفيا بشكل خاص بالضيوف .. مادا جسور التعاون مع المشاريع الثقافية وهو أمر ليس بجديد عليه .. وخير منجز على ذلك .. قصرنا الثقافي الذي احتضننا ولم بددنا .. وشكرا للأستاذ غسان العكاب الذي عمل بدأب على إنجاح المهرجان ورعايته للفعاليات الثقافية وشكرا لكل من عمل وساهم وأنجز وعذرا عن ذكر جميع الأسماء فذاكرتي مثقوبة ربما لهذا السبب .. أنا اكتب وأتحدث وأملأ رأسكم .. على امتداد بياض الورق .. *** في الركن البعيد الهاديء .. ارتدينا وجوهنا وأصواتنا - الشاعر احمد عزاوي - في ركن قصي من قاعة الاحتفال وعلى غير موعد مسبق .. انزوينا ثلاثتنا .. لايهم من أين ابدأ فنحن نتشابه كثيرا في ملامحنا النفسية وأفكارنا الخارجة عن نطاق القولبة .. وحتى أحلامنا وخيباتنا قرأ أحمد عزاوي مقطعا صغيرا من قصيدته .. ولعنت نفسي لأني لست ناقدة .. مثل هذه القصائد لايجوز تركها تمر مرورا عابرا ... مثل امرأة فائقة الجمال يصبح للصمت في حضرتها طعم الاهانة .. فيما راح احمد الظفيري يطلق سخريته في الفضاء الواسع كلما تعمقنا في فضاء لايتسع لأجنحتنا . .. ثلاثتنا كنا نجلس على كرسي الاعتراف .. او ورق البوح .. ما اجمل ان نسترد طفولتنا ونمد ألسنتنا للاشارت الحمراء .. ونركض .. بلا هوادة .. فوق أجنحة القصائد والكلام الذي لايعرف وجهين او معنيين . -القاص فرج ياسين - ليس الإحساس بالذنب وحده ماجعلني أتحدث عن فرج ياسين اللحظة فقد حزمت أمري في الكلمة الترحيبية التي لم أهيء لها أو أكتبها أن أقول : كان بودي أن تلتقوا بفرج ياسين كمَعلم جمالي وحضاري وثقافي في المدينة بل في العراق ، وليس كشخصية أكاديمية معرفية فحسب .. لكن ... إرباك المنصة .. أنساني ذلك .. وها أنا استوقف الذاكرة قبل زوالها .. وأقول من أعماق قلبي : لو كان فرج ياسين حاضرا .. كان سيصبح للاحتفاء طعم آخر .. ولون آخر يبهر الجميع .. لكنه آثر عزلته البيضاء .. التي لن ألومه عليها هذه المرة .. فقد اختار الإخلاص للكتابة والقصة وقدح الشاي المقدس .. بعيدا عن الضجيج .. والأقنعة والأطماع الشخصية التي تأتي مسوغة بالثقافة والوطنية وسواها .. وعاد ليرتقي بعزلته سلّما آخر من الإبداع .. فرج ياسين : صدقني .. أفتقدك كثيرا

رشا فاضل - العراق

حين زارتنا بغداد .. وأنشدت (الليلة حلوة) على نهر دجلة(على هامش مهرجان الافلام التسجيلية العراقية )
يحدث ان يباغتك الوقت ببهجة تربك قلبك العاطل عن الفرح منذ الخيبة الأخيرة التي لاتفصلها عن الأولى مسافات ضوئية كما يبعد الفرح !
هل كنا حقا نهتف للفن والجمال ونتهجى الذكريات أمام الغروب الذي رسم ملامحنا فوق وجه دجلة الذي لم يبد متعبا في ذلك اليوم الواقع سهوا من مفكرة الرتابة والخوف وانتظار المجهول !
رائحة السمك تباغت جلستنا النهرية في قرية( المحزم ) شمال تكريت التي فتحت لنا حضن خضرتها وراحت تسمعنا سيمفونية النهر يشاركها حفيف الشجر ونظرتنا المفتوحة على الأفق البعيد هربا من العالم الالكتروني والوجوه الزجاجية ..
يأتي صوت (سيف المهند) كأنه في مهمة إخراجية أخرى – لنتجول عند بحيرة السمك ..
وينتشر الجميع في أصواب شتى فكل الطرق تؤدي الى الخضرة ..
