في ظل الإصلاحات الجارية... أين استحقاق المرأة السورية

إيمان أحمد ونوس - سوريا يتطلب تطور الفرد والمجتمع تطوراً موازياً للقوانين والنظم الخاصة بالممارسات الحياتية من أجل الارتقاء بجميع مكونات المجتمع إلى حالة يشعرون فيها بارتقاء إنسانيتهم وكرامتهم وتحررهم من قيود تعرقل مسيرة هذا الارتقاء. وعلى اعتبار أن المرأة( وهي أحد أهم مكونات المجتمع الأساسية) قد تطورت مسيرتها وأساليب حياتها بفعل انخراطها في مجالات العلم والعمل المختلفة، فأصبحت إنسانة من طراز مختلف عما عهدناه سابقاً، لاسيما أنها وصلت مراحل علمية ووظيفية عليا، وهذا يتطلب من المجتمع والحكومة النظر إليها وإلى مكانتها برؤية مختلفة قانونياً واجتماعياً بحكم أنها من تنجب وتربي الأجيال، ليتم انتقال المجتمع برمته إلى حالة مغايرة لما هو سائد اليوم، كما يتطلب التركيز على قضاياها كافة، من أجل منحها كامل حقوقها باعتبار هذه الحقوق جزء لا يتجزأ من حقوق المواطنة التي نصّ عليها الدستور، وكذلك باعتبارها جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان كما نصّت الاتفاقية الدولية.  غير أن ما لمسناه على مدى الحراك الاجتماعي الدائر حالياً على الساحة السورية، وعبر الشعارات المرفوعة في الشارع، أو تلك التي تُعلن عنها المعارضة في برامجها السياسية، أو ما يُطرح عبر ملتقيات الحوار الرسمية وغير الرسمية، أو حتى في برامج الأحزاب السياسية اليسارية التي تعتبر نفسها من أنصار المساواة ونيل المرأة حقوقها، كل هذا يشي بأن المرأة هي من المكونات المنسية في المجتمع رغم أنها من أكبر دافعي الضرائب بشكل عام، وخاصة في مثل هذه الظروف كأم وزوجة وأخت وابنة، وهذا ما يشهد عليه الواقع السوري من ارتفاع أعداد الثكالى والأرامل واليتامى، ولا يمكننا تجاهل الانعكاسات النفسية والاجتماعية والمادية السيئة التي تحيط بأسر أولئك النسوة المفجوعات. وعلى المستوى الرسمي كنّا نعوّل في هذه المرحلة على الاتحاد العام النسائي، وعلى النساء في مجلس الشعب، وكذلك الهيئة السورية لشؤون الأسرة بتبني قضايا المرأة العالقة في الكثير من القوانين والتشريعات، ووضعها كأولوية ضمن جملة الإصلاحات المطلوبة في هذه اللحظة الحسّاسة من تاريخ بلدنا، ولكن يبدو أن لا حياة لمن تنادي، لأن مجمل الإصلاحات والتعديلات التي طرأت على القوانين السورية في هذه الآونة لم تطل المرأة إلاّ عبر قرار رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 11/7/2011 والذي شكّل بموجبه لجنة برئاسة معاون وزير الداخلية للشؤون المدنية وعضوية ممثلين عن وزارتي الخارجية والمغتربين والعدل من أجل تعديل المادة /3/ من قانون الجنسية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم/ 267/ لعام /1969/ بما يساهم في منح الجنسية العربية السورية لأبناء المرأة السورية المتزوجة ممن يحمل الجنسية غير السورية.  على أن ترفع اللجنة نتائج عملها إلى رئيس مجلس الوزراء خلال مدة أسبوع من تاريخه. وقد أثار هذا القرار ارتياحاً وفرحاً كبيرين بين أوساط النساء المعنيات عامة، والحركة النسوية السورية بكل أطيافها. ولكن، ها قد مرّ أكثر من ثلاثة أشهر ولم نعد نسمع شيئاً عن هذه اللجنة وما توصلت إليه بصدد منح المرأة السورية جنسيتها لأبنائها. بالمقابل، لا يمكننا إغفال تعديل بعض مواد القوانين ذات الصلة بحياة المرأة السورية، كالمادة/584/ من قانون العقوبات التي تمنح قاتل المرأة البراءة فيما يخص جرائم الشرف، والمعدّلة بموجب المرسوم رقم/37/ للعام/2009/ حيث تمّ رفع مدة الحبس لسنتين، ثم عُدّلت هذه المادة بموجب المرسوم التشريعي رقم/1/ للعام/2011/ لتُصبح خمس سنوات مع بقاء الاستفادة من العذر المخفف، هذا العذر الذي تسعى الحركة النسوية السورية للتخلص منه، باعتباره يُبقي على مبررات قتل المرأة تحت ذرائع وحجج واهية تحت مظلة القانون، والمطالبة بأن تُعتبر هذه الجريمة جريمة قتل عادية يُعاقب عليها بموجب قانون العقوبات العام دون تمييز.  