معرضُ الفنان تيسير بركات الفلسطينيّ في كفرياسيف الجليل!

آمال عوّاد رضوان - فلسطين تَحْمِلُنا أَسمَاؤنَا إِلى أَعمَاقِ مَجهُولٍ يَتنَاسَل .. نَحْنُ؛  فِكرَةُ خَلْقٍ يَتَكوَّرُ في رَحمِ المُنَى! * نُعايِنُ ظِلالَ اللهِ تَكسُو بِحَارَ الحَواسِّ؛ تُربِكُنَا أَمواجُ الرَّهبةِ .. فَنَتقوَّس وبِتثَاقُلٍ مُهتَرئٍ بَينَ تَعاريجِ الحُزنِ وشَظايَا الفَرحِ نَتَّكِئُ علَى مَسَاندِ الصَّمتِ نَنْكأُ جُروحَاً تَغفُو لِنَنْشُرَ سَوادَ الأَلَمِ حَلِيباً يَتعَشَّقهُ مِدَادُ الحَنِين * تَتَرنَّحُ قَواربُ أَحلامِنَا خَدِرةً يَتنَاثَرُها جُوعُ عَواصفِ الوقتِ الكَافِر، وفي دَوَّاماتٍ مُفرَغةِ الحُروفِ وبِوَرعِ الضَّوءِ الخافتِ الخافقِ نَرسِمُنا قِصَصاً تَتلوَّى لَوعةً في قَفصِ البَراءَة * لِبُرهَةٍ؛ نُومِضُ بَسَماتٍ تَرتشِفُ دَمعاً يَترَشَّحُ حَيرةً حَيرَى من ثُقوبِ قَلبٍ يَتَفايضُ نُوراً، ولِوَهلَةٍ؛ تَنثَني هَالاتٌ من أَسفَارِ الأَيَّام تَتشَكَّلُ رَغوةَ تَساؤلٍ على جَبينِ الفُصُول وبِخلسَةٍ؛ نَلِجُ أَحشاءَ العَمرِ بِشَهوةٍ تَعزِفُنا أَنامِلُ نَيسَان أُكذُوبةً عَلى أَوتَارِ الذَّاكرةِ والنِّسيَانِ المُتَقَاطِعَة!    Cordes croisées Par :Amal Radwan ……Traduite par : Farah Souames Nos noms nous mènent aux profondeurs d’un inconnu propageant Nous……. L’idée d’une existence roulant au cœur de l’espoir * On lorgne les ombres divines couvrant les mers des sens Les vagues de l’effroi nous déconcertent…on s’incline D’une gêne usagée Entre courbes de tristesse et étincelles de liesse On se repose sur les supports du silence Vexant des blessures qui sommeillent Ressuscitant la noirceur de la douleur en lait Passionnant l’encre de la nostalgie * Les barques de nos rêves se balancent engourdies Dispersées par l’inanition des tempêtes de temps infidèles Dans des remous vides de caractères Et la piété d’une lumière faible et palpitante Se dessinent des contes et se tordent anxieuses A la barre d’innocence * L’espace d’un instant, On scintille des sourires feutres de larmes Infiltrant la perplexité A travers un cœur perce, débordant de lueur * L’espace d’un instant, Les auréoles des périples quotidiens s’inclinent Formant une écume de question au front des saisons Et usant de cacherie On glisse aux tripes de la vie d’une passion Jouée en Avril telle un mensonge Sur Les cordes croisées de la mémoire et l’oubli آمال عوّاد رضوان - فلسطين  جَعَلْتُ قَلْبَكَ عُلّيْقَةَ مُوسَى  تَشْتَعِلُ بِاخْضِرَارِ نَارِي وَلا تَترمَّدُ ! * أنَا عُصْفورَةُ نارٍ لكِنِّي .. لا أُحْرِقُ وَلا أُرْمِدُ وَما كُنْتُ أَنْفُخُ في رَمادٍ بَل ؛ أُلْهِبُ الصُّدورَ الْمُرَمَّدَةَ بِجِمَاري *  دَعِ الدَّمْعَةَ عَلى شِفاهِ الثَّلْجِ تَسحُّ .. تَنْشَطِرُ .. عَلَّ الثَّلْج يَذوبُ .. فَلِمَ تَنتَظِر؟ مَا تِلْكَ بدَمْعَةِ نَدَمٍ ، هِيَ قَطرةُ حَياةٍ دَعْها تََهْمي فَما ذاكَ بِانْكِسَار * أنا مَن احتملَ في مِنْقارهِ جَذْوَةَ نارِ الهَوى دَعْني أُدْفِئْكَ بِها أُجَفِّفُ طَواحينَكَ المُبْتلَّةَ بِحَرَارَتي * أجِيئُكَ أُخبِّئُ لكَ تَحْتَ جَناحَيَّ غِلالَ حُبِّي فَهيِّئْ .. سيِّدي .. أَجنِحةَ عِنَاقِنَا أَثِرْ أَريَاشَهَا بِنَسائِمي لِيأْخُذْنا هَفِيفُهَا إلَى دُوَارٍ لَذِيذ !  