- المخرج بشير الماجد -
يحمل بشير الماجد كاميرته ويتجول في فضاء الله .. سيناريو متكامل لطبيعة رسمها الله بإتقان ادهش الكاميرا ...
ولأن الفرح ضيف عابر يحاول الجميع تجميد الوقت في الشاشات الالكترونية بالتقاط الكثير من الصور للشمس وهي تجر حمرتها وترمي بظلالها فوق وجه دجلة
لتباغتنا بمغادرتها .. فاسحة الوقت لأنفاس الليل .
وتبدأ الذكريات ..
&&&
-الفنان مازن محمد مصطفى مع الموسيقي زياد الوادي-
على مائدة المحبة والسمك المسكوف يصيح الفنان مازن محمد مصطفى بعبثيته البيضاء ( قلت لصاحب السيطرة –ياعمي والله اني ممثل مو مغني لكنه اصر- ما أخليك تفوت الا تغنيلي .. وكررت عليه – يابه والله اني ممثل يمعودين ! وبعد أن تأمل قليلا قال – هسه تذكرتك انته شاعر اقرأ لي قصيدة !)
وننفجر ضحكا ...
يتجول الحديث بين الأصدقاء متنقلا من الفن الى الفن والى الذكريات ..
يحتضن المخرج بشير الماجد (لابتوبه) ويبدأ يعرض لنا فلمه مفكرة شخصية ..
نرى الذاكرة العراقية المنهكة تتسلق الأيام بخداع الذات وابتكار سعادات صغيرة تملّح قلوبنا ..
ولاعجب أن يفوز الفلم بجوائز عربية مغالبا الأفلام المترفة التي تتحدث عن مشاكل مترفة .. وأحزان شفافة .. لاترتقي مطلقا لما انصب فوق رؤوس بقايا السومريين من أهوال ..
أقول للماجد بعد انتهاء الفلم : فلم (طاك) !
وينفجر ضاحكا ببساطته وعفويته ..
أستدير لمحمد الربيعي وأقول له : انته هم طاك
ويغيب محمد في ضحكته التي تعيدني للصفوف الابتدائية حين نخجل فرحا ونواري فرحنا في اقرب حظن او كف ..
نبعث طائرا الكترونيا للشاعر عبد الرزاق الربيعي في مسقط : على شاطيء دجلة .. نتناول العشاء ..
فيبعث لنا حسرته على الجانب الآخر من الكون .. ويشاركنا الاحتفاء ..
ينزوي الحديث عن الصحافة وهمومها ونتحدث عن منجزات نقابة الصحفيين في صلاح الدين مع نقيبها حسن عبدالله الذي اتى بزّيه غير الرسمي مرحبا ومشاركا الضيوف بالاحتفاء مع كادره .. الذي بدا لي كأنهم عائلة واحدة .. شاكسته : مومعقول جايب النقابة والجريدة كلها؟ ضحك وقال لا أتحرك بدونهم إننا عائلة واحدة .
.........
-الشاعر جبار المشهداني والموسيقي زياد الوادي-
يبرق من أمامنا عبدالله المشهداني .. آخر عنقود الشاعر والمسرحي جبار المشهداني ويدفن رأسه في حضن أمه صائحا :ماما جوعاااان؟
تلكزه سميرة خنجر وأتضامن مع جوعه وأصيح معه: آني هم جوعانة
علياء المشهداني تؤرخ الذكريات بكاميرتها الصغيرة وسمرتها المنسوخة من والدها ..
يتحول الحديث الى مسرحية جبار المشهداني والفنان جواد الشكرجي الأخيرة .. نناقش الفكرة والعبارة .. يبدأ القلب يتقرح من جديد حين نتذكر المعتقلين على الجانب الآخر حيث لاشمس ولا أمل يبرق في الأعلى .. ولا صوت .. لاشيء سوى الجدران !
جواد الشكرجي : شكرا لك نيابة عن الذين غابوا عن الشمس ..
أعاتبك : لماذا لم تكن بيننا ؟
&&&
كلمة بحق رئيس جامعة تكريت
( واحد من أهم أهداف الجامعة إنها تعكس حاضر وحضارة مدينتها فأشكركم أنكم منحتم الجامعة فرصة التعبير عن ذلك ..)
هذا ماقاله د. علي صالح حسين وهو يقطع المسافة لحضور اجتماع متأسفا لعدم تمكنه من حضور المهرجان الذي احتضنته جامعة تكريت في أروقتها .