صحيح أن هذه التعديلات قد حسّنت من إمكانية النظر لقضايا المرأة بعض الشيء، لكنها ما زالت دون المستوى المطلوب وفق ما طرحنا، وما نريده اليوم جملة قضايا دأبت نساء سورية على المطالبة بها دون جدوى وهي: أولاً- تعزيز مطالب معظم النساء السوريات والحركات النسوية في سورية من أجل رفع التحفظات السورية على اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضدّ المرأة- السيداو- خصوصاً أننا تلقينا وعوداً سابقة بإمكانية رفع تلك التحفظات التي أفرغت الاتفاقية من محتواها ومضمونها الأساسي في تعزيز مساواة وتمكين المرأة في كل المجتمعات الإنسانية.  ثانياً- وقبل كل هذا، الإصرار على تعديل جميع القوانين التي تعزز التمييز والعنف ضدّ المرأة السورية إن كان في قانون العقوبات أو سواه من قوانين صاغتها العقلية الذكورية في مجتمع لا يرى في المرأة كائناً مساوياً للرجل مهما بلغت من مراتب اجتماعية أو حكومية أو علمية. ثالثاً- منح المرأة جنسيتها لأبنائها أسوة بالرجل....لاسيما وان الحكومة سمحت للأجانب بالتملّك في الأراضي السورية، فكيف يحق لأجنبي أن يتملّك، ولا يحق لابن المرأة السورية أن يحمل جنسيتها بكل ما يترتب عليها من حقوق وواجبات..؟ رابعاً- تجديد المطالبة بقانون أسرة عصري يواكب التطورات التي تشهدها الأسرة السورية بمكوناتها الأساسية( المرأة والرجل) بدل قانون أحوال شخصية تراثي صيغ أيام العثمانيين، لم يعد يتلاءم مع ما وصلت إليه المرأة السورية أو الأسرة السورية.  خامساً- سنّ قوانين تُشدد على منع زواج الطفلات، وذلك من خلال الالتزام الجاد والحقيقي بإلزامية التعليم، والقضاء على ظاهرة التسرّب المدرسي لاسيما في صفوف الإناث. سادساً- تعزيز الاهتمام بالصحة الإنجابية، وتعزيز مسألة تنظيم النسل للحد من ارتفاع معدلات النمو السكانية التي باتت مشكلة حقيقية تُهدد الاقتصاد الوطني من جهة، ومن جهة أخرى ترهق كاهل المرأة بأعباء تعرقل إمكانية تطورها، وتخلق مشاكل اجتماعية ضاغطة تؤثّر على تطور الأسرة والمجتمع.  سابعاً- الاهتمام الجدي والفعّال بتنمية المرأة الريفية، ورفع سوية وعيها بحقوقها التي تسحقها الأعراف والقيم الاجتماعية التقليدية كحرمانها من الإرث وإكمال تعليمها، واعتبارها يداً عاملة غير مأجورة.  ثامناً- تعزيز حضور المرأة السياسي من خلال مشاركتها الحقيقية والفعّالة في الانتخابات على كافة المستويات من خلال الابتعاد عن التمثيل النسبي- الكوتا- والذي يعتمد أسلوب الديكور والاتكيت السياسي غير الفعّال. هذه هي بعض مطالبنا كنساء سوريات معنيات برفعة وتقدم مجتمعنا، من خلال تعزيز مكانة المرأة السورية وضمان حقوقها كاملة بشكل يضمن لها وللمجتمع تطوراً حقيقياً يضعنا في مصاف البلاد الراقية.  فهل لصوت النساء السوريات أن يصل أسماع المعنيين في سوريا الحبيبة...؟

إيمان أحمد ونوس - سوريا

يتطلب تطور الفرد والمجتمع تطوراً موازياً للقوانين والنظم الخاصة بالممارسات الحياتية من أجل الارتقاء بجميع مكونات المجتمع إلى حالة يشعرون فيها بارتقاء إنسانيتهم وكرامتهم وتحررهم من قيود تعرقل مسيرة هذا الارتقاء.

