لم يتأخر اي من القطاعات الاجتماعية عن الالتحاق بحركة الشارع ومطالبه، فقد التحقت النقابات العمالية مبكراً، وكذا فعلت النقابات المهنية بكل تفرعاتها من أطباء ومهندسين ومحامين وغيرهم، وكان لانضمام المثقفين والفنانين والاكاديميين والقضاة الأثر الكبير في زيادة الزخم حول الثورة المصرية الأكبر والأكثر عمقاً في تاريخ مصر. وبطبيعة الحال لم تغب المرأة المصرية عن المشهد المصري الكبير بل كان للنساء المصريات دور طليعي وبارز لا يقل عن دور أي من الفئات الاجتماعية الأخرى.
المصريات كن أول من قدم الاعتذار لمصر، بالنيابة عن جميع أفراد الشعب، عن تأخرهن في إشعال الثورة، وانطلاقاً من هذه الشفافية النادرة؛ كن رياديات في تحشيد وتوظيف القطاع النسوي للنزول الى الميدان، عاملات بدأب على دعوة الجميع مستخدمات الوسائل التقنية للتواصل السريع لحشد المجتمع متوجهات لقطاع المرأة على وجه الخصوص، بهدف تنظيمها وانخراطها في جميع المهام المطروحة على الثورة حتى النصر.
ومن العلامات البارزة بالمعنى الايجابي في الثورة الشعبية المصرية أنها لم تتعامل مع المرأة كعنصر من الدرجة الثانية، ولم تسجل أي واقعة تحرش جنسي، بل وجدت الفتيات ذواتهن على قدم المساواة مع الرجل في حراك الشارع. لذلك؛ لم تقتصر مشاركة المرأة على حشد الجمهور للتظاهر والتواجد فحسب؛ بل بادرت إلى الانخراط والمبيت في الخيام للمشاركة في قيادة التحرك والمهام اليومية للمجتمع الفاضل الذي تشكل في ميدان التحرير، لقد بدت المرأة متحدثة في وسائل الإعلام، وظهرت تشارك في كتابة اللافتات الدعاوية وحملها، وهتفت وحرضت بالحشود محمولة على الأكتاف، وساهمت في إعداد الشعارات ومجلات الحائط الميدانية، ولم تترفع عن تأدية المهام النمطية، التي لا غنى عنها، من رعاية الأطفال في الخيام وتحضير الطعام للمعتصمين.
نعم لبت المرأة النداء لملامسة شعارات الثورة ومهامها لهمومها ومصالحها الاقتصادية والاجتماعية فاستقطبتها، فالمرأة المصرية تئن من الوضع المعيشي المزري. لقد أدت سياسات النظام الاقتصادية والاجتماعية إلى زيادة الفقر في المجتمع بسبب رفع الدعم الحكومي عن السلع الاستهلاكية الضرورية، وتأذت المرأة من أزمة البطالة التي فاقمها أولاً: سياسة استيراد العمالة الوافدة من البلاد الأكثر فقراً، وذلك بسبب جشع وطمع القطط السمان في تحقيق المزيد من الربح، وثانياً: بسبب انعكاس الأزمة الاقتصادية العالمية والاستغناء عن خدمات عشرات الألوف من العاملات في الخارج ووقف تحويلاتهن لأسرهن. وعدا هذا وذاك فقد عانت المرأة من أزمة السكن التي أضحت من أكبر الأزمات التاريخية في الكون بسبب الفساد في السياسات الحكومية؛ حيث تفشت في عهد النظام البائد مشكلة البنايات المهددة بالسقوط، إضافة إلى البناء العشوائي، وبالنتيجة اتخاذ المقابر كسكن لما يزيد عن ستة ملايين إنسان.