الذين يقتلون النساء

عائشة سلطان  علم كما يعلم الجميع، أن المرأة كانت تقتل عند عرب الجاهلية وهي طفلة خوفاً من العار، وصارت تقتل في الحضارة الهندية حينما يموت زوجها، فلا أهمية لحياتها بعده، ويقتلها الصينيون، بعد أن حددت الدولة النسل بطفل واحد، وفي بعض المجتمعات تقتل في قضايا شرف وانتقام و.. إلخ. وفي دراسة نشرها صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) جاء فيها أن العنف يطال المرأة في كل مكان في العالم، ومن مختلف الثقافات والفئات الاجتماعية، وكل مستويات التعليم والدخل والعرقيات والأعمار. فمن الذي يمارس العنف ضد النساء؟ ولماذا؟ تقرير اليونيسيف يقول إن “النساء ضحايا عائلاتهن، وهن يقتلن عمداً أو بسبب النقص في العناية الطبية، أو يقتلن بكل بساطة لأنهن نساء”، أما أعمال العنف الممارسة ضد النساء فتشمل: الإجهاض الاختياري بحسب جنس الجنين، الضرب، التشويه، سوء التغذية، عدم التمكن من الحصول على المساعدة الطبية والتعليم، الدعارة الإجبارية والعبودية، وجرائم الشرف، كما يحدث في بعض الدول. كل هذا العنف أدى إلى انتشار أبشع أنواع الأمراض كالإيدز بين 14 مليون امرأة في العالم.  لقد كان هذا العنف معروفاً في كل المجتمعات، وكان مسكوتاً عنه لأسباب مختلفة، حتى جاء الوقت الذي بدأت فيه كثير من الدول اعتماد قوانين تعاقب كل مرتكبي العنف ضد النساء، بما فيه العنف الزوجي. وعلى الرغم ذلك فما زال العنف مستمراً والتفرقة مستمرة، وإن تفاوت من مجتمع لآخر. وفي حين لا يحتاج الرجل إلى أي قانون لحمايته من الاعتداء على ذاته وشخصه وكرامته وحقوقه، فإن المرأة لا تكف عن المطالبة بسن قوانين لحمايتها من أنواع لا تحصى من العنف توجهه ضدها العائلة والرجل وآليات تفكير المجتمع!  المجتمعات ـ العربية والإسلامية تحديداً ـ هي الأكثر حديثاً في الإعلام ومناهج التعليم والأكثر ترديداً لمقولات حقوق المرأة، وحماية المرأة، واحترامها وحفظ كرامتها وفق مبادئ الدين والأخلاق والقانون، لكن أغلب هذا الحديث أحياناً يشبه مقولة (اسمع جعجعة ولا أرى طحناً) ، فالعنف الذي تعاني منه ملايين النساء العربيات يشهد بنقيض ما يقال، حيث العنف ليس ضرباً فقط، ولكنه منظومة ضخمة من سوء التقدير والاحترام ورعاية الحياة بكل حقوقها، فالنساء اللواتي يعشن في الطرقات، واللاتي لا يحصلن على العمل المناسب، فيضطررن لبيع أنفسهن مقابل لقمة العيش، يقتلن في الحقيقة كما كانت تقتل المرأة في جاهلية العرب!  هل تسهم المرأة في الموجة العاتية من العنف والتمييز الموجهة ضدها؟ وهل لموقع الرجل والمجتمع من السلم التعليمي والتطور التقني علاقة بدرجة ونوعية هذا العنف؟ وهل ترث بعض المجتمعات العنف ضد النساء من جملة الموروث الشعبي والإنساني العام وتستمر في تطبيقه، وبالتالي فالخلاص منه أو القضاء عليه أقرب للمستحيل، بمعنى هل العنف ضد المرأة قدر؟  مما لا شك فيه أن التعامل الإنساني في داخل المجموعات البشرية (المدينة ـ الدولة ـ القرية ـ الجماعة) هو في النهاية ثقافة تأسست على معايير مختلفة، وهذه الثقافة قابلة للتغيير والتوجيه والتأثير بفعل الإعلام والتعليم والتربية المجتمعية، وعليه فإن برامج تلفزيونية جيدة، وفقرات مختلفة في المناهج الدراسية يمكن أن تعدل السلوك العام في التعامل مع المرأة، وفي تعامل المرأة أيضاً مع ذاتها ومجتمعها وحقوقها، ذلك أن المجتمعات التي تحفظ كرامة أفرادها، وتعتني بهم صحياً ونفسياً، مقدرة أدوارهم وإسهاماتهم بعيداً عن كونهم رجالاً أم نساء صغاراً أم كباراً، هذه المجتمعات تضمن لنفسها حياة أفضل وبقاء أطول وأجمل.

