ليلة الشرف العظيم

الدكتور محمد فتحي الحريري - سوريا يقول الله تعالى : {حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الدخان: 1-6]. والمقصود بالليلة المباركة كما لا يخفى على أحد ، ليلة القدر ، التي نزل باسمها أيضا سورة كاملة بهذا الاسم مكوّنة من ثلاثين كلمة ، بعدد أيام الشهر الكريم ، ‘ إنها سورة القدر وهي ذات خمس آيات كريمة : {إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر * سلام هي حتى مطلع الفجر} . وفي سبب تسميتها بليلة القدر يذكر د\ العودة أقوالاً خمسة : لعظيم قدرها, وجلالة مكانتها عند الله عز وجل وكثرة مغفرة الذنوب, وستر العيوب في هذه الليلة المباركة. قال الزهري: القدر العظمة من قولك: لفلان قدر. ويشهد له قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91]. قال الخليل بن أحمد: إنه من الضيق أي هي ليلة تضيق فيها الأرض عن الملائكة الذين ينزلون. ويشهد له قوله تعالى: {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: 7]. قال ابن قتيبة: إن القدر الحكم، كأن الأشياء تقدر فيها. ففيها يتم تقدير مقادير الخلائق على مدار العام, فيكتب فيها الأحياء والأموات, والناجون والهالكون, والسعداء والأشقياء, والعزيز والذليل, ويكتب فيها الجدب والقحط, وكل ما أراده الله تبارك وتعالى خلال سنة قمرية كاملة ، قال أبو بكر الوراق: لأن من لم يكن له قدر صار بمراعاتها ذا قدر. قال علي بن عبيد الله: لأنه نزل فيها كتاب ذو قدر، وتنزل فيها رحمة ذات قدر وملائكة ذوو قدر. ... والظاهر – والله أعلم - يرجح سبب التسمية بأن كتابة مقادير الخلائق إنما يكون في ليلة القدر: إذ ينقل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ؛ ولذلك قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "إن الرجل ليمشي في الناس وقد رُفع في الأموات", ثم قرأ هذه الآية: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} قال: يفرق فيها أمر الدنيا من السنة إلى السنة (1)، فكأنها ليلة تصفية الحسابات واعتمادها لسنة قادمة ، إن جاز لنا التعبير ! وقد عَـمَّـى الاسلامُ موعدها لحكمةٍ وغايةٍ شرعيةٍ نبيلةٍ تتجلَّـى في الحثِّ على صالح الاعمال ومضاعفة النشاط الخيري وأعمال البر التي يُتَقرَّبُ بها إلى الله تعالى ... فترى المسـلمين يلتمسونها في أيام رمضان كلها ، في العشر الاواخر وفي الفرادى منها ، ومنهم من يرى موعدها في ليالٍ أخرى غير العشر الأخيرة ، ومنهم من يرى أن موعدها غير ثابت تتحول من سنة الى أخرى ، والله أعلم ... وفي لغة الجذور ، جاء في لسان العرب : القَـدَرُ : القَضاء المُوَفَّقُ . يقال: قَدَّرَ الإِله كذا تقديراً، وإِذا وافق الشيءُ الشيءَ قلت: جاءه قَدَرُه. وقال ابن سيده : القدْر ( باسكان الدال ) والقَدَرُ ( بفتح الدال ) : القضاء والحُكْم، وهو ما يُقَدِّره الله عز وجل من القضاء ويحكم به من الأُمور. قال الله عز وجل: {إنا أنزلناه في ليلة القدر { أي الحُكْمِ، كما قال تعالى: فيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمر حكيم؛ وأَنشد الأَخفش لهُدْبَة بنِ خَشْرَمٍ :  أَلا يا لَقَوْمي للنوائبِ والقَــــــدْرِ ===وللأَمْرِ يأْتي المَرءَ من حيثُ لا يَدْري وللأَرْض كم من صالح قد تَوَدَّأَتْ ===عليه، فَوَارَتْــــهُ بلَمَّاعَــــــةٍ قَـفْـــــرِ فلا ذَا جَـــلالٍ هِبْنَــهُ لجَلالِــــــــه، ===ولا ذا ضَيـاعٍ هُــنَّ يَتْرُكْنَ للفَــقــــْرِ  (تودّأَت عليه أَي استوت عليه.) ،،، والقدر مبلغ كل شيء ، وهو أيضـاً التضييق ، من قوله تعالى: ((ومن قُـدِرَ عليه رزقَـه )) سورة الطلاق | 7 ؛ أَي ضُيِّقَ عليه، قال: وكذلك قوله: ((وأَما إِذا ما ابتلاه فَقَدَر عليه رزقه)) سورة الفجر \ 16 ؛ معنى فَقَدَر عليه فَضَيَّقَ عليه ، وهو تفسير التضييق الوارد في قصة سيدنا يونس : (( فظنَّ أنْ لن نقدر عليه )) سورة الانبياء \ 87 ، حين ترك نينوى البلدة التي أُرسِلَ إليها ، كان موقنا أنَّ الله لن يُضيّق عليه ... وفي الحديث المطهّـرفي رؤية الهلال : (صوموا لرؤيته وأَفطروا لرؤيته فإِن غُمَّ عليكم فاقْدُرُوا له )، وفي حديث آخر: فإِن غم عليكم فأَكملوا العِدَّة ؛ وفي لفظ آخر : (( فأكملوا العدة ثلاثين يوماً )) وفي رواية أخرى : (( فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً )(2) قوله: فاقْدُرُوا له أَي قَدِّرُوا له عَدَدَ الشهر حتى تكملوه ثلاثين يوماً، واللفظان وإن اختلفا يرجعان إِلى معنى واحد؛ وروي عن ابن شريح أَنه فسر قوله فاقْدُرُوا له أَي قَدِّرُوا له منازلَ القمر فإِنها تدلكم وتبين لكم أَن الشهر تسع وعشرون أَو ثلاثون يوما ، قال: وهذا خطاب لمن خصه الله تعالى بهذا العلم؛ قال: وقوله فأَكْمِلُوا العِدَّة خطاب العامَّة التي لا تحسن تقدير المنازل ، وهذا نظير النازلة تنزل بالعالِمِ الذي أَمر بالاجتهاد فيها وأَن لا يُقَلِّدَ العلماء أَشكال النازلة به حتى يتبين له الصوب كما بان لهم، وأَما العامة التي لا اجتهاد لها فلها تقليد أَهل العلم؛ قال: والقول الأَول أَصح؛ وقال الشاعر إِياس بن مالك بن عبد الله المُعَنَّى :  كِلا ثَقَلَيْنــا طامــعٌ بغنِيمـــــــةٍ ، ===وقد قَدَر الرحمنُ ما هو قـــادِرُ فلم أَرَ يوماً كانَ أَكثَرَ ســـالِبــــــاً ===ومُسْتَلَباً سِــــرْبالَه لا يُناكِــــــرُ وأَكثَرَ مِنَّا يافِعاً يَبْتَغِي العُلـــــى ،=== يُضارِبُ قِرْناً دارِعاً وهو حاسِرُ  قوله : ما هو قادرُ أَي مُقَـدِّرٌ، وثَقَـلُ الرجل ، بالثاء: حَشَمه ومتاع بيته، وأَراد بالثَّقَل ههنا النساء أَي نساؤنا ونساؤهم طامعـات في ظهور كل واحد من الحَيَّيْنِ على صاحبه والأَمر في ذلك جارٍ على قـدر الرحمن. ،، وأقول : ان الجذر الثلاثي ( ق د ر ) يشير إلى الشرف العظيم والمقدار معا ، فصاحب القدر الرفيع وصل إلى قدره الذي يجلّه الناس به ، وبالمقابل صاحب القدر الوضيع لا يتعدى قدره الذي يذمه الناس به ، فالقدر شريف أو غير شريف مثله مثل الضمير تماما ، ضمير طيب وآخـر خبيث سيء، وكانت الوالدة – عافاها