وعلى اعتبار أن المرأة( وهي أحد أهم مكونات المجتمع الأساسية) قد تطورت مسيرتها وأساليب حياتها بفعل انخراطها في مجالات العلم والعمل المختلفة، فأصبحت إنسانة من طراز مختلف عما عهدناه سابقاً، لاسيما أنها وصلت مراحل علمية ووظيفية عليا، وهذا يتطلب من المجتمع والحكومة النظر إليها وإلى مكانتها برؤية مختلفة قانونياً واجتماعياً بحكم أنها من تنجب وتربي الأجيال، ليتم انتقال المجتمع برمته إلى حالة مغايرة لما هو سائد اليوم، كما يتطلب التركيز على قضاياها كافة، من أجل منحها كامل حقوقها باعتبار هذه الحقوق جزء لا يتجزأ من حقوق المواطنة التي نصّ عليها الدستور، وكذلك باعتبارها جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان كما نصّت الاتفاقية الدولية.

غير أن ما لمسناه على مدى الحراك الاجتماعي الدائر حالياً على الساحة السورية، وعبر الشعارات المرفوعة في الشارع، أو تلك التي تُعلن عنها المعارضة في برامجها السياسية، أو ما يُطرح عبر ملتقيات الحوار الرسمية وغير الرسمية، أو حتى في برامج الأحزاب السياسية اليسارية التي تعتبر نفسها من أنصار المساواة ونيل المرأة حقوقها، كل هذا يشي بأن المرأة هي من المكونات المنسية في المجتمع رغم أنها من أكبر دافعي الضرائب بشكل عام، وخاصة في مثل هذه الظروف كأم وزوجة وأخت وابنة، وهذا ما يشهد عليه الواقع السوري من ارتفاع أعداد الثكالى والأرامل واليتامى، ولا يمكننا تجاهل الانعكاسات النفسية والاجتماعية والمادية السيئة التي تحيط بأسر أولئك النسوة المفجوعات.

وعلى المستوى الرسمي كنّا نعوّل في هذه المرحلة على الاتحاد العام النسائي، وعلى النساء في مجلس الشعب، وكذلك الهيئة السورية لشؤون الأسرة بتبني قضايا المرأة العالقة في الكثير من القوانين والتشريعات، ووضعها كأولوية ضمن جملة الإصلاحات المطلوبة في هذه اللحظة الحسّاسة من تاريخ بلدنا، ولكن يبدو أن لا حياة لمن تنادي، لأن مجمل الإصلاحات والتعديلات التي طرأت على القوانين السورية في هذه الآونة لم تطل المرأة إلاّ عبر قرار رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 11/7/2011 والذي شكّل بموجبه لجنة برئاسة معاون وزير الداخلية للشؤون المدنية وعضوية ممثلين عن وزارتي الخارجية والمغتربين والعدل من أجل تعديل المادة /3/ من قانون الجنسية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم/ 267/ لعام /1969/ بما يساهم في منح الجنسية العربية السورية لأبناء المرأة السورية المتزوجة ممن يحمل الجنسية غير السورية.

على أن ترفع اللجنة نتائج عملها إلى رئيس مجلس الوزراء خلال مدة أسبوع من تاريخه. وقد أثار هذا القرار ارتياحاً وفرحاً كبيرين بين أوساط النساء المعنيات عامة، والحركة النسوية السورية بكل أطيافها.

