عذابات المرأة العربية

نفيسة لحرش

لقد سكتنا كثيرا على الظلم والتمييز نحن النساء العربيات، في هذه الأرض التي تسمى المنطقة العربية.. فما عادت تسعنا هذه الأرض، ولا تحمينا هذه الأنظمة الحاكمة.

لقد سكتنا طويلا على هذه الأنظمة الحاكمة بالحديد والنار، التي جعلتنا في أسفل الترتيب العالمي اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.. أنظمة كنا نتستر عليها بفعل الخوف أحيانا وبقلة الوعي أحيانا أخرى..

قد يكون تسترنا عليها مفهوما عندما يكون ذلك مقرونا بالخوف من المجهول، أو التخوف من التفتت الوطني والتهاتر الاجتماعي، أو حتى الخوف من العمالة لبعضنا، أو الخيانة بين صفوفنا، تلك التي أذكتها ظروف التهميش والحقد والكراهية..

لكن ما يحدث اليوم في سوريا واليمن، مثلما حدث قبلها في ليبيا، يجعلنا نزداد ألما ونتطوح عذابا، بل وقد نقف يائسين من رد فعل حكامنا وسياسيينا ...

والله، إننا لم نعد نحتمل، بل ولم نعد نستطيع السكوت، لأنها الإهانة العظمى.. نعم إن الإهانة تلاحقنا وتنزف جرعة الإنسانية فينا، بل وتمتص الدماء في كياتنا..

لقد سئمنا التبريرات والتفسيرات التي تقدم لنا وكأننا أطفالا.. ففي كل مرة تنتفض فيها الشعوب على وقعها المزري، تدفع المرأة الثمن غاليا: عندنا في الجزائر، وأثناء العشرية السوداء تم خطف النساء وتم اغتصابهن وتم التنكيل بهن، واعتبرن غنيمة حرب باعتبارهن سبايا ألطغاة حتى وإن كن بريئات ولا علاقة بالحكام... لم تشفع لهن هوية الخاطفين الذين كانوا ينطقون باسم الدين... ومع ذلك وجدنا لهم عذرا عندما صنفناهم كإرهابيين.

وفي لبيبيا، اختطفت النساء واغتصبنا من طرف جنود الدولة ممن كانوا يطلقون على أنفسهم اسم اللجان الشعبية، وبرر ذلك بأنه كان كذبا من النساء وادعاء من الدول الحاقدة عليهم.

واليوم في سوريا، بماذا تبرر السلطات السورية اختطاف النساء واغتصابهن والتمثيل بجثثهن سواء كن رهائن أو محتجزات.. وكان من المفترض أن تكون الدولة هي الحامية لعرض شعبها مهما كانت الظروف ومهما تعددت المسميات.....

إن ما يجري في سوريا اليوم، من قتل وهدم وترويع واغتصاب ممنهج، إنما هو انتهاك لحقوق الإنسان السوري، ولا يمكن لأي إنسان مهما كانت حياديته، ومهما تدنت كرامته أن يتفهمها أو يسكت عنها...

إن ما يجري في سوريا اليوم، هو سجل أسود يضاف إلى سجل الحكومات العربية الطاغية، وصفحات من الحبر الدموي في تاريخ النظم العربية المستبدة.....

وإلى متى تبقى نساؤنا ضحايا الصراعات السياسية الدموية في مجتمعاتنا العربية، إلى متى تصبح عذرية المرأة العربية نصرا للمنهزمين فينا... ألا يكفي النساء العربيات التضحية بأطفالهن وأزواجهن... ألا يكفيهن الحرمان والتهميش والتمييز الممنهجين..؟

إنها الإهانة الكبرى ورب الكعبة... إنها الإهانة التي تأتينا من أهالينا وهي والله أقسى علينا وأشد من إهانة الأعداء....

وهل حقا بقي لنا، ومع ما يجري من يوميات، أهلا وعشيرة.. وهل بقي لنا شيء من الكرامة والإنسانية، يمكننا أن نفتخر به يوما أمام أعدائنا... وهل حقا بقيت كرامة لحكام قتلوا كل شيء فينا، ونجحوا فقط في تعميق انتهاكاتنا وتلوين عذاباتنا.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-