أقول له : إن دعمك للثقافة كان فعلا ملموسا .. وان تلك الهوّة الكبيرة التي كانت تفصل الجامعة عن الحياة الثقافية والاجتماعية قد بدأت تنحسر وتردم بجسور التواصل التي مددتها فعلا لا كلاما ..
وإن الجامعة خرجت من الأسوار الأكاديمية وأصبحت عنصرا أساسيا وفعالا في دعم الحركات الثقافية وكان للجامعة داخل أروقتها وخارجها أكثر من نقلة ثقافية نوعية .. ولا يفوتني أن أذكر استضافة الجامعة للناقد الكبير د. عبد الله ابراهيم المقيم في (الدوحة ) خطوة استثنائية لا أظنها مسبوقة من جامعة أخرى .. بالإضافة لدعمك المتواصل لصحيفة الجامعة مانحا إياها حرية التعبير .. ويضاف الى ذلك مجهودك المشهود له في مد جسور التواصل بين الأكاديميين والمثقفين من خلال حثهم والمشاركة معهم في تقديم الأمسيات الثقافية العلمية والأكاديمية في شتى الاختصاصات في قصر الثقافة والفنون ...
لقد حولت الجامعة الى مدينة ثقافية علمية تضج حيوية ونشاطا ..
كنا في طريقنا للمركز الثقافي فيها نستدل الدرب بصعوبة فقد كنا في مدينة كبيرة مازال الاعمار فيها قائما لم تكتف باستحداث الكليات الجديدة .. حتى إن أحد الأصدقاء صاح باندهاش : ماهذه المدينة المترامية الأطراف !
شهادتي بحقك لن تكون مجروحة.. لأني لا انتمي للجامعة لامن قريب ولا من بعيد لست موظفة فيها ولا انوي ان أكون طالبة فقد اكتفيت بشهادتي ووظيفتي ..
لكن حبري لم يكتف ..
د. علي صالح : مازال لحبر الامتنان بقية ..
&&&
في الجانب المقابل لجلستنا أمام مرآة دجلة يقف الكاتب علي الحداد مع شريكته التشكيلية رجاء الحداد يتبادلان أنخاب الحديث .. ويلتقطان الذكريات .. يأتي صوتها : الجو هنا رائع ..
فيما يطلق زوجها نظرة مفتوحة على الأفق .. ربما كان يؤسس لكتابة شيء جديد بعد سنواته الأربع عشرة التي قضاها أسيرا وعاد ليرى وطنه أسيرا أيضا !
يبقى سيف المهند وأهله ورياض الجابر وحامد السامرائي يطوفون حولنا يتفقدون حاجة الضيوف الذين أصبحوا أهل الدار ..
فيما يحمل العذب زياد الوادي عوده وبجانبه الفنان مازن محمد مصطفى ويبدأ العزف .. يغيبان في أغاني بعيدة غائرة في الذاكرة والعذوبة ونغيب معهم ..
تلك الأغاني العراقية الجميلة ..
أين نحن الآن منها ؟
من زمنها؟
ماهذه الدوامة .. والى أين سنصل ؟
&&&
شفيق المهدي يحرّض على الجمال
على المنصة وقف المبدع شفيق المهدي (اسمه هكذا أجمل من كل الألقاب وأكثر صدقا )
ألقى كلمته ومحبته منتصرا للفن والجمال والمحبة رافعا شعار الجمال الفن يوحدنا كما لايفعل أي شعار سياسي آخر او أي حزب تعبوي ..مؤكدا بحماس كبير إننا جميعا ننتمي لعشيرة واحدة هي العراق ..
لا أنسى حماسه حين دعوته لحضور المهرجان .. كان سعيدا وهو يقول بحماس هذه خطوة عظيمة تستحق الكثير ..
شكرا لجبار المشهداني الذي مد جسور المحبة و بذل جهدا كبيرا بحماس حقيقي لينجح المهرجان ويتحول الى عرس ثقافي يضم المبدعين والمحبين
&&&
فاطمة الربيعي تصطحب الزمن الجميل وتأتي
عبر الهاتف .. كان صوت الفنانة الكبيرة فاطمة الربيعي يحيلني الى سنوات بعيدة .. الزمن الجميل الذي كانت فيه بغداد امرأة متأنقة مذيلة بالعطر تذرع الطرقات من المنصور الى الكرادة والاعظمية بزهو عظيم ..