ولكن، ها قد مرّ أكثر من ثلاثة أشهر ولم نعد نسمع شيئاً عن هذه اللجنة وما توصلت إليه بصدد منح المرأة السورية جنسيتها لأبنائها. بالمقابل، لا يمكننا إغفال تعديل بعض مواد القوانين ذات الصلة بحياة المرأة السورية، كالمادة/584/ من قانون العقوبات التي تمنح قاتل المرأة البراءة فيما يخص جرائم الشرف، والمعدّلة بموجب المرسوم رقم/37/ للعام/2009/ حيث تمّ رفع مدة الحبس لسنتين، ثم عُدّلت هذه المادة بموجب المرسوم التشريعي رقم/1/ للعام/2011/ لتُصبح خمس سنوات مع بقاء الاستفادة من العذر المخفف، هذا العذر الذي تسعى الحركة النسوية السورية للتخلص منه، باعتباره يُبقي على مبررات قتل المرأة تحت ذرائع وحجج واهية تحت مظلة القانون، والمطالبة بأن تُعتبر هذه الجريمة جريمة قتل عادية يُعاقب عليها بموجب قانون العقوبات العام دون تمييز.

صحيح أن هذه التعديلات قد حسّنت من إمكانية النظر لقضايا المرأة بعض الشيء، لكنها ما زالت دون المستوى المطلوب وفق ما طرحنا، وما نريده اليوم جملة قضايا دأبت نساء سورية على المطالبة بها دون جدوى وهي:

أولاً- تعزيز مطالب معظم النساء السوريات والحركات النسوية في سورية من أجل رفع التحفظات السورية على اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضدّ المرأة- السيداو- خصوصاً أننا تلقينا وعوداً سابقة بإمكانية رفع تلك التحفظات التي أفرغت الاتفاقية من محتواها ومضمونها الأساسي في تعزيز مساواة وتمكين المرأة في كل المجتمعات الإنسانية.

ثانياً- وقبل كل هذا، الإصرار على تعديل جميع القوانين التي تعزز التمييز والعنف ضدّ المرأة السورية إن كان في قانون العقوبات أو سواه من قوانين صاغتها العقلية الذكورية في مجتمع لا يرى في المرأة كائناً مساوياً للرجل مهما بلغت من مراتب اجتماعية أو حكومية أو علمية.
ثالثاً- منح المرأة جنسيتها لأبنائها أسوة بالرجل....لاسيما وان الحكومة سمحت للأجانب بالتملّك في الأراضي السورية، فكيف يحق لأجنبي أن يتملّك، ولا يحق لابن المرأة السورية أن يحمل جنسيتها بكل ما يترتب عليها من حقوق وواجبات..؟

رابعاً- تجديد المطالبة بقانون أسرة عصري يواكب التطورات التي تشهدها الأسرة السورية بمكوناتها الأساسية( المرأة والرجل) بدل قانون أحوال شخصية تراثي صيغ أيام العثمانيين، لم يعد يتلاءم مع ما وصلت إليه المرأة السورية أو الأسرة السورية.

خامساً- سنّ قوانين تُشدد على منع زواج الطفلات، وذلك من خلال الالتزام الجاد والحقيقي بإلزامية التعليم، والقضاء على ظاهرة التسرّب المدرسي لاسيما في صفوف الإناث.

سادساً- تعزيز الاهتمام بالصحة الإنجابية، وتعزيز مسألة تنظيم النسل للحد من ارتفاع معدلات النمو السكانية التي باتت مشكلة حقيقية تُهدد الاقتصاد الوطني من جهة، ومن جهة أخرى ترهق كاهل المرأة بأعباء تعرقل إمكانية تطورها، وتخلق مشاكل اجتماعية ضاغطة تؤثّر على تطور الأسرة والمجتمع.

سابعاً- الاهتمام الجدي والفعّال بتنمية المرأة الريفية، ورفع سوية وعيها بحقوقها التي تسحقها الأعراف والقيم الاجتماعية التقليدية كحرمانها من الإرث وإكمال تعليمها، واعتبارها يداً عاملة غير مأجورة.

ثامناً- تعزيز حضور المرأة السياسي من خلال مشاركتها الحقيقية والفعّالة في الانتخابات على كافة المستويات من خلال الابتعاد عن التمثيل النسبي- الكوتا- والذي يعتمد أسلوب الديكور والاتكيت السياسي غير الفعّال.

هذه هي بعض مطالبنا كنساء سوريات معنيات برفعة وتقدم مجتمعنا، من خلال تعزيز مكانة المرأة السورية وضمان حقوقها كاملة بشكل يضمن لها وللمجتمع تطوراً حقيقياً يضعنا في مصاف البلاد الراقية.

فهل لصوت النساء السوريات أن يصل أسماع المعنيين في سوريا الحبيبة...؟
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-