نريد ثورة في النظرة الى المرأة...تأملات حول ثورات الربيع العربي!!

أسماء صباح - مصر

شاركت المرأة العربية في الثورات في كل من مصر وتونس واليمن، محطمة كل المحاذير الاجتماعية التي كانت تدعوها الى التزام بيتها وعدم التدخل في عالم السياسة، لقد خرجت تلك المرأة من عباءة الضحية والمقموعة لتقف في المقدمة ولتكون فاعلة في تاريخ ومستقبل بلادها.

نساء انتفضت منذ اجيال، في تونس تحدت الاحتلال الفرنسي، وظلم بورقيبة، وبعده زين العابدين بن علي، وستتحدى كل ظالم حتى يستقر العدل، وفي مصر ناشطات شابات في العشرينات والثلاثينات من العمر، مسيسات تابعات لاحزاب ومستقلات، طالبن بالتغيير الاجتماعي والسياسي الشامل في بلادهن، وفي اليمن قادت توكل المظاهرات ضد الرئيس اليمني علي عبد الله الصالح في مجتمع محافظ جدا، والتي سعت للاصلاح السياسي منذ عام 2007، اذا هن نساء فرضن وجودهن في قلب الحدث، وكن يحملن ارادة التغيير في قلوبهن، يحلمن بالحرية السياسية والاجتماعية.

ان ثورات النساء العربيات لم تهز فقط هياكل الاستبداد واسياده وتسقطهم ولكنها حطمت الاساطير القديمة حول المرأة التي تقول بانها عاجزة ومستعبدة وانه محكوم عليها العيش في جدران من الصمت، المرأة التي برزت في المظاهرات هي امرأة مختلفة، متعلمة، مثقفة، ومشحونة بحبها للحياة وللحرية.

ان اللافت في ثورة اليمن ومصر مثلا، هو ان المرأة لم تشارك فقط، وانما تولت دورا قياديا بارزا، فكانت تحشن الشباب لينطلقوا يتظاهروا ويعتصموا، لقد اثبتت نفسها وايجابيتها وبأنها قادرة على العمل في الميدان بدل ان تبقى سلبية ساكنة في منزلها تنظر الى ما ستأول اليه الامور.

لقد تميزت تلك الثورات بأن المشاركة فيها كانت مفتوحة للجميع، كان الشارع يجمع العامة مع السياسيين، بدون الالتفات الى اي عنصر من العناصر المفرقة مثل الجنس والعمر والانتماء الطائفي أو السياسي، كان الشارع يشكل برلمانا كبيرا يضم كل الشعب ليعبر فيه عن نفسه واحلامه وتطلعاته للمستقبل القريب، هناك اجتمع الكل دون استثناء وناقشوا الاوضاع السياسية والحياتية والمعيشية، تعززت الهوية الجماعية وتجاوزوا الانقسامات الطبقية والطائفية والفكرية والمجتمعية وحتى النوعية.

في تلك المشاهد تحطمت الصورة النمطية للحجاب، الذي كان يربط بالسلبية والرجعية والتخلف، لقد كان من المدهش مشاهدة شابات في العشرينات محجبات ويقدن ثورة باتجاه التحرر الشامل، لقد كانت الشابة المحجبة على ثقة بنفسها وبما تفعل، لو تكن اقل همة من غير المحجبة أو الرجل، كان لها من الكاريزما ما يجعل العالم ينتبه لوجودها ويتسائل من هي محدثة كل تلك الثورات.

لقد خلقت المرأة العربية من خلال الربيع العربي نموذج جديد من القيادات النسائية الشابة، و تحدت كل انواع الخطاب وجعلته يختل بل أنها اسقطته، دمرت الخطاب الذي كان يتهمها بالسلبية واختفاءها في منزلها لتربي اولاها ، وهي تابع لا محل لها من الاعراب في الحياة العامة، تستند دوما على ابيها واخيها وزوجها، ويحكمها الخوف على شرفها، والذي كان اداة لمحاربتها في السابق.

لقد تمردت المرأة العربية على كل الخطابات التي تعاملها بازدراء، انهن يسعين لمصائرهن لوحدن دون ان يتم الاخذ بأيديهن كالاطفال، يردن تحرير انفسهن عن طريق تحرير المجتمعات من الدكتاتوريات البالية.

طبعا سيتم مقاومة أحلام النساء والشعوب بالحرية، الا ان دينامية الثورة لا تنتهي، فمن ثار مرة وكسرجدار الصمت والخوف سيثور مرات، وستكون الثائرات في طليعة الذي يقاومون من اجل المحافظة على مكتسبات الثورة ولو بعد حين، وستظل صورة ميدان التحرير ماثلة في عقول هؤلاء حتى الحصول على آخر رشفة من كأس الحرية.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-