الله – تعلمني كيفية الطبخ ، لما كنت طالبا جامعيا ، فتقول ضع الماء في القِدر الصغير وأضف اليه البرغل بقَدَرٍ معين وعلامة هذا القدر هو أن تقف الملعقة بمفردها في وسط القِـدْر ، ومن ذلك اليوم عرفت أن لكلٍّ منا قدره الثابت لا يتعدّاه ، ولكل أسـرة قِـدْرها الخاص المتناسب مع حجم العائلة ، العائلة الكبيرة لها قِـدْر كبير وللصغيرة قِــدْر صغير ، وهكذا .... ومن هنا سرُّ تسمية الطنجرة المعدّة للطهي ( قِــدْر ) والجمع قدور ...  وفي ليلة القدر يصل كل مسلم الى قَدْره في العبادة ، وينال فيها قَـدْر عبادته واخلاصـه وطاعته ، وأزعم أنها سُـمّيت بليلة القدر من هذه الزاوية حيث يعود العابدون الى مقاديرهم في العمل والطاعة ، وينالون مقاديرهم من الثواب والأجـر ، والله أعلم ...ويؤيد منحانا هذا في الاستدلال ، ما أورده ابن فارس صاحب مقاييس اللغة ، في كتابه ( مادة \ ق د ر ) : القاف والدال والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على مَبْلَغ الشَّيء وكُنهه ونهايته. م فالقدر بلغُ كلِّ شيء. يقال: قَدْرُه كذا، أي مبلغُه.( بدال ساكنة ) ، وكذلك القدر ( بفتح الدال ) . وقَدَرتُ الشّيءَ أَقْدِرُه وأَقْدُرُه من التقدير، وقدَّرته أُقَدِّره. ، والقَدْر قضاء الله تعالى الأشياءَ على مبالغها ونهاياتها التي أرادَها لها، وهو القًدَر أيضاً. ومن اركان الايمان أن تؤمن بالقدر خيره وشره من الله تعالى . ، كما يشهد لنا قول العرب :  قَدَرْتُ عليه الثوبَ قَدْراً فانْقَدَرَ، أي جاء على المِقْدارِ. ويقال: بين أرضك وأرضِ فلانٍ ليلةٌ وقادِرَةٌ، إذا كانت ليِّنةَ السيرِ، مثل قاصدُةٍ ورافِهَةٍ. ويشهد لنا أيضا من التنزيل العزيز : ((على المُوسِعِ قَدَرُه وعلى المُقْتِرِ قَدَرُه )) ؛ قال الفراء: قُـرئ قَـدَرُه وقَدْرُه، قال: ولو نصب كان صواباً على تكرر الفعل في النية، أَي ليُعْطِ المُوسِعُ قَدْرَه والمُقْتِرُ قَدْرَه؛ وقال الأخفش: على الموسع قدره أَي قدر طاقته وإمكاناته ؛  فالخلاصـة : إنّ ليلة القدر ليلة الشرف العظيم ينالهُ العابدون ، ويصلون فيها الى مقدار عظيم من البرّ والمغفرة والأجـر والثواب الجزيل ، يتوب الله عليهم ويرفع منازلهم ويحقق رجـاءهـم ويمحو حوبتهم ، وقد سـألت السيدة عائشة الصديقة بنت الصدّيق – رضي الله عنهما - رسول الله – صلى الله عليه وسلم - عمَّ تقول إذا صادفت ليلة القدر ؟؟؟ فقال :  (( قولي : اللهم إنك عفوّ نحبُ العفو فاعفُ عني )) . رواه البخاري . حاشــية : (1) )رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (22/10)، وعبد الله بن أحمد في السنة (2/407)، وانظر الدر المنثور (5/739).: ( (2) الأول رواه مسلم في الصيام باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤيته برقم 1081 ، والنسائي في الصيام باب ذكر الاختلاف على عمر بن دينار برقم 2124 ، واللفظ له.، والثاني رواه البخاري في الصوم باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا رأيتم الهلال فصوموا " برقم 1909 .

الدكتور محمد فتحي الحريري - سوريا

القَدَرُ محرّكةً : القَضَاءُ المُوَفَّق نقله الأَزهرِيُّ عن اللَّيْث وفي المُحْكَم : القَدَرُ : القَضَاءُ والحُكْمُ وهو ما يُقَدِّرُه اللهُ عَزَّ وجَلَّ من القَضَاءِ ويَحْكُم به من الأُمورِ . 
وهو أحد أركان العقيدة الصحيحــة ، أي أن تؤمن بالقضاء والقدر خيره وشره من الله تعالى . 
وتسمي العرب القِدْر بهذا الاسم لأنَّ ربة البيت تطبخ فيه فتضع مقادير ثابتة من الماء والبرغل والملح حسب العائلة .وقال الزبيدي في التاج :والقَدَر أَيضاً : مَبْلعُ الشَّيْءِ .
 ويُضَمُّ نقله الصاغانيّ عن الفرّاءِ كالمِقْدَارِ بالكَسْر . 
والقَدَر أَيضاً : الطَّاقَة كالقَدْرِ بفَتْح فسُكُون فِيهما أَمّــــا في معنَى مَبْلَغِ الشَّيْءِ فقد نَقَلَه اللَّيْث وبه فَسَّرَ قَولَه تَعالَى : ((ومَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِه )) سورة الزمر /67. 
قال : أَي ما وَصَفوهُ حَقَّ صِفَتِه . 
وقال : والقَدْر والقَدَر ها هنا : بمعنىً وهو في الأَصْلِ مَصْدرٌ . 
وقال أَيضاً : والمِقْدَارُ : اسمُ القَدَرِ . 
وأَمّا في مَعْنَى الطَّاقَةِ فقَدْ نُقِلَ الوَجْهَانِ عن الأَخْفَشِ ؛ ذَكرَه الصاغَانيّ وذَكَرَه الأَزْهرِيّ عنه وعن الفَرّاءِ .
 وبِهمَا قُرِئَ قولُه تَعَالَى : ((ومتّعوهن عَلَى المُوَسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى المُقْتِرِ قَدْرُهُ ، مَتَاعًـــــــــا بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ .)) سورة البقرة / 236. 
قال الأَزهريُّ : وأَخْبَرَنِي المُنْذِرِيّ عن أَبي العَبّاس في قوله تعالَى : على المُقْتِر قَدَرُه . 
وقَدْرُه قال : التَّثْقِيلُ أَعْلَى اللُّغَتَيْنِ وأَكْثَرُ ولِذلك اخْتِير . 
قال : واخْتَار الأَخْفَشُ التَّسْكِينَ قال : وإِنَّمَا اخترنَا التَّثْقِيلَ لأَنّه اسمٌ . 
وقال الكسائيّ : يُقْرَأُ بالتَّخْفِيف وبالتَّثْقِيل وكلٌّ صَوابٌ . 
قلتُ : وبالقدْرِ بمعنَى الحُكْمِ فُسِّرَ قولُه تعالَى : ((إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ)) سورة القدر /1 . 
أَي الحُكْمِ كما قال تعالَى عن تلك الليلة العظيمة قدْرا وشرفا وتجلّــــــةً: (( فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ )) سورة الدخان / 4 .
 وأَنشد الأَخْفَشُ لهُدْبَـــــــــةَ بنِ الخَشْرَمِ : 
" أَلاَ يَـــــا لَقَوْمِي للنَّوائبِ والقَدْرِ *** وللأَمْرِ يَأْتِي المَرْءَ مِنْ حَيْثُ لا يَدْرِيو
جاء في تفسير قوله تعالى :(( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ )) : 
اختلاف أهل التأويل في هذه الليلة التي يُفرق فيها كلّ أمر حكيم, نحو اختلافهم في الليلة المباركة ذاتها, وذلك أن الهاء التي في قوله (فِيهَا)عائدة على الليلة المباركة, فقال بعضهم: 
هي ليلة القدر, يقضي فيها أمر السنة كلها من يموت, ومن يولد, ومن يعزّ, ومن يذل, وسائر أمور السنة وأقدار البشر.* 
ذكر من قال ذلك: حدثنا مجاهد بن موسى, قال: 
ثنا يزيد, قال: أخبرنا ربيعة بن كلثوم, قال: كنت عند الحسن, فقال له رجل: يا أبا سعيد, ليلة القدر في كلّ رمضان؟ قال: إي والله, إنها لفي كلّ رمضان, وإنها الليلة التي يُفرق فيها كل أمر حكيم, فيها يقضي الله كلّ أجل وأمل ورزق إلى مثلها.
حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, قال: ثنا ربيعة بن كلثوم, قال: قال رجل للحسن وأنا أسمع: أرأيت ليلة القدر, أفي كل رمضان هي؟ قال: نعم والله الذي لا إله إلا هو, إنها لفي كل رمضان, وإنها الليلة التي يُفرق فيها كل أمر حكيم, يقضي الله كلّ أجل وخلق ورزق إلى مثلها.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال عبد الحميد بن سالم, عن عمر مولى غفرة, قال: يقال: ينسخ لملك الموت من يموت ليلة القدر إلى مثلها, وذلك لأن الله عزّ وجلّ يقول: ( إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ) وقال ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) قال: فتجد الرجل ينكح النساء, ويغرس الغرس واسمه في الأموات.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن سلمة, عن أبي مالك, في قوله: ((فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (() قال: أمر السنة إلى السنة ما كان من خلق أو رزق أو أجل أو مصيبة, أو نحو هذا.قال: ثنا سفيان, عن حبيب, عن هلال بن يساف, قال: كان يقال: انتظروا القضاء في شهر رمضان.حدثنا الفضل بن الصباح, قال: ثنا محمد بن فضيل, عن حصين, عن سعيد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن في قوله ) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ( قال: يدبر أمر السنة في ليلة القدر.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله  فِيهَا قال: في ليلة القدر كل أمر يكون في السنة إلى السنة: الحياة والموت, يقدر فيها المعايش والمصائب كلها.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ) إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ( (ليلة القدر ) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) 
كُنَّا نُحدَّثُ أنه يُفْرق فيها أمر السنة إلى السنة.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: هي ليلة القدر فيها يُقضى ما يكون من السنة إلى السنة.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن منصور, قال: سألت مجاهدا فقلت: أرأيت دعاء أحدنا يقول: اللهمّ إن كان اسمي في السعداء, فأثبته فيهم, وإن كان في الأشقياء فامحه منهم, واجعله بالسعداء, فقال: حسن, ثم لقيته بعد ذلك بحول أو أكثر من ذلك, فسألته عن هذا الدعاء, قال ): إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ(قال: يقضى في ليلة القدر ما يكون في السنة من رزق أو مصيبة, ثم يقدّم ما يشاء, ويؤخر ما يشاء فأما كتاب السعادة والشقاء فهو ثابت لا يغير.وفي تحديد موعد ليلة القدر اختلف أهل التأويل ولكّلّ مستنده ودليله ، ويميل كثيرون إلى ترجيح الأيام الفرادى من العشر الأواخر من الشهر المعظم ، ومنهم من يرجح ليلة السابع والعشرين .
 وهنا تبرز مشكلة متى تكون الليالي الفرادى؟وذلك بسبب الاختلاف في بدء الصيام ، ففي هذه السنة بدأ أكثر المسلمون الصوم يوم الخميس ، ومنهم من بدأ الصوم قبل ذلك.
 فمتى وكيف نعتمد الحساب؟ّ! 
ويروى عن ابن هبيرة أن ليلة القدر تُرجى في العشر الأواخر إن صادفت ليلة منه ليلة جمعة ؛ وكان اهل العرفان والحكمة والتصوف الصحيح يعتبرون جميع الليالي الرمضانية ليلة القدر بميزانهم الايماني الخاص.
 يقول ابن الفارض:وكلُّ الليالي ليلةُ القدر  ان دنت ***كما كل أيام اللقا يومُ جمعة ِ.
هذا والله أعلم .

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-