حاورتها: خلود الفلاح - ليبيا - خاص بـ " وكالة أخبار المرأة "
من الداعمين لحق المرأة في صنع القرار والمشاركة الفعالة في الحياة السياسية.
" وكالة أخبار المرأة " حاورت نيفين الباح وإستعرضت معها عن قضايا المصالحة الوطنية ومسودة الدستور القادم فيما يخص العدالة الانتقالية والاعتداءات التي تعرضت لها الحقوقيات الليبيات.
* احتفل العالم باليوم الدولي للمرأة هذا العام تحت شعار "أنا جيل المساواة: إعمال حقوق المرأة."، مقدما أرقام ومحاذير حول خوف النساء من الانتقام والوصم بالعار وانعدام المساواة مع الرجل. كيف ترين هذا الواقع؟
تشهد مجتمعاتنا مراحل انتقالية استمرت معها فوضى مجتمعية ونزاع مسلح وانهيار كبير في المنظومة الأخلاقية والاقتصادية كما لا ننسى تعاطي المخدرات وسهولة الحصول عليها وانتشارها وقوة تأثيرها ومدى خطورتها على المرأة وظهور جماعات وايديولوجيات تكرس في مشاريعها الحد من تحرر المرأة وتقدمها مما ادى إلى حدوث الكثير من الجرائم الجسيمة في حق المرأة ووقوع الانتهاكات. فمثلا على الصعيد الوطني، سجلت الكثير من الانتهاكات والجرائم في حق المرأة الليبية نتاج بروزها ومشاركتها السياسية والحقوقية والمدنية وكذلك النجاح الذي حققته في مجال الإعلام، مما أدى إلى تصعيد العنف ضدها، ولم يتوقف الأمر عند الحياة العامة بل تتعرض المرأة بصفة عامة بعيدا عن السياسة إلى عدة انتهاكات من بينها الخطف، الاحتجاز والاغتصاب والتهديد بالقتل والتشهير ومحاولة النيل من سمعتها لأسباب خارج دائرة السياسة، حتى يصل الأمر أحيانا إلى قتلها. وعلى سبيل المثال لا الحصر تعرضت الكثير من الناشطات البارزات السياسيات والحقوقيات إلى جرائم على مدى السنوات التسع الماضية، من بينها انتهاكات وجدت صدى لدى الرأي العام الوطني والدولي كاغتيال المحامية والناشطة الحقوقية سلوى بوقعيقيص عام 2014 ، واغتيال عضو المؤتمر الوطني بمدينة درنة السيدة فريحة البركاوي عام 2014، ومقتل الصحفية نصيب كرفانة عام 2014 ، وكذلك الناشطة المدنية التنويرية انتصار الحصائري عام 2015 ، واختفاء عضو البرلمان الليبي في ظروف غامضة عام 2019 . كما تعرضت وافدات يحملن الجنسية السودانية لجرائم قتل عام 2019 ، وكذلك خطف الشابة وصال من بيتها العام 2020. بالإضافة إلى وقوع الانتهاكات داخل بعض مراكز الهجرة غير النظامية. ولعل التقارير الدولية والمحلية قد سبق وأن ادانت الكثير من الانتهاكات على المستوى الوطني الليبي التي طالت الكثير من النساء.
كما توجد جرائم لا تستطيع وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تسليط الضوء عليها تقع في دوائر المجتمعات الصغيرة والمناطق النائية التي يصعب اكتشافها أو التعرف عليها نتيجة الطبيعة المناطقية أو القبلية. هنا لا يمكن ملاحقة مرتكبيها خصوصا عندما يرتكبها أقارب من الدرجة الأولى يتم التستر عن الجاني واخفاء الأدلة الجنائية خاصة إذا تعلق الأمر بالوصم بالعار أو محاولة الخروج من صندوق الثقافة الذكورية والسلطة الابوية.
* برأيك هل هذه الأسباب وراء ضعف المشاركة السياسية للمرأة الليبية؟
* مع ضعف أداء مؤسسات المجتمع المدني، في مجال المصالحة. هل يمكن للقبيلة أن تكون بديلا عن المجتمع المدني؟
لا أرى أن دور المجتمع المدني ضعيف بل العكس تماما، فقد شكل القوة الناعمة التي احدثت التغيير والتأثير في الكثير من المجالات في ظل بيئة محفوفة بالمخاطر.
* برأيك ما شكل المصالحة التي تحتاجها ليبيا في ظل هذا الوضع المعقد؟
- أرى أنه لابد من التكريس لدور المجتمع المدني وما يحدثه من أثر في مفهوم المصالحة وشكلها خصوصا وأن الجرح غائر بين المواطنين فكل الأطراف تعرضت للأذى فلا يمكن الحديث عن مشروع موحد في ظل هذه الظروف. وهنا يلعب المجتمع المدني دور مهم في بناء جسور السلام والحد من خطاب الكراهية والتوعية بمفهوم تقبل الآخر والانفتاح على تجارب المجتمعات التي مرت بمراحل انتقالية صعبة من نزاعات مسلحة وحروب أهلية نجحت في اجتيازها.
* هل أسهمت وسائل الاعلام الليبية برأيك في حل الأزمة السياسية والعسكرية أم في تعقيدها؟
* الكوتا المقررة بالمادة 184 بنسبة 25%، لماذا لا يجب رؤيتها كإنجاز حقيقي للمرأة الليبية؟
وبالنسبة لي الكوتا (تمييز ايجابي) في ظل ما نعيش من ظروف عارضة وأخرى مستمرة تستوجب الحد الأدنى من الحماية. لا نستطيع أن ننسف كل المجهودات النسوية لمجرد المطالبة بمساواة نظرية لا نتمكن من تحقيقها مرة واحدة بل تحتاج لمجهود كفاح ووقت طويل.
* في العام 2017 تم استحداث وحدة خاصة بدعم المرأة في المفوضية العليا للانتخابات تحت مسمى (وحدة دعم المرأة)، هل هذا التخصيص يعد سببا في تدني مشاركة المرأة في العملية السياسية؟
السؤال الذي يبقي مفتًوحا ولا يمكن الإجابة عليه هو: هل استطاعت وحدة تمكين المرأة إحداث أثر وتغيير حقيقي في وضع المرأة؟ الإجابة أنها اختزلت في فئة معينة تسببت في عرقلة الكثير من المناضلات النساء اللاتي لهن القدرة الفعلية على المشاركة بالعملية السياسية وصناعة القُرار. نحتاج إلى الوقت والجهد للتمكين، وأرى شخصيا أنه ليس بالضرورة من خلال وحدة التمكين. هناك مجهودات فردية وأخرى جماعية منظمة أفضل بكثير من استحداث وحدة تمكين تكون تابعة لأهواء السياسة وتنفذ إرادتها.
* يرى الكثير أن تأخر العدالة الانتقالية في ليبيا بسبب الفكر القبلي خاصة وأن قانون العدالة الانتقالية حسب المادة 81 في مسودة الدستور الصادرة عام 2017، يحتاج إلى مراجعة ومزيد من التوضيح. لماذا برأيك؟
رغم حجم الانتهاكات الذي خلفه النظام الجماهيري إلا أن الانتهاكات اللاحقة واستيفاء الحق بالذات والجرائم المستمرة لم تستطيع السلطات الحد منها أو القدرة على معالجتها، أضف إلى عدم الاستقرار، وعدم شمولها على اصلاح وتطوير المؤسسات خصوصا الأمنية التي كانت سببا من أسباب الانتفاضة، وتكريسها لمفهوم الإفلات من العقاب بصورة علنية، وغياب مبدأ إشراك الضحايا، وغياب الإرادة الوطنية المحايدة، ثم جاء بعد ذلك كله، قرار العفو من مجلس النواب الليبي الذى نسف كل المجهودات لاعتبارات سياسة وليست وطنية، ما تسبب في الإفلات من العقاب، وكردة فعل بين الأقطاب المتصارعة، وبذلك أهدرت الكثير من الحقوق بسب الصراع السياسي وردود الأفعال غير المسؤولة من صُناع القرار.