قلت لها : ياستي حتى في الهاتف نحب صوتك لأنه يحيلنا الى تلك الذاكرة البيضاء .. نريدك في تكريت ..
وضحكت بأمومة فائضة نعرفها جميعا ..
..و سعدت بالدعوة .. ولبّتها رغم الطريق وربما كان هنالك من يهمس في اذنها بخطورة الذهاب الى تكريت .. و.... لكنها أتت! وأبهجتنا .. للفن سطوة لايمكن مقاومتها ..
كانت جزءا من ذاكرتنا وتفاصيلنا بما أنجزته عبر سنواتها الطويلة
&&&
شكرا للأستاذ سبهان ملا جياد وحضوره وتفاعله الجميل مع هذ ا الحدث الجمالي ولاعجب في ذلك فقد عرفت اهتمامه بالثقافة والمثقفين وروحه المحبة لإشاعة الثقافة ومفردات الجمال ..
لم يكن الأستاذ ضامن عليوي يؤدي واجبا وظيفيا .. بل على العكس .. كان مؤجلا لسفره ليحضر المهرجان .. وكان محتفيا بشكل خاص بالضيوف .. مادا جسور التعاون مع المشاريع الثقافية وهو أمر ليس بجديد عليه .. وخير منجز على ذلك .. قصرنا الثقافي الذي احتضننا ولم بددنا ..
وشكرا للأستاذ غسان العكاب الذي عمل بدأب على إنجاح المهرجان ورعايته للفعاليات الثقافية وشكرا لكل من عمل وساهم وأنجز وعذرا عن ذكر جميع الأسماء فذاكرتي مثقوبة ربما لهذا السبب .. أنا اكتب وأتحدث وأملأ رأسكم .. على امتداد بياض الورق ..
***
في الركن البعيد الهاديء .. ارتدينا وجوهنا وأصواتنا
- الشاعر احمد عزاوي -
في ركن قصي من قاعة الاحتفال
وعلى غير موعد مسبق .. انزوينا ثلاثتنا .. لايهم من أين ابدأ فنحن نتشابه كثيرا في ملامحنا النفسية وأفكارنا الخارجة عن نطاق القولبة .. وحتى أحلامنا وخيباتنا
قرأ أحمد عزاوي مقطعا صغيرا من قصيدته .. ولعنت نفسي لأني لست ناقدة .. مثل هذه القصائد لايجوز تركها تمر مرورا عابرا ... مثل امرأة فائقة الجمال يصبح للصمت في حضرتها طعم الاهانة ..
فيما راح احمد الظفيري يطلق سخريته في الفضاء الواسع كلما تعمقنا في فضاء لايتسع لأجنحتنا . .. ثلاثتنا كنا نجلس على كرسي الاعتراف .. او ورق البوح ..
ما اجمل ان نسترد طفولتنا ونمد ألسنتنا للاشارت الحمراء .. ونركض .. بلا هوادة .. فوق أجنحة القصائد والكلام الذي لايعرف وجهين او معنيين .
-القاص فرج ياسين -
ليس الإحساس بالذنب وحده ماجعلني أتحدث عن فرج ياسين اللحظة
فقد حزمت أمري في الكلمة الترحيبية التي لم أهيء لها أو أكتبها أن أقول : كان بودي أن تلتقوا بفرج ياسين كمَعلم جمالي وحضاري وثقافي في المدينة بل في العراق ، وليس كشخصية أكاديمية معرفية فحسب ..
لكن ... إرباك المنصة .. أنساني ذلك .. وها أنا استوقف الذاكرة قبل زوالها .. وأقول من أعماق قلبي : لو كان فرج ياسين حاضرا .. كان سيصبح للاحتفاء طعم آخر .. ولون آخر يبهر الجميع .. لكنه آثر عزلته البيضاء ..
التي لن ألومه عليها هذه المرة ..
فقد اختار الإخلاص للكتابة والقصة وقدح الشاي المقدس .. بعيدا عن الضجيج .. والأقنعة والأطماع الشخصية التي تأتي مسوغة بالثقافة والوطنية وسواها ..
وعاد ليرتقي بعزلته سلّما آخر من الإبداع ..
فرج ياسين : صدقني .. أفتقدك كثيرا
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-