حوار: نسرين الزيات - وكالة أخبار المرأة
مثل انتقال المذيعة اللبنانية ريما مكتبي للعمل بمحطة «سي إن إن» نقلة نوعية في حياتها، لكونها أول مذيعة عربية تنضم للعمل في المحطة الإخبارية الأشهر في العالم، وذلك بالتزامن مع قيام ثورات «الربيع العربي» في عدد من الدول العربية، مما جعلها محط الأنظار في «سي إن إن».
ورغم كونها مذيعة محترفة، عملت لحساب قناتي «المستقبل» اللبنانية، و«العربية» السعودية، فإنها عندما انتقلت للعمل في «سي إن إن»، بدأت الدرج من الصفر الأمر الذي شكل لها تحديا مهنيا مثيرا، حسبما قالت في حوارها مع «الشرق الأوسط» من القاهرة.
وترى ريما مكتبي أن الثورات غيرت وكسرت مفاهيم كثيرة وساهمت في ارتفاع السقف السياسي في الإعلام العربي، وأعادت النظر في الكثير من الأمور والثوابت، وأعتقد أننا نعيش تفاعلات صحية في هذه المرحلة من بينها الإعلام.
وتقدم «ريما» برنامجا شهريا بعنوان «In side middle east» عن منطقة الشرق الأوسط يتناول الأخبار غير السياسية لتقديم الصورة الأخرى للمنطقة من خلال تعاطيه مع الشأن الاجتماعي والثقافي والفني. وفيما يلي نص الحوار:
* بدايتك في العمل الإعلامي كانت في تلفزيون «المستقبل» اللبناني ثم قناة «العربية»، والآن «سي إن إن»، ما الفرق بين القنوات الثلاث؟
- الصحافة الجيدة تشبه بعضها، وأعتقد أن الاختلاف يكون في المشاهد عندما أتوجه له بشكل محلي على عكس ما أتوجه له بشكل عربي غير ما أتوجه له بشكل عالمي، ولكن الشيء الجيد الآن أنني أتمتع بسقف عال من الحرية في «سي إن إن».
* كيف جاء انتقالك من قناة «العربية» إلى «سي إن إن»؟
- عندما جاءني عرض من «سي إن إن» أخذت وقتا طويلا في التفكير، واستشرت إدارة قناة «العربية».. ولم يكن سهلا أن أترك «العربية»، لأنها هي التي منحتني جواز المرور للمشاهد العربي، لكن في النهاية انتقلت إلى «سي إن إن»، وكانت تلك الخطوة تحديا كبيرا لي.
* هل ترين أن عملك في محطة «سي إن إن» سوف يضيف لكي في مجال الإعلام والصحافة التلفزيونية مستقبلا مما يجعلك أكثر تميزا من غيرك؟
- عندما اتخذت خطوة الانتقال إلى «سي إن إن» كان تفكيري الأساسي في أهدافي وكيفية تحقيقها، ولم أكن أفكر في التميز فقط، وأنا أعتبر أن انتقالي لـ«سي إن إن» مغامرة كبيرة جدا، لأنها تعتبر إمبراطورية.. وأنا كان لدي موقع كبير جدا في «العربية»، وعندما انتقلت بدأت من الصفر مرة أخرى، وفي رأيي هذا هو التحدي.. ولم أفكر في النجومية والتميز، لكني فكرت كيف ستكون مسيرتي المهنية بعد عشرين عاما.
* تقدمين حاليا برنامج «In side middle east»، ما هي فكرته؟
- هو برنامج شهري عن الشرق الأوسط يقدم منذ عشرين عاما، نقدم فيه كل شيء إلا السياسة، لأن الأخبار على الصعيد العربي كلها أخبار سيئة ومحبطة، فالبرنامج يهتم بكل ما له علاقة بالشرق الأوسط، ويأخذ الصورة الأخرى للمنطقة من خلال تعاطيه مع الشأن الاجتماعي والثقافي والفني، فمثلا أعطيت وقتا لعمل شيء عن مصر بعد الثورة، مثل شكل الإعلام في مصر بعد الثورة، لأن المشهد الإعلامي في المنطقة العربية هو الشيء المهم.
* هل تشعرين باختلاف مهني بعد عام من عملك في محطة «سي إن إن»؟
- اختلفت كثيرا.. فأنا أتعلم كل يوم في حياتي أشياء جديدة، منها كيفية التعاطي والتعامل مع الخبر والسياسة الداخلية في المحطة والسياسة الخارجية.
* المتابعات الإعلامية في القنوات العربية تختلف في تغطيتها للحدث، بمعنى أن كل محطة لها أجندتها الخاصة وتوجهها تجاه القضية أو التغطية التي تقوم بها.. كيف ترين ذلك وسط حالات التخبط التي يعيشها الإعلام العربي في الوقت الحالي، خاصة بعد الثورات المشتعلة في المنطقة العربية؟
- المشهد الإعلامي تصدرت له محطات إخبارية عربية مثل «الجزيرة» و«العربية»، وعالمية مثل «سي إن إن»، والقنوات المحلية لم تلعب دورا أساسيا في تلك التغطيات، التلفزيون المصري لم يغط أحداث الثورة جيدا بقدر ما غطتها القنوات الإخبارية الأخرى، لكن في الوقت نفسه لم تستطع أن تصل إلى الخارج والعالم وهذا له علاقة بإمكانات مادية، وأرى أن الإعلام الرسمي غاب عن التغطيات الحية في المنطقة.
