عبد المولى بوخريص - الرباط - " وكالة أخبار المرأة "
خلف موقف حزب العدالة والتنمية المعارض لمصادقة المغرب على الاتفاقية الدولية لمحاربة كافة أشكال التمييز ضد المرأة، والتي تدعى باختصار "سيداو" ، ردود فعل ساخطة من قبل الحركات النسائية في المغرب. إذ تأجج الخلاف بين الحزب الإسلامي وعدد من الجمعيات النسائية مباشرة بعد إعلان الحكومة المغربية إلغاءها لكافة تحفظاتها على المادتين التاسعة و السادسة عشرة في الاتفاقية المعنية.
وعلى الرغم من أن المادة التاسعة من الاتفاقية لم تعد تطرح أي إشكال بعد ما خول الفصل السادس من قانون الجنسية المغربي الجديد المرأة الحق في منح جنسيتها لأبنائها، إلا أن المادة 16 تحث الدول الموقعة على ضمان نفس الحقوق و المسؤوليات للرجل و المرأة أثناء الزواج وعند فسخه، و كذا ما يتعلق بالولاية و القوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم.
استغلال الدين لحسابات انتخابية
و تتابع فوزية العسولي بأن هذا الموقف "ليس غريبا على حزب العدالة و التنمية، الذي سبق واعترض على عدة قوانين تروم إنصاف المرأة، مثل مدونة الأسرة التي اعتبرها الحزب خروجا عن الشريعة الإسلامية و تهديدا للأسرة، وكذلك رفع سن الزواج إلى 18 سنة ومنع استعباد النساء بدعوى الخوف عليهن من الفساد، و كذا جعل مسالة الطلاق بيد القضاء وليس بيد الرجل"، ثم ما لبث الحزب تواصل العسولي ،"أن صادق عليها كلها، وصادق أيضا على الدستور الجديد الذي ينص على المساواة بين المرأة و الرجل".
الاتفاقية تتنافي مع أحكام الدين الإسلامي
وعلى هذا النحو يرى مصطفى الرميد، القيادي في حزب العدالة و التنمية الإسلامي المعارض في حوار مع دويتشه فيله، "أن مدونة الأسرة في المغرب تعتبر الحل الذي توافقت عليه جميع أطراف المجتمع، و بالتالي لا يجوز بأي حال من الأحوال المس بهذا التوافق بطريقة متسرعة و غير مضبوطة يمكن أن تثير الفتنة ". ويتابع الرميد مستعرضا جملة من مخالفات الشرع التي تنطوي عليها المادة 16 ضمن اتفاقية "سيداو"، وخاصة البند الذي يقر "بنفس الحقوق للرجل والمرأة في عقد الزواج، وهو أمر إذا تم إقراره سيفضي إلى تبعات تصطدم مع أحكام الشرع القطعية، حيث أن نفس الحق في عقد الزواج يفيد زواج المسلمة من الكتابي، ما دام الرجل يملك هذا الحق شرعا بأن يتزوج من الكتابية، لافتا إلى حرمة زواج المسلمة بغير المسلم.
أثار الانقسام حول رفع المغرب لتحفظاته على اتفاقية "سيداو" بين مؤيد ومعارض، العديد من الأسئلة حول ما إذا كان "شهر عسل" التوافق الذي واكب عملية التصويت على الدستور قد ولى . حسن طارق أستاذ العلوم السياسية وعضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يعتبر "أن الأمر لا يتعلق بشرخ في الكتلة التي صادقت بشكل إيجابي على الدستور، لأن هذا الموقف الموحد لا يلغي كل التناقضات المتعلقة بتدبير المرجعيات الإيديولوجية لكل طرف في الصراع". ويستدل حسن طارق على هذا الأمر "بكون الدستور المغربي الذي يعد الوثيقة الرسمية، يضم بين ثناياه معالم عصرية، وفي نفس الوقت يحافظ على الخصوصيات الإسلامية، وكل من الطرفين قد يجد في الوثيقة الدستورية ما يسند به مواقفه وأفكاره".
الشارع المغربي بدوره منقسم
إسماعيل النافع شاب في العشرينيات يرى "أن المرأة المغربية قد تحقق لها من المكاسب ما يكفي لضمان حياة كريمة لها، وبالتالي فهي في غنى عما ستضيفه هذه المواد من الاتفاقية التي تم رفع التحفظ عليها". ويعبر إسماعيل عن تخوفه من "أن يتم استغلال هذه البادرة لبث المشاكل داخل كنف الأسر المغربية".