عائشة سلطان 

علم كما يعلم الجميع، أن المرأة كانت تقتل عند عرب الجاهلية وهي طفلة خوفاً من العار، وصارت تقتل في الحضارة الهندية حينما يموت زوجها، فلا أهمية لحياتها بعده، ويقتلها الصينيون، بعد أن حددت الدولة النسل بطفل واحد، وفي بعض المجتمعات تقتل في قضايا شرف وانتقام و.. إلخ. وفي دراسة نشرها صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) جاء فيها أن العنف يطال المرأة في كل مكان في العالم، ومن مختلف الثقافات والفئات الاجتماعية، وكل مستويات التعليم والدخل والعرقيات والأعمار. فمن الذي يمارس العنف ضد النساء؟ ولماذا؟

تقرير اليونيسيف يقول إن “النساء ضحايا عائلاتهن، وهن يقتلن عمداً أو بسبب النقص في العناية الطبية، أو يقتلن بكل بساطة لأنهن نساء”، أما أعمال العنف الممارسة ضد النساء فتشمل: الإجهاض الاختياري بحسب جنس الجنين، الضرب، التشويه، سوء التغذية، عدم التمكن من الحصول على المساعدة الطبية والتعليم، الدعارة الإجبارية والعبودية، وجرائم الشرف، كما يحدث في بعض الدول. كل هذا العنف أدى إلى انتشار أبشع أنواع الأمراض كالإيدز بين 14 مليون امرأة في العالم.

لقد كان هذا العنف معروفاً في كل المجتمعات، وكان مسكوتاً عنه لأسباب مختلفة، حتى جاء الوقت الذي بدأت فيه كثير من الدول اعتماد قوانين تعاقب كل مرتكبي العنف ضد النساء، بما فيه العنف الزوجي. وعلى الرغم ذلك فما زال العنف مستمراً والتفرقة مستمرة، وإن تفاوت من مجتمع لآخر. وفي حين لا يحتاج الرجل إلى أي قانون لحمايته من الاعتداء على ذاته وشخصه وكرامته وحقوقه، فإن المرأة لا تكف عن المطالبة بسن قوانين لحمايتها من أنواع لا تحصى من العنف توجهه ضدها العائلة والرجل وآليات تفكير المجتمع!

المجتمعات ـ العربية والإسلامية تحديداً ـ هي الأكثر حديثاً في الإعلام ومناهج التعليم والأكثر ترديداً لمقولات حقوق المرأة، وحماية المرأة، واحترامها وحفظ كرامتها وفق مبادئ الدين والأخلاق والقانون، لكن أغلب هذا الحديث أحياناً يشبه مقولة (اسمع جعجعة ولا أرى طحناً) ، فالعنف الذي تعاني منه ملايين النساء العربيات يشهد بنقيض ما يقال، حيث العنف ليس ضرباً فقط، ولكنه منظومة ضخمة من سوء التقدير والاحترام ورعاية الحياة بكل حقوقها، فالنساء اللواتي يعشن في الطرقات، واللاتي لا يحصلن على العمل المناسب، فيضطررن لبيع أنفسهن مقابل لقمة العيش، يقتلن في الحقيقة كما كانت تقتل المرأة في جاهلية العرب!

هل تسهم المرأة في الموجة العاتية من العنف والتمييز الموجهة ضدها؟ وهل لموقع الرجل والمجتمع من السلم التعليمي والتطور التقني علاقة بدرجة ونوعية هذا العنف؟ وهل ترث بعض المجتمعات العنف ضد النساء من جملة الموروث الشعبي والإنساني العام وتستمر في تطبيقه، وبالتالي فالخلاص منه أو القضاء عليه أقرب للمستحيل، بمعنى هل العنف ضد المرأة قدر؟

مما لا شك فيه أن التعامل الإنساني في داخل المجموعات البشرية (المدينة ـ الدولة ـ القرية ـ الجماعة) هو في النهاية ثقافة تأسست على معايير مختلفة، وهذه الثقافة قابلة للتغيير والتوجيه والتأثير بفعل الإعلام والتعليم والتربية المجتمعية، وعليه فإن برامج تلفزيونية جيدة، وفقرات مختلفة في المناهج الدراسية يمكن أن تعدل السلوك العام في التعامل مع المرأة، وفي تعامل المرأة أيضاً مع ذاتها ومجتمعها وحقوقها، ذلك أن المجتمعات التي تحفظ كرامة أفرادها، وتعتني بهم صحياً ونفسياً، مقدرة أدوارهم وإسهاماتهم بعيداً عن كونهم رجالاً أم نساء صغاراً أم كباراً، هذه المجتمعات تضمن لنفسها حياة أفضل وبقاء أطول وأجمل.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-