* ما هو الاختلاف في طريقة نقل وتداول الخبر في محطة عربية مثل «العربية» وغيرها، ومحطة «سي إن إن»؟
- الفرق في مصدر الخبر، ففي «سي إن إن» لا يمكن إذاعة خبر نصه «صرح مصدر مسؤول»، إذا وجد مصدر كان من الصعب ذكر اسمه، نستعيض عن ذلك بذكر مواصفاته.. ودقة الخبر في «سي إن إن» هي على مستوى أعلى من بقية القنوات الأخرى، فبالتالي نسبة الخطأ المهني قليلة جدا.. وهذا لا يعني أني أقلل من قناة «العربية»، وفي الوقت نفسه من الصعب عمل مقارنات بين القنوات وبعضها، لأننا في «سي إن إن» لا نتنافس مع القنوات العربية.. وعلى سبيل المثال في الثورات العربية، نجد أن القنوات العالمية تفوقت على المحطات العربية، لأن الشبكة المعلوماتية الخاصة بـ«سي إن إن» أقوى من بقية القنوات.
* هل سقف الحرية في المحطات العالمية أعلى من المحطات العربية؟
- لا يوجد سقف سياسي في «سي إن إن»، مثل ما في «العربية» و«الجزيرة»، سقف الحرية في القنوات العربية محدود.. ووظيفتي ليست أن أهاجم أحدا أو أشن حملة ضد أحد، بل أسلط الضوء على الأحداث، وفي رأيي هذا هو الاختلاف بين «سي إن إن» وباقي القنوات الإخبارية العربية.
* أنت المذيعة العربية الأولى التي تلتحق بالعمل في «سي إن إن»، وفي ظل سيطرة اللوبي الصهيوني على الإعلام الأميركي بوجه عام، كيف كان التعامل معك؟
- من حسن حظي أن الثورات العربية قامت في ذات الوقت الذي انتقلت فيه إلى محطة «سي إن إن»، وقد شعرت بأهميتي وقتها لأن إدارة القناة في حاجة إلى أشخاص من المنطقة لفهم ما يحدث في الشارع العربي بالضبط.
* الوضع الطائفي في لبنان ملتهب ومتوتر، وهذا ينعكس بصورة كبيرة على الإعلام هناك، في رأيك كيف يصبح لدينا إعلام بدون توجهات دينية ولا سياسية؟
- بالفعل توجد طوائف كثيرة في لبنان، وبالتالي توجد قنوات كثيرة تابعة لكل طائفة، ومن ثم إذا كنت إعلاميا مستقلا لا تتبع أي طائفة أو فريق سياسي معين، فمن الممكن أن تختفي من الخريطة الإعلامية، وهذا شيء يحزنني كثيرا.. لأنني لا يعجبني أن يكون لكل فريق أو اتجاه سياسي توجه معين في الإعلام، ومن المهم أن تكون هناك ضوابط للإعلام، وفي الوقت نفسه هذا هو دليل تنوع وحرية تعبير، لكن من ناحية أخرى من غير المعقول وليس من المنطقي أن تكون السياسة هي التي تحكم الإعلام.
* هل تنوين تجديد مدة عقدك مع «سي إن إن»، خاصة أن عقدك الحالي مدته عامان؟
- لقد مللت من التنقل.. عندما فكرت في العمل في «سي إن إن» كان تفكيري أنها ستكون مكان عملي للسنوات العشر القادمة.
* هل يمكن أن تعودي مرة أخرى للعمل في قناة «العربية»؟
- أنا لم أترك «العربية» مجبرة، أو من أجل العرض المادي، وعرضي معهم ما زال قائما.. والباب ما زال مفتوحا للعودة، وقناة «العربية» هي بيتي مثل المستقبل، لكن لدي رغبة في تكملة مسيرة وتجربة الـ«سي إن إن» للنهاية.
* ما تقييمك ورأيك في حالة الإعلام العربي في الوقت الراهن؟
- أرى أنها صحية.. الثورات كم غيرت وكسرت المفاهيم وساهمت في علو السقف السياسي في الإعلام العربي وجعلتنا نعيد النظر في الكثير من الأمور والثوابت! وأعتقد أننا نعيش تفاعلات صحية في هذه المرحلة، من بينها الإعلام.
* حتى لو كان هناك اتهامات بأن بعض القنوات الفضائية تحمل أجندات خاصة.
- موضوع الأجندات عليه نقاش.. وفي رأيي أن الثورات العربية نسفت الأجندات، لأن الذي كان يتم قطعه ووضعه في قوالب معينة انكسر في الثورات العربية، وبالتالي هي ثورة إعلامية قبل أن تكون ثورة أخرى.