أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

أحوال المرأة العربية في عالم عنيف مضطرب وغير أمن ---

أحوال المرأة العربية في عالم عنيف مضطرب وغير أمن ---

أحوال المرأة العربية في عالم عنيف مضطرب وغير أمن ---  وكالة أخبار المرأة عد قرابة قرنين على بدء النهضة العربية وبعد اكثر من قرن ونصف القرن على دعوة بطرس البستاني وفرنسيس المرّاش ورفاعة الطهطاوي الى تعليم النساء والاعتراف بحقوقهن الإنسانية والاجتماعية، لا تزال إشكالية المرأة الأكثر استعصاء على الساحة العربية، إذ ان اسهاماتها في العمل والإنتاج والثقافة هي الأضأل في العالم، حتى بالقياس الى الدول النامية والمتخلفة، وفقاً لتقارير التنمية البشرية منذ التسعينات الى الآن. لعل هذا بالذات ما شكل الهاجس الأساسي للمؤلَّف الجماعي «المرأة العربية في المواجهة النضالية والمشاركة العامة» (مركز دراسات الوحدة العربية، 2006)، حيث تصدّى المؤلفون لموضوع مشاركة المرأة العربية في الحياة السياسية والاجتماعية ودورها في نهضة المجتمع العربي وتقدمه فضلاً عن معاناتها الإنسانية والاجتماعية، سواء تحت الاحتلال الأميركي للعراق، أو في ظل الأنظمة والأعراف الثقافية المحافظة التي تتعامل مع المرأة بنظرة دونية تُنكر مساواتها بالرجل وتتنكّر لحقوقها ودورها في الحياة السياسية والاجتماعية. في هذا الإطار، عرض فاضل الربيعي لرسالة «نور» المُعتقلة في سجن ابو غريب، حيث أفصحت عن عمليات اغتصاب منتظمة يقوم بها الجنود الأميركيون للمعتقلات، معتبراً التهديد الجنسي من الأساليب الشائعة في ممارسات هؤلاء في السجون العراقية، كما في مداهماتهم الليلية لمنازل العراقيين من اجل انتزاع المعلومات، ما لا يمكن اعتباره سلوكاً فردياً أو عابراً، وإنما سلوك مشين قصدي ومُمنهج، هدفه السيطرة العسكرية والثقافية وانتهاك القيم التاريخية للشعب العراقي، الأمر الذي لا شبيه له في أي حرب سابقة، والذي يتنافى مع التقاليد العربية والإسلامية التي تُحرّم انتهاك أعراض الأسيرات وكرامتهن. وفي دراسة حالة النساء الفلسطينيات رأى احمد جابر انهن يخضعن لمعيار مركّب من القهر والتمييز، ربما يكون هو الأشد خطورة وتعذيباً وجلباً للعنف والاضطهاد، كونهن يدفعن الثمن مضاعفاً: ثمن نضالهن ضد الاحتلال، وثمن انتمائهن الى مجتمع ابوي يحرمهنّ حقوقهن كبشر وكمواطنات. المرأة الفلسطينية كما تقدّمها وسائل الإعلام، هي ام الشهيد أو اخته او زوجته، ولكنها، وراء هذه الصورة الباهرة، تعاني قهر الاستعمار واضطهاده، وهي في الوقت نفسه ضحية نموذجية في مجتمع عشائري بطريركي تُعطى المرأة فيه تلقائياً مكانة متردية وهامشية، حيث تتعرّض لأشكال مختلفة من العنف الجسدي والجنسي والمعنوي. وقد دلّت الاحصاءات الى تصاعد حالات القمع والقهر ضد المرأة بين عامي 1996 و 2003، ما أورث آثاراً شديدة الخطورة على نفسيتها ووضعها الإنساني والاجتماعي. وتعرض هيفاء زنكنة لحال المرأة العراقية التي تُصوّرها الإدارة الأميركية، أميّة، بلا هوية، ضحية، ضعيفة، وأقرب ما تكون الى المرأة الأفغانية المقموعة سياسياً ودينياً واجتماعياً. لكن المرأة العراقية، خلافاً لذلك، خرجت الى الحياة العامة منذ القرن التاسع عشر، ولها اسهاماتها الوطنية والنهضوية والاجتماعية والثقافية منذ العشرينات من القرن الماضي، وقد ذكر تقرير اليونيسيف عام 1993، انه يندر ان تتمتع امرأة في الشرق الأوسط بما تتمتع به المرأة العراقية من حقوق سياسية واقتصادية وتعليمية واجتماعية. ان معاناة المرأة العراقية مردّها الى الاحتلال الأميركي الذي هدّم البنية التحتية للبلد، ونهب موارده وآثاره، وأفقر شعبه وانتهك حقوقه الوطنية والإنسانية، ما يدحض بالكامل ادعاءات المنظمات النسوية المدعومة من الاحتلال، والتي هدفها التغطية على جرائمه. ويرى سمير الشمري، في دراسة حالة المرأة اليمنية، ان الدستور والقانون اليمنيين لا يضعان عقبات في وجه المشاركة السياسية للمرأة، ولكن الواقع الاجتماعي وقيمه وثقافته الذكورية، هو العائق الأكبر لمساهماتها في كل المجالات، فعلى رغم منحها حق التصويت منذ عام 1970 لم يصل الى البرلمان سوى امرأة واحدة عام 2003، كما ان حضور المرأة في الأحزاب والتنظيمات السياسية لا يزال ضئيلاً للغاية. اما في مصر، فالمشاركة الفعلية للمرأة في انتخابات عام 2005 هي في حدود الـ 10 في المئة فقط. ويعود ذلك في رأي نيفين مسعد الى البلطجة الانتخابية وانعدام أمن الناخبين واقتناعهم بلا جدوى الاقتراع. وبالنظر الى المصاعب المُواكبة للعمليات الانتخابية عام 2005، يمكن القول ان إقدام 122 امرأة على الترشّح امر يقدّر ويحترم. لكن أربع نساء فقط تمكنّ من الفوز بنسبة لا تتجاوز الواحد في المئة من اصوات المقترعين، ما شكّل تراجعاً ملحوظاً بالقياس الى الانتخابات المتتالية منذ عام 1987. وترى نادية سعد الدين ان مساهمة المرأة الأردنية في الحياة السياسية لا تزال ضئيلة على رغم التقدم الذي أحرزته في بعض المجالات، إذ ان التباين بين دورها قبل عام 1989 وما بعده لم يكن ذا شأن، جراء عوائق عدة رافقت مسيرتها السياسية، منها عدم وجود قوانين وسياسات داعمة، ومنها بنية المجتمع القبلية والعشائرية والموروث الثقافي، فقد ترشحت 12 امرأة في انتخابات 1989 و 17 امرأة في انتخابات 1997 من دون ان يحالف الفوز اياً منهن. ولم يكن وضع المرأة الأردنية في السلطة التنفيذية افضل حالاً منه في البرلمان، إذ لم تحظ المرأة في الحكومات الاثنتي عشرة التي تعاقبت منذ 1989 سوى بإحدى عشرة حقيبة وزارية. كما اتسم وجودها في القضاء والوظائف العليا والأحزاب السياسية بالضآلة والمحدودية على رغم النصوص الدستورية التي توخّت عدم التفريق بين الرجل والمرأة، اذ ان السياسات المعلنة لم تصب كثيراً في مصلحة تفعيل دور المرأة السياسي، في حين اتسمت الجهود الرسمية الراعية لمسيرتها بالانتقائية والموسمية والافتقار الى رؤية استراتيجية واضحة. وكذلك لم تحظ المرأة الإماراتية باكتساب الرأي العام، كما رأى خالد عبدالخالق، اذ ان الكثير من قضاياها لا يزال موضع جدل وخلاف، ما يمكن تلمّسه سواء في بطء صدور التشريعات الدستورية الضامنة لحقوقها، او في الالتزام الشكلي بتلك التشريعات. ولكن المرأة الإماراتية تمكّنت على رغم ذلك من تحقيق مكاسب مهمة، سواء في التعليم حيث بلغت نسبة المتعلمات 88.7 في المئة عام 1995، كما وصل حجم الاستثمارات التي تديرها اماراتيات بصورة كاملة عام 2002 الى 3.5 بليون دولار. في نظرة شاملة الى الكتاب يمكن القول انه سلّط الضوء على كثير من الإشكالات المتعلقة بواقع المرأة العربية وإسهاماتها السياسية والاجتماعية على نحو موضوعي يؤسس لتصور واقعي لمستقبلها. إلا ان الكتاب يعاني بعض القصور والخلل، فهو اولاً قصر اهتمامه على اقطار عربية دون سواها – العراق، مصر، الأردن، اليمن، الإمارات – ولكن ماذا عن لبنان وسورية والسعودية والمغرب العربي؟ وما هو واقع المرأة وإسهاماتها في هذه الأقطار؟ وهو ثانياً تناول مسألة المرأة، كأنما هي حالة قائمة بذاتها داخل المجتمع، وليس بصفتها احد مظاهر التخلف العربي التاريخي العام. ان محنة المرأة العربية هي جزء من محنة الأمة عموماً وليست طارئة فردية دخيلة. وهو ثالثاً لم يربط بصورة واضحة ودقيقة بين التخلف العلمي والثقافي للمرأة العربية، وبين ضآلة ومحدودية اسهاماتها السياسية والاجتماعية. وهو اخيراً لم يطرح تصوراً ليبرالياً واضحاً في مواجهة الذهنية الأبوية البطريركية التي هي في اساس قمع المرأة العربية وتهميشها.

وكالة أخبار المرأة

عد قرابة قرنين على بدء النهضة العربية وبعد اكثر من قرن ونصف القرن على دعوة بطرس البستاني وفرنسيس المرّاش ورفاعة الطهطاوي الى تعليم النساء والاعتراف بحقوقهن الإنسانية والاجتماعية، لا تزال إشكالية المرأة الأكثر استعصاء على الساحة العربية، إذ ان اسهاماتها في العمل والإنتاج والثقافة هي الأضأل في العالم، حتى بالقياس الى الدول النامية والمتخلفة، وفقاً لتقارير التنمية البشرية منذ التسعينات الى الآن.
لعل هذا بالذات ما شكل الهاجس الأساسي للمؤلَّف الجماعي «المرأة العربية في المواجهة النضالية والمشاركة العامة» (مركز دراسات الوحدة العربية، 2006)، حيث تصدّى المؤلفون لموضوع مشاركة المرأة العربية في الحياة السياسية والاجتماعية ودورها في نهضة المجتمع العربي وتقدمه فضلاً عن معاناتها الإنسانية والاجتماعية، سواء تحت الاحتلال الأميركي للعراق، أو في ظل الأنظمة والأعراف الثقافية المحافظة التي تتعامل مع المرأة بنظرة دونية تُنكر مساواتها بالرجل وتتنكّر لحقوقها ودورها في الحياة السياسية والاجتماعية.
في هذا الإطار، عرض فاضل الربيعي لرسالة «نور» المُعتقلة في سجن ابو غريب، حيث أفصحت عن عمليات اغتصاب منتظمة يقوم بها الجنود الأميركيون للمعتقلات، معتبراً التهديد الجنسي من الأساليب الشائعة في ممارسات هؤلاء في السجون العراقية، كما في مداهماتهم الليلية لمنازل العراقيين من اجل انتزاع المعلومات، ما لا يمكن اعتباره سلوكاً فردياً أو عابراً، وإنما سلوك مشين قصدي ومُمنهج، هدفه السيطرة العسكرية والثقافية وانتهاك القيم التاريخية للشعب العراقي، الأمر الذي لا شبيه له في أي حرب سابقة، والذي يتنافى مع التقاليد العربية والإسلامية التي تُحرّم انتهاك أعراض الأسيرات وكرامتهن.
وفي دراسة حالة النساء الفلسطينيات رأى احمد جابر انهن يخضعن لمعيار مركّب من القهر والتمييز، ربما يكون هو الأشد خطورة وتعذيباً وجلباً للعنف والاضطهاد، كونهن يدفعن الثمن مضاعفاً: ثمن نضالهن ضد الاحتلال، وثمن انتمائهن الى مجتمع ابوي يحرمهنّ حقوقهن كبشر وكمواطنات.
المرأة الفلسطينية كما تقدّمها وسائل الإعلام، هي ام الشهيد أو اخته او زوجته، ولكنها، وراء هذه الصورة الباهرة، تعاني قهر الاستعمار واضطهاده، وهي في الوقت نفسه ضحية نموذجية في مجتمع عشائري بطريركي تُعطى المرأة فيه تلقائياً مكانة متردية وهامشية، حيث تتعرّض لأشكال مختلفة من العنف الجسدي والجنسي والمعنوي. وقد دلّت الاحصاءات الى تصاعد حالات القمع والقهر ضد المرأة بين عامي 1996 و 2003، ما أورث آثاراً شديدة الخطورة على نفسيتها ووضعها الإنساني والاجتماعي.
وتعرض هيفاء زنكنة لحال المرأة العراقية التي تُصوّرها الإدارة الأميركية، أميّة، بلا هوية، ضحية، ضعيفة، وأقرب ما تكون الى المرأة الأفغانية المقموعة سياسياً ودينياً واجتماعياً. لكن المرأة العراقية، خلافاً لذلك، خرجت الى الحياة العامة منذ القرن التاسع عشر، ولها اسهاماتها الوطنية والنهضوية والاجتماعية والثقافية منذ العشرينات من القرن الماضي، وقد ذكر تقرير اليونيسيف عام 1993، انه يندر ان تتمتع امرأة في الشرق الأوسط بما تتمتع به المرأة العراقية من حقوق سياسية واقتصادية وتعليمية واجتماعية.
ان معاناة المرأة العراقية مردّها الى الاحتلال الأميركي الذي هدّم البنية التحتية للبلد، ونهب موارده وآثاره، وأفقر شعبه وانتهك حقوقه الوطنية والإنسانية، ما يدحض بالكامل ادعاءات المنظمات النسوية المدعومة من الاحتلال، والتي هدفها التغطية على جرائمه.
ويرى سمير الشمري، في دراسة حالة المرأة اليمنية، ان الدستور والقانون اليمنيين لا يضعان عقبات في وجه المشاركة السياسية للمرأة، ولكن الواقع الاجتماعي وقيمه وثقافته الذكورية، هو العائق الأكبر لمساهماتها في كل المجالات، فعلى رغم منحها حق التصويت منذ عام 1970 لم يصل الى البرلمان سوى امرأة واحدة عام 2003، كما ان حضور المرأة في الأحزاب والتنظيمات السياسية لا يزال ضئيلاً للغاية.
اما في مصر، فالمشاركة الفعلية للمرأة في انتخابات عام 2005 هي في حدود الـ 10 في المئة فقط. ويعود ذلك في رأي نيفين مسعد الى البلطجة الانتخابية وانعدام أمن الناخبين واقتناعهم بلا جدوى الاقتراع. وبالنظر الى المصاعب المُواكبة للعمليات الانتخابية عام 2005، يمكن القول ان إقدام 122 امرأة على الترشّح امر يقدّر ويحترم. لكن أربع نساء فقط تمكنّ من الفوز بنسبة لا تتجاوز الواحد في المئة من اصوات المقترعين، ما شكّل تراجعاً ملحوظاً بالقياس الى الانتخابات المتتالية منذ عام 1987.
وترى نادية سعد الدين ان مساهمة المرأة الأردنية في الحياة السياسية لا تزال ضئيلة على رغم التقدم الذي أحرزته في بعض المجالات، إذ ان التباين بين دورها قبل عام 1989 وما بعده لم يكن ذا شأن، جراء عوائق عدة رافقت مسيرتها السياسية، منها عدم وجود قوانين وسياسات داعمة، ومنها بنية المجتمع القبلية والعشائرية والموروث الثقافي، فقد ترشحت 12 امرأة في انتخابات 1989 و 17 امرأة في انتخابات 1997 من دون ان يحالف الفوز اياً منهن.
ولم يكن وضع المرأة الأردنية في السلطة التنفيذية افضل حالاً منه في البرلمان، إذ لم تحظ المرأة في الحكومات الاثنتي عشرة التي تعاقبت منذ 1989 سوى بإحدى عشرة حقيبة وزارية. كما اتسم وجودها في القضاء والوظائف العليا والأحزاب السياسية بالضآلة والمحدودية على رغم النصوص الدستورية التي توخّت عدم التفريق بين الرجل والمرأة، اذ ان السياسات المعلنة لم تصب كثيراً في مصلحة تفعيل دور المرأة السياسي، في حين اتسمت الجهود الرسمية الراعية لمسيرتها بالانتقائية والموسمية والافتقار الى رؤية استراتيجية واضحة.
وكذلك لم تحظ المرأة الإماراتية باكتساب الرأي العام، كما رأى خالد عبدالخالق، اذ ان الكثير من قضاياها لا يزال موضع جدل وخلاف، ما يمكن تلمّسه سواء في بطء صدور التشريعات الدستورية الضامنة لحقوقها، او في الالتزام الشكلي بتلك التشريعات. ولكن المرأة الإماراتية تمكّنت على رغم ذلك من تحقيق مكاسب مهمة، سواء في التعليم حيث بلغت نسبة المتعلمات 88.7 في المئة عام 1995، كما وصل حجم الاستثمارات التي تديرها اماراتيات بصورة كاملة عام 2002 الى 3.5 بليون دولار.
في نظرة شاملة الى الكتاب يمكن القول انه سلّط الضوء على كثير من الإشكالات المتعلقة بواقع المرأة العربية وإسهاماتها السياسية والاجتماعية على نحو موضوعي يؤسس لتصور واقعي لمستقبلها. إلا ان الكتاب يعاني بعض القصور والخلل، فهو اولاً قصر اهتمامه على اقطار عربية دون سواها – العراق، مصر، الأردن، اليمن، الإمارات – ولكن ماذا عن لبنان وسورية والسعودية والمغرب العربي؟ وما هو واقع المرأة وإسهاماتها في هذه الأقطار؟
وهو ثانياً تناول مسألة المرأة، كأنما هي حالة قائمة بذاتها داخل المجتمع، وليس بصفتها احد مظاهر التخلف العربي التاريخي العام. ان محنة المرأة العربية هي جزء من محنة الأمة عموماً وليست طارئة فردية دخيلة. وهو ثالثاً لم يربط بصورة واضحة ودقيقة بين التخلف العلمي والثقافي للمرأة العربية، وبين ضآلة ومحدودية اسهاماتها السياسية والاجتماعية. وهو اخيراً لم يطرح تصوراً ليبرالياً واضحاً في مواجهة الذهنية الأبوية البطريركية التي هي في اساس قمع المرأة العربية وتهميشها.
تعليقات