Moineau de feu   Par :Amal Radwan Traduite par : Farah Souames   J’ai fait de ton Cœur, un roncier de Moise Brulant à la verdeur de mon feu Sans se réduire en cendre * Je suis un moineau de feu Mais Ni brulant, ni cendreux Je ne soufflais à la cendre Mais Je brulais les âmes cendreuses de mes braises * Laisse une larme sur les  lèvres de glace Couler Fendre Fondant peut être la glace Qu’attends-tu ? Ce n’est nul une larme de regret C’est une goutte de vie Laisse-la se déverser Ce n’est nul une rupture * Moi Qui supporta sur mon bec, le tison des feux de la passion Laisse-moi te réchauffer Sécher tes moulins humides De ma chaleur * Je viens à toi  Cachant sous mes ailes les fruits de ma passion Dresse les ailes de nos étreintes Marque-les de mes brises Que leur bruissement Nous emmène Dans un tourbillon délicieux آمال عوّاد رضوان - فلسطين  لا زالَ يافعًا يانعًا، لا تعرفُ أجنحتُهُ الوهّاجة ذبولاً، رغْم أنّهُ محاصرٌ بينَ قضبانِ الاحتراق، في مِرجلٍ تُزوبعُ به متاهاتُ الدّروب، وذلك؛ لِما تميّز بهِ مِن عذوبةِ موْسقتِهِ وشجنِهِ! كمثلِ حاكورةٍ صغيرةٍ، ملآى بكلِّ أنواعِ الأشجارِ المثمرةِ وأشجارِ الزّينةِ بسياج صبّارِها؛  حاكورةٌ ترعرعتْ وسطَ غابةِ الاستبدادِ وأدغالِ الاحتلالِ وأحراشِ القهرِ! حاكورةٌ نما في أحواضِها الوجعُ، وفي أحضانِها التحدّي، فدُمّرَ كثيرٌ من أعشاشِها، وهُجّر كثيرٌ من أطيارِها دون أرياشِها، في منافي الشّتاتِ والضّياع والفراغ، بلا أرض ولا سماءٍ وبلا هويّة!  إنّهُ الشّعرُ الفلسطينيُّ في الدّاخل؛ راسخُ الجذورِ منذ الجيلِ الأوّلِ، وقد اتّجهَ مؤشّرُ بوصلتِهِ صوْبَ مكانةٍ مرموقةٍ في الشّعرِ العربيّ والعالميِّ!  الشّاعرُ الفلسطينيُّ في الدّاخلِ امتطى صهوةَ ثقافتِهِ وما ترجّلَ عنها، رغمَ الاختناقِ وضيقِ التّنفّس، بل شنّ وعيَهُ وأدواتِهِ اللّغويّةَ اللاّهبةَ ضدّ مذابح الغزو، وضدّ حصْرِهِ في قواقعِ الطّائفيّةِ والأقليّةِ العربيّةِ في دولةٍ يهوديّةٍ، فعايشَ البيئةَ الجديدةَ وواكبَها بالمواجهةِ، وتصدّى لمحْوِ ذاكرتِهِ التّراثيّةِ وتاريخِ حضارتِهِ!  الشّاعرُ الفلسطينيُّ تفاعَلَ معَ العالم الخارجيِّ، ولم يكن رهينَ شعرِ المقاومةِ، كما أطلقَ الأديبُ غسّان كنفاني، ورغمَ المآسي التي يكابدُها، ما تنازلَ عن ثوابتِ وكواشينِ حواكيرِهِ، ولم يقتصرْ شعرُهُ على النّدبِ والشّجبِ فحسْب، إنّما أثمرتِ الحواكيرُ الفلسطينيّةُ ما لذَّ وطابَ مِن شعرٍ شعبيٍّ وفصيحٍ بليغٍ، يتحدّثُ فيهِ عن الحنينِ والغربةِ والمقاومةِ والتّحدّي، والحُبِّ والعِشقِ وجَمالِيات الحياةِ والمشاعرِ الإنسانيّةِ، وتعميقِ الحياةِ وتجميلِ الوجودِ وبناءِ المستقبل، من خلالِ مساحاتٍ فكريّةٍ شاسعةٍ، وانتماءاتٍ ثقافيّةٍ مختلفةٍ وبشتّى الرّؤى.  الشّاعرُ الفلسطينيُّ إنسانٌ اعترَكتْهُ الظّروفُ فعايشَ القهرَ، وتدرّبَ كيفَ يعتلي سُحُبَ الخيالِ والتّصوّر، ليُحلّقَ بأجنحةِ التّصويرِ والإبداعِ، كي يخلقَ عالمًا أجملَ مِن الحقيقة، لذا تفاعلَ معَ البيئةِ والحياةِ وظروفِها وتفاصيلِها اليوميّة بمنتهى الحساسيّةِ الإبداعيّة، وكانَ لشعرِ المقاومةِ أن يتصدّرَ المشهدَ الشّعريَّ مِن أجلِ التّحريرِ والحرّيّة المنشودَيْن، ففرَضَ نفسَهُ إعلاميًّا، وتجلّى بشكلٍ بارزٍ بما يتوافقُ والحالة الرّاهنة التي استمرّتْ واستدامتْ، وقد تُرجمَ كثيرٌ مِنَ الأشعارِ للعبريّةِ ولغاتٍ أخرى، ولوحِقَ بعضُ أصحابِها، لِما تحملُهُ مِن فِكرٍ وتحريضٍ يُعارضُ سياسةَ التّهويدِ المفروضة، وبسببِ الانتماءاتِ الحزبيّةِ، في ظلِّ غيابِ الوطنِ وسيادتِهِ الفلسطينيّة.  مِن شعرائِنا مَن سطعَ نجمُهُم وحضورُهُم في وسائلِ الإعلامِ الحزبيّة، وتركَ بصمةً زيتيّةً في الذاكرةِ الثقافيّة، وأثرًا محفورًا في سنديانِ المهرجاناتِ الثّوريّةِ والاحتفالاتِ الشّعريّةِ التّحميسيّةِ، ومنهم مَن خفَتَ نجمُهم حدَّ البصيص، وما عُرف قدْرُهم وما نالوا حقّهم، فقد توهّجَ بينَ سُحُبِ السّماءِ مَن توهّج، وناسَ بينَ الغيومِ مَن وشّحتْهُ بضبابِها، وقد حوكِم الإبداعُ الأدبيُّ حزبيًّا وسياسيًّا، وبكلِّ أسفٍ، ظلّتْ تخضعُ ثقافتُنا للامتحانِ وإثباتِ الوجودِ والحضورِ، وبقيتْ رهينةً تستعطفُ الودَّ العربيَّ حتّى اليوم، ويحاولُ فلسطينيّو إسرائيل أن ينفوا التّهمةَ المُوجَّهةَ إليهم، كي يُثبتوا أنّهم أبرياء مِن دمِ المبايعةِ أو التّسليمِ والاستسلام، وأنّهم عربٌ أقحاح ما تهوّدوا ولا تطبّعوا ولا تأسرلوا!  وفي ظلِّ التّهميشِ العربيِّ للمأساةِ المستديمةِ العليلةِ، غدا فلسطينيّو ال 48 ضّحيّةً مفخّخةً موقوتةً، ومُعلّقةَ خارجَ الأحداثِ التّاريخيّةِ والخرائطِ الجغرافيّةِ، فهم الضّحيّةُ الموصومةُ بختمٍ إسرائيليٍّ ينبغي التخلّص منه أو تذويبه، وهكذا؛ بُتِرَ شعبُنا عن شقيقِهِ الآخر في الضّفّةِ وغزّة، واستُبعِدَ عن الأمّةِ العربيّةِ وسياساتِها في صُنعِ القرار، كأنّما توقّفتْ عجَلةُ التّاريخِ عند شرْخِ النّكْبةِ دونَ حَراكٍ عربيّ مُسانِد! وكانَ للجيلِ الأوّلِ مهمّةٌ شاقّةٌ مِن خلالِ الإبداعِ الفلسطينيِّ، هو خلْق نموذج مقاومة، مِن خلال الكلمةِ الحادّةِ اللاّهبةِ، والنّاقرةِ على شريانِ وجعِ المنكوبِ ونبض معاناةِ الشّعب، إلاّ أنّ البعضَ دخلوا في مرحلةِ الاجترارِ والتقليدِ للنّموذجِ السّابق، والبعضَ لا زالَ قادرًا على تشكيلِ رؤًى فكريّةً ناضجةً مستحدثة، وإبداعيّةً متميّزة بفنّيّتِها، وبمستوًى عربيٍّ عالميٍّ، وتستمرُّ حربُ الحَرْف!  هل يجهلُ المحتلُّ ما للإعلام الوطنيّ بشتّى وسائلِهِ وتقنيّاتِهِ من دورٍ رئيسيّ هامٍّ في دعْمِ الهويّةِ الوطنيّةِ، ومن محاربةِ النّزعاتِ الطّائفيّةِ، ومن نَشْرِ الثّقافةِ المستقِلّةِ وتعزيزِ الثّقةِ والانتماءِ الوطنيِّ والقوميّ؟ وهل يخفى على المثقّفِ الواعي تأثيرُ الإعلام، وحضورُه الفعّالُ المباشرُ محليًّا وعربيًّا وعالميًّا، وفي إعطاءِ المبدعُ فرصَ تطويرِ إمكاناتِهِ الأدبيّةِ والإبداعيّةِ، دونَ الولاءِ لجهةٍ ما أو حزبٍ داعم؟  طبعا لا، إنّما حُكم القويّ السّائد الجائر حجّمَ وقلّصَ للشّعبِ الأعزل إمكاناته التقنيّة التثقيفيّة، لكنّه ما استطاع أن يثبط العزيمةَ والهمّة في النّضالِ الواعي، أو يحبطَ التصدّي العنيد، من أجلِ الحفاظِ على الكيانِ الفلسطينيِّ العربيِّ لغةً وحسًّا وانتماءً، دونَ تهجينٍ أو تذويب. لكن؛ وبسبب توقّفَ الاهتمامُ والإعلامُ العربيُّ فقط عندَ أسماء محدودة مِن أدبائِنا، ونماذجَ قليلة مِن شعرائِنا، مَن بيعتْ وسُوّقتْ وتُرجمتْ وانتشرتْ كتبُهم في المكتباتِ العربيّة، ونالَ أصحابُها حصّةَ الأسدِ في تلقّي الدّعوات والمشاركةِ والانتشار عربيّا وعالميّا، وبسببِ غيابِ التّنظيماتِ الثّقافيّةِ والأدبيّةِ الوطنيّةِ المحَلّيّة المُحارَبة صهيونيًّا، فقد تولّدتْ أزمةُ غيابِ النّقدِ الحقيقيِّ الموضوعيِّ المَحلّيِّ والعربيّ، فهيّأتْ مناخًا تسودُهُ الشّلليّةُ المُتسلّقةُ البارزة، والّتي أركنتِ المواهبَ والتّجاربَ الأدبيّةَ المتميّزةَ في هوامشِ الإبداعِ، فكساها غبارُ الإهمالِ والإحباطِ دونَ تسويقٍ، بل عمدتْ على ترويجِ الرّديءِ بدلاً مِنَ الأجوَد.  وها هي واحةَ الشّعرِ الفلسطينيّةِ الزّاهيةِ لا زالتْ تزهرُ وتُثمرُ وتُظلّلُ، وتفوحُ أزاهيرُها في صحراءَ تكثرُ فيها الرّمالُ المتحرّكة لتبتلَعها، حيثُ تنعقَ فيها الأبواقُ المشبوهةُ والهِممُ الوصوليّةُ، الّتي تنعفُ الرّمالَ الحارّةَ في عيونِ المبدعينَ والمثقّفينَ والقرّاءِ والبسطاء. إضافةً إلى الشّبكةِ العنكبوتيّةِ التي لعبتِ دوْرًا هامًّا في كسْرِ الحواجزِ الجغرافيّةِ والحدودِ السّياسيّةِ المفروضة، في السّنواتِ العشرِ الأخيرةِ، كما وساعدتْ في انتشارِ الثّقافةِ الرديئةِ والجيّدة، ولكن على مستوى فرديٍّ وليس جماعيٍّ ووطنيٍّ، وهذا شقٌّ آخر من المأساةِ التي توالتْ أكثرَ من ستّة عقود!  وتاريخيًّا؛ ابتدأتْ معاناةُ الوسطِ الثّقافيّ المَحلّيِّ منذ أحداثِ النّكبةِ، بعدَ إغلاقِ المؤسّساتِ الثّقافيّةِ الفلسطينيّةِ في حيفا ويافا، اللّتيْن كانتا محطّتيْنِ هامّتين أسوةً بالعواصم العربيّة، ففي حين استقطبتا أمّ كلثوم وعبد الوهاب وفريد الأطرش والكثيرَ مِن الأدباءِ والمثقفين، وزخرتا بالمقاهي الأدبيّةِ والفنادقِ والمطابع والصّحفِ والمسارحِ والنّشاطاتِ الثّقافيّةِ المختلفةِ، وعلى مستوى عربيٍّ يُضاهي بغدادَ والشّامَ والقاهرة ثقافيًّا وحضاريًّا وتجاريًّا، فقد هُجِّرَتْ نُخَبُ شعبِنا المقتدرينَ ثقافيًّا وماديًّا، وهُدّمتِ المراكزُ الثّقافيّة، واعترى البلادُ شللٌ مؤسّساتيّ ثقافيٌّ وتفكّكاتٌ تنظيميّة، فقد صارتْ بلادُنا عبارةً عن قرى صغيرةٍ وكبيرةٍ، تفتقدُ إلى معالم المُدنِ المدنيّةِ والإبداعيّة، وتفتقرُ إلى مؤسّساتٍ وطنيّةٍ ثقافيّةٍ متطوّرة! فهل يُعيدُ الفلسطينيّونَ مجْدَ حيفا العتيق ومناخ عكّا المائج وميناءَ يافا الغابر؟ كيف؟ متى؟ ومِن أيّةِ منطلَقاتٍ يمكن أن تتجاوزَ المِحنة؟ آمال عوّاد رضوان - فلسطين  بتاريخ 14-5-2011 وتحت عنوان "غبار، حوار، حديد"، قامت صالةُ العرض التابعة لرابطة إبداع- كفرياسيف الجليلية قضاء عكا، بافتتاح معرض للفنان الفلسطينيّ تيسير بركات من رام الله، وسيستمرّ المعرض لغاية 31-5-2011، وقد رحّبَ بالحضور الفنان إبراهيم حجازي؛ عضو رابطة إبداع ومنظم المعرض، وتلته كلمة السّيّد جورج توما رئيس جمعية إبداع، التي أشاد فيها بالفنان تيسير بركات ولوحاته، واعتذر عن عدم تمكّن الفنان بركات من الحضور، بسبب عدم حصوله على تصريح عبور من السلطة الإسرائيليّة، وقد جاء في كلمة د. منير توما "الرّؤى الإنسانيّة الشفافة في لوحاتِ الفنان تيسير بركات": "الفنّ ليس غايةً في حدّ ذاتها، بل وسيلة لمخاطبة الإنسانيّة، كما أنّ الفنّ هو الحياة، حيث نعيش ونتألّم ونَجْهَد"! ليسَ العالمُ موجودًا لمجرّدِ أن نتحدّث عنه بل لكي نرقبَهُ كذلك، ونحن لا نملك فقط ألسنة لنتحدّث بها وآذانًا لنسمع، ولكننا نملك عيونًا لنبصرَ ونرى، فالألوان والأشكال تستوقف الأنظارَ بدرجاتٍ متفاوتة، والرّسّام أو المثّال كالفنان تيسير بركات يُحيلُ أحاسيسَهُ إلى استجاباتٍ حركيّة، ثمّ يُجسّدُ تلك الحركاتِ على لوحةٍ أو في قطعةٍ مِنَ الرّخام في حالةِ النحت، والمشاهدُ الذي يتأمّلُ عملاً مِن أعمال الفن التشكيليّ، يستوقفهُ ويثيرُ اهتمامَهُ ما فيهِ مِن قيمٍ تشكيليّةٍ مميّزةٍ له، أو بمعنى آخر ما فيهِ يهمّ العين. أمّا أنّ الفنون التّشكيليّة تنطوي على قيم أخرى غير تلك التشكيليّة، فهذا ما أتيحَ لنا أن نلحظهُ في فن تيسير بركات، فالعين دائمًا هي عين كائن حيّ، وقد تثير المرئيّاتُ الخيالَ على نحو ما تفعل كلمات االنثر أو الشعر، فالشكلُ واللونُ هما شكل ولون لشيء ما، حيث ترتبط الأشياءُ المرسومة في صورةٍ برصيدِ العواطفِ البشريّة بأسرها، والعين التي تبصر هي عين كائن، حتى ترتبط عيناهُ بشيءٍ أكثرَ مِن مجرّد جهاز بصريّ، وله اهتماماتٌ غير تلك الاهتماماتِ الجماليّةِ الخالصة. إنّ الاستمتاعَ التشكيليّ الخالص لصورة يقتصرُ على الخطوط والألوان المنقوشة في لوحة، وعلى الأشكال والكتل في النحت، والألوان لا تبدو لنا في تجربتنا العادية مجرّد ألوان تراها العين، بل هي ترتبط بأحاسيسَ وذكرياتٍ سارّة أو مُكدّرة، ويغلبُ على ألوان الفنان تيسير بركات الألوان الداكنة والغامقة إلى حدّ كبير، ممّا يعكسُ الحزنَ حينما يتعاملُ مع اللون الأسود، وكذلك الحالة المضطربة والقهر حين يستخدم اللونَ الرّماديّ، وفي حالةِ استخدامه للأسودِ والبنّيّ والظّلال البنيّة الحمراء الدّاكنة، فإنّه يُعبّرُ عن أحاسيسَ وذكرياتٍ مترابطةٍ ومتداخلة، على نحو تتحدّث فيها ألوان الصّورة بطريقة مُبهمةٍ ذات آثارٍ محتدمة، من خلال هذه الترابطات التي لا نكادُ نستبينها، فاللّون كما تراه العين وما يثيرُه في الخيال، كلاهما سماتٌ ضروريّة في تأثيرِها الجماليّ! الكثيرُ مِن لوحات الفنان بركات تعكسُ حبّهُ للحياة وعدم الرّغبة في موت الإنسان، مع تشديدِهِ على المعاناة في أزمنة متقطعة من خلال الألوان الرّماديّة، وذات اللون الدّاكن التي تربط البشر بالحجر والإنسان بالمكان، وإسقاط ذلك على معاناة وآلام الشعب عامّة والفرد خاصّة، في ظروفٍ قاهرة عصيبةٍ كظروف الاحتلال مثلا، وذلك بأسلوبٍ تعبيريّ تجسيميّ يُجسّدُ رؤى ذهنيّة، فيها خروجٌ وانطلاق مِن الحالةِ الإستاتيكيّة إلى الدّيناميكيّة، كذلك توحي لنا لوحاتُ الفنان تيسير، بأنه يُجسّدُ بفنّهِ رؤى إنسانيّة عالميّة تعكسُ القهرَ الذي يتعرّضُ له الإنسان في السّجون كما في سجن أبو غريب في العراق مثلا، علاوة على تركيز الفنان ببعض اللوحاتِ والأشكال يعبّر فيها على قدرة الإنسان على التحدّي والعمل، في سبيل الحركة الحياتية! يرمز في بعض لوحاتِهِ إلى تعانق الطبيعةِ مع الإنسان مِن خلال تداخل الفن التعبيريّ باللون المُجسّد للإنسان ذي الأصل الترابيّ، الذي يرمز إليه اللون البنيّ أساسًا كلون جوهريّ، والرّماديّ كلون مُرادِف ومساعدٍ في الوقت نفسه لهذا الإيحاء، بالإضافة إلى عنصر وجود الأداة الحياتيّة والحركة المُصاحبة لها في حياة الإنسان، فالنتوءات اللّونيّة في اللوحات تعكسُ روحًا تفيضُ بالفِكر الحالم المتطلّع دائمًا للابتكار، وإلى عناق الإنسان الوجدانيّ مع أخيهِ الإنسان، وكلّ ذلك مِن خلال التشظيات الشكليّة واللونيّة في اللوحات، حيث يُشكّلُ ذلك إسقاطًا نفسيّة الشاعر، التي يكمن فيها التسامي الإنسانيّ والتوزع الذاتيّ على المكان بشيئيّة فراغيّة، لا تخلو برمزيّتها من العواطف الحسّيّة التي تعكسُها لوحات العناق الحميميّة الدّاكنة بين بني البشر، كذلك تُجسّد بعضُ اللوحاتِ اغترابَ الإنسان طوعًا وقسْرًا عن جذورِه، كما حدث في التاريخ وكما يحدث حاليًّا في عالمِنا عامّة ومجتمعِنا خاصّة. إن التأثيرَ الذي يهدفُ إليه اللون عند الفنان تيسير بركات هو خلقُ نوعٍ مِن التوافق التشكيليّ، واستحداثُ جوٍّ بصريّ، ومِن ثمّ تصبحُ الأشياءُ المرسومة في التصوير اللونيّ خاضعة لضوءٍ وصبغةٍ خاصّتيْن، كما تصبح عناصرَ في جوّ بصريّ، وللخطوط كذلك عند الفنان تيسير بركات تأثيراتها الفرعيّة مثل الألوان، ونحن نتحدّث بأسلوب دارج عن الأشياء الجميلة، فنقول إنها مُريحة للنظر، وإنّ توازن الأجزاء التي تتألفُ منها الصّورة وتناسقها، وما في الخط المنحني من السلاسة، وما في الخط المستقيم من حسم، كلها تسهم في المتعة الجماليّة وتؤدّي إليها، وإن للأنماطِ الخاصّة مِن الخطوطِ المثلمة والمتكسّرة والمصقولة أو المتماوجة والدّوائر والخطوط الإهليجية، مثل ما للنغمات العالية والمنخفضة، ولأصباغ الألوان الحادّة ارتباطاتٌ عصبيّة فريدة. إن العينَ في لوحاتِ الفنان تيسير بركات لا ترنو للخارجي، وإنما هي تتركّز على تأمّلات عرضيّة داخلية، وتصبح متعة التصوير أدب اولئك الذين لا يعرفون كيف يقرؤون، والصّورة في اللوحة لا تفقدُ أصالتها، لأنّ موضوعَها وجهٌ طريف من الناحية الإنسانيّة، أو منظرٌ وجدانيّ قد يجدُ المرءُ فيه سلامًا وحرّيّة وراحة، وكما على الرّسّام والمُشاهد أن يتذكّر أن الموضوع ليس هو الذي يخلق الصورة، ولا يجب على الرّسّام أن يعتمدَ على التأثيرِ الإنسانيّ في الصّورة كبديل عن المتعة الجماليّة، إذ لا بدّ أن تحقق الأشياءُ المعروضة في الصّورة قيمة تصويريّة بذاتها، وهذا ما فطن إليه وفعله الفنان تيسير بركات بحرفيّة وفنيّة متناهية الدّقة، فما هو لطيف من الناحية الإنسانيّة، يجب أن يصبحَ مِن ناحيةِ التأثير المباشر لكلّ من اللون والخط بهيجًا من الناحية التشكيليّة. ربّما جاز القول بأن الأشياء المرسومة في صورِ لوحاتِ الفنان بركات، أقربُ إلى أن تكون عناصرَ حقيقيّة منها محاكاة صارخة للعالم الواقعيّ، وهذه الحقيقة ليست سوى التصوير ذاته، ووحدة ذلك الكون المُصوّر هي الضوء الذي يغمرُ الرّسّام فيه جميع الأشياء التي تقطن ذلك الجزء من المساحة المحدّدة بإطار الصّورة، فإن بناء هذا العالم هو في صورة ذلك التوازن المتناغم، والتكامل القائم بين الألوان والخطوطِ والكتل الذي ارتآه الفنان تيسير لنفسِه، وأشرف على تنفيذه. ولا يفوتنا إلاّ أن نُشيرَ إلى روح الحنين المتجسّدة في رسومات تيسير بركات، التي تعكس وجوه رمزيّة ذات ضبابيّة هادفة من الطفولة والفقر في أمكنةٍ مختلفةٍ من العالم، دون أن ينسى فناننا القدير بالإشارة الإيحائيّة في خطوطِهِ وألوانِهِ إلى الحضارةِ الإنسانيّة، بما يحمله ذلك من تداعياتٍ في عصرنا الرّاهن. ويتضح في لوحاتِ الفنان بركات التنوّعُ والتداخلُ الفنّيّ، حيث تكاتفت وتعدّدت في فنّهِ ألوانٌ مِن الواقعيّة والانطباعيّة والتعبيريّة والرّمزيّة بأشكالٍ ووجوهٍ شتى، تجعلُ المشاهدَ ومتذوّقَ الفنّ شاهدًا على أصالةِ وقدرة هذا الفنان، في ايصال أفكارِهِ ومشاعرهِ وعواطفهِ وأحلامِهِ ورومانسيّتِه أحيانًا، إلى الإنسان ذي الحسّ المُرهف الذي يُقدّرُ الفن الرّفيع. وختامًا أهلاً وسهلا بالفنان تيسير بركات في كفرياسيف، التي تعتز وتفتخرُ به فنانًا مُبدعًا من أبناء شعبنا، يُتحفنا دومًا بروائعِهِ الفنيّة، فله دوامُ الصّحّة والمزيد مِن العطاء والإبداع. وقال د. بطرس دلة في مداخلتِه: عندما يزدادُ عنفوان الصّراع يزدادُ مجدُ النّصر". الفنان تيسير بركات فنان يرسمُ بالكلمات عند الحاجة، ولكنه يُمسكُ بطرفيْ ريشتِهِ بعزم الفلسطينيّ المّلتزم، فيسمو ويتألق ويكتب شعرًا لم يكن يحلم به ذات يوم، كما أن لديه أسلوبًا مميّزا في اقتفاءِ الكلمات على مستوى النثر الإبداعيّ، فهو يكتب متسائلا، لأنه لا يترك الأمورَ تتطوّرُ على انفراد، إنه يستفز القارئَ لبعضِ صُورِهِ الجميلة، ويُحلّقُ في سماءِ الكلمة، فتجتمعُ كلماته معًا كما لو كان حاديًا يحدو في صفّ السّحجة في عرس أحد الأصدقاء. إنه يتآنسُ وينتشي بالبرق ويطرب للرّعد، ويتماهى حينما يخرجُ في كل صباح فلاحيّ مع الفلاحين الذين يُحبّون الأرض ورائحتها، فيُرشدُهم إلى سواءِ السّبيل راسمًا لهم طريق عودتهم، مع طريق عودة إخوتِنا المشرّدين الفلسطينيّين مِن اللاجئين المشرّدين منذ ثلاثة وستين عامًا، في خيام الذلّ والغربة، آما آن لهذا الليل من آخر؟ أين الأعرافُ الدّوليّة؟ وأين أنتِ يا هيئة الأمم؟ كلّ قضايا اللاجئين وُجدَ لها حلّ، ما عدا قضيّة اللاجئين الفلسطينيّين فأين العدالة؟ الفنان المبدع تيسير بركات هو ذلك الذي يأخذ مواضيعَهُ مِن بيئتِهِ التي يعيش فيها، ويُطبّق التقنيّاتِ الجديدة بأساليب مختلف المدارس الفنيّة، فيؤلفُ بين التقنيّة والأسلوب، فيُعدّهما لمدرسة الحياة حيث تتكاملُ فرحته بما أبدع، لأن هذا هو الإبداع الحقيقيّ. لنضرب لذلك مثلاً.. يقول محمود درويش: "تكلم.. تكلم لتعرف حدًّا لهذا السّفر". إن قرانا العربيّة التي هُدّمت وهُجّرت عام 1948 وتلك التي هُدّمت فيما بعد، ما زالت أنقاضها تبكي أهلها الذين هُجّروا عنها، فهي موجودة كالماهية في ضمائر أصحابها، ولكنهم لا يستطيعون لمسَها، لذلك فإنّ أطلال هذه القرى هي حالات كتابة أو لوحاتٌ فنيّة، حتى تتحقق الأحلامُ وتستعيدُ هذه القرى كيانها في الوجود المحسوس لا في الخيال فقط، وهذا ما نسمّيه بلغة الأدب الالتزام. هكذا صنعَ الفنان العالميّ بيكاسو، عندما أرسلَ هتلر طائراتِهِ لغزو القرى في شمال إسبانيا، وهدمَ قسمًا كبيرًا منها وشرّد أهلها، وذلك في حملة دعم من النظام الدكتاتوريّ الإسبانيّ ولتهدئة الثورة ضدّه، فجاءت لوحة فيرنيكا لوحة احتجاج صارخ، ولو بصمتٍ ضدّ وحشيّة الغزاة النازيّين، فكان بيكاسو مُلتزمًا. ومحمود درويش الذي كان لديه حلم العودة، دعا إلى الكلام عن العودة، كان ملتزمًا يريد من خلال كلماته تحقيق الذات والعودة إلى مسقط رأسِهِ قرية البروة. ممّا سبق نستنتج أن الفنان الملتزمَ يعرفُ كيف ينتصرُ في النهاية، فتنزفُ كلماته كما تنزفُ ريشتُهُ أو إزميله، وذلك لأنه يعرف كيف يُعبّر عن قضيّة شعبه، حتى يحقق حلمَهُ الموعودَ في العودة إلى الوطن الأرض والدّولة الفلسطينيّة. هذا ما يؤمن به فناننا تيسير بركات؛ العريس الغائب في عرس معرضِهِ، واللوحة في الفن يجبُ أن تزخرَ بشحنةٍ أو بشحناتٍ معيّنة، يجب أن يقدّم لنا فكرًا معيّنا، وإلاّ أتت بلا روح وبلا معنى وبلا روعة، لأنّها يجب أن تعبّرَ عن شيء معيّن ومُهمّ، عن معاناةٍ خاصّة وأفكارٍ جديدة، كما يجبُ أن تصعقنا مِن أوّل نظرة، وتجعلنا نقفُ نتأمّلها دونما رغبةٍ في البحث السّريع عن غيرها. هذا الشّدّ الذي يُقيّدُ المُشاهدَ ويجعلهُ مُسمّرًا أمامَ اللوحةِ وروعتِها، هو سرّ الفن العظيم الذي لا يُدرَكُ إلاّ مِن خلال التعمّق الدّقيق، فليس قيمة اللوحة بمضمونِها ونوعيّة هذا المضمون الذي يختارُهُ الفنان، بل قيمتها تتوقفُ على مدى ما تثيرُهُ مِن مشاعرَ وأحاسيسَ جماليّةٍ تثورُ في داخل المُشاهد الحاذق، وضيفنا في هذا المساء الفنان تيسير بركات جاءنا بمعرضِهِ هذا، كي يُجسّدَ ما قلناه نظريّا مِن جهتِنا، وعمليّا مِن جهتِهِ. يقولُ في مقدّمة "غبار، حوار، حديد": إن لوحاته هي كائن حيّ ينبضُ ويتنفسُ ويُقيمُ حوارًا، فإذا فهمتَ أيّها المشاهدُ، فسوف تكتشف فنّا رفيعًا راقيًا، أمّا إذا عشقت فسوف تعطيكَ أكثر مِن ذلك بكثير. إنّ البحث عن التفاصيل في كلّ لوحةٍ فنيّة يُفقدُ هذه اللوحة جماليّتها، وأنت أيّها الفنان بركات تبحث عن التفاصيل، ونحن ندعو إلى التكامل بدلاً من التفاصيل، فالتكامل والتوافق هما اللذان يجمعان شقّي البرتقالة في مؤتمرٍ للمصالحة، تمامًا كما حصل في مؤتمر المصالحة التاريخيّ في القاهرة، يومَ توقيع اتفاق المصالحة بوساطةٍ مصريّةٍ ومصيريّة يوم 4- أيار 2011. وتسألُ المُشاهدَ: هل اقتربتَ مِن الملامسة؟ وهل بتّ على أعتاب الهالة، أم أنك تخطو لتكتشف أنك بعيد؟ وتجدّد في تعريف الذات فتقول: "أنا شعبٌ لم يولد بعد، ولكن ربّما يولد في أيلول من عام 2170؟ وأنا حزين لا أرغبُ في أن اكون الآن، سأقيمُ الكثيرَ مِن المعارض على عدّة كواكب منها المشتري وعطارد وزحل.... أنا تعبان". إلاّ أنّ لسانَ حالِهِ الحقيقيّ يقول: إنّني أحملُ لكم في يدي كدس زنبق، مواعيدَ جَمال وقطيعًا صغيرًا مِن النجوم، جمعته لكم مِن رغوةِ الثلج ومِن عنق حبيبتي، وكتبتُ حروفي وأنتم تعرفون أن كتابة الحرفِ الجميل عذابٌ جميل، أمّا قراءته فعذابٌ أجمل، وعندما يستنيرُ الإنسان بنورِ أحلامِهِ، فإنّه يُصبحُ شعلة قمر، وتتحوّلُ قدراته مِن شعلةِ قمر إلى منارةِ شمس". وما لمسناهُ في هذا المعرض يُثيرُ لدينا الكثيرَ مِن الفخر والاعتزاز على هذا الإنجازِ الرّائع. وأخيرًا... قام الفنان تيسير بركات الذي تمكّن من متابعة الافتتاح عبر اتصال الكترونيّ، بشكر الحضور ورابطة إبداع وجميع القائمين على المعرض.

آمال عوّاد رضوان - فلسطين 

بتاريخ 14-5-2011 وتحت عنوان "غبار، حوار، حديد"، قامت صالةُ العرض التابعة لرابطة إبداع- كفرياسيف الجليلية قضاء عكا، بافتتاح معرض للفنان الفلسطينيّ تيسير بركات من رام الله، وسيستمرّ المعرض لغاية 31-5-2011، وقد رحّبَ بالحضور الفنان إبراهيم حجازي؛ عضو رابطة إبداع ومنظم المعرض، وتلته كلمة السّيّد جورج توما رئيس جمعية إبداع، التي أشاد فيها بالفنان تيسير بركات ولوحاته، واعتذر عن عدم تمكّن الفنان بركات من الحضور، بسبب عدم حصوله على تصريح عبور من السلطة الإسرائيليّة، وقد جاء في كلمة د. منير توما "الرّؤى الإنسانيّة الشفافة في لوحاتِ الفنان تيسير بركات":
"الفنّ ليس غايةً في حدّ ذاتها، بل وسيلة لمخاطبة الإنسانيّة، كما أنّ الفنّ هو الحياة، حيث نعيش ونتألّم ونَجْهَد"!
ليسَ العالمُ موجودًا لمجرّدِ أن نتحدّث عنه بل لكي نرقبَهُ كذلك، ونحن لا نملك فقط ألسنة لنتحدّث بها وآذانًا لنسمع، ولكننا نملك عيونًا لنبصرَ ونرى، فالألوان والأشكال تستوقف الأنظارَ بدرجاتٍ متفاوتة، والرّسّام أو المثّال كالفنان تيسير بركات يُحيلُ أحاسيسَهُ إلى استجاباتٍ حركيّة، ثمّ يُجسّدُ تلك الحركاتِ على لوحةٍ أو في قطعةٍ مِنَ الرّخام في حالةِ النحت، والمشاهدُ الذي يتأمّلُ عملاً مِن أعمال الفن التشكيليّ، يستوقفهُ ويثيرُ اهتمامَهُ ما فيهِ مِن قيمٍ تشكيليّةٍ مميّزةٍ له، أو بمعنى آخر ما فيهِ يهمّ العين.
أمّا أنّ الفنون التّشكيليّة تنطوي على قيم أخرى غير تلك التشكيليّة، فهذا ما أتيحَ لنا أن نلحظهُ في فن تيسير بركات، فالعين دائمًا هي عين كائن حيّ، وقد تثير المرئيّاتُ الخيالَ على نحو ما تفعل كلمات االنثر أو الشعر، فالشكلُ واللونُ هما شكل ولون لشيء ما، حيث ترتبط الأشياءُ المرسومة في صورةٍ برصيدِ العواطفِ البشريّة بأسرها، والعين التي تبصر هي عين كائن، حتى ترتبط عيناهُ بشيءٍ أكثرَ مِن مجرّد جهاز بصريّ، وله اهتماماتٌ غير تلك الاهتماماتِ الجماليّةِ الخالصة.
إنّ الاستمتاعَ التشكيليّ الخالص لصورة يقتصرُ على الخطوط والألوان المنقوشة في لوحة، وعلى الأشكال والكتل في النحت، والألوان لا تبدو لنا في تجربتنا العادية مجرّد ألوان تراها العين، بل هي ترتبط بأحاسيسَ وذكرياتٍ سارّة أو مُكدّرة، ويغلبُ على ألوان الفنان تيسير بركات الألوان الداكنة والغامقة إلى حدّ كبير، ممّا يعكسُ الحزنَ حينما يتعاملُ مع اللون الأسود، وكذلك الحالة المضطربة والقهر حين يستخدم اللونَ الرّماديّ، وفي حالةِ استخدامه للأسودِ والبنّيّ والظّلال البنيّة الحمراء الدّاكنة، فإنّه يُعبّرُ عن أحاسيسَ وذكرياتٍ مترابطةٍ ومتداخلة، على نحو تتحدّث فيها ألوان الصّورة بطريقة مُبهمةٍ ذات آثارٍ محتدمة، من خلال هذه الترابطات التي لا نكادُ نستبينها، فاللّون كما تراه العين وما يثيرُه في الخيال، كلاهما سماتٌ ضروريّة في تأثيرِها الجماليّ!
الكثيرُ مِن لوحات الفنان بركات تعكسُ حبّهُ للحياة وعدم الرّغبة في موت الإنسان، مع تشديدِهِ على المعاناة في أزمنة متقطعة من خلال الألوان الرّماديّة، وذات اللون الدّاكن التي تربط البشر بالحجر والإنسان بالمكان، وإسقاط ذلك على معاناة وآلام الشعب عامّة والفرد خاصّة، في ظروفٍ قاهرة عصيبةٍ كظروف الاحتلال مثلا، وذلك بأسلوبٍ تعبيريّ تجسيميّ يُجسّدُ رؤى ذهنيّة، فيها خروجٌ وانطلاق مِن الحالةِ الإستاتيكيّة إلى الدّيناميكيّة، كذلك توحي لنا لوحاتُ الفنان تيسير، بأنه يُجسّدُ بفنّهِ رؤى إنسانيّة عالميّة تعكسُ القهرَ الذي يتعرّضُ له الإنسان في السّجون كما في سجن أبو غريب في العراق مثلا، علاوة على تركيز الفنان ببعض اللوحاتِ والأشكال يعبّر فيها على قدرة الإنسان على التحدّي والعمل، في سبيل الحركة الحياتية!
يرمز في بعض لوحاتِهِ إلى تعانق الطبيعةِ مع الإنسان مِن خلال تداخل الفن التعبيريّ باللون المُجسّد للإنسان ذي الأصل الترابيّ، الذي يرمز إليه اللون البنيّ أساسًا كلون جوهريّ، والرّماديّ كلون مُرادِف ومساعدٍ في الوقت نفسه لهذا الإيحاء، بالإضافة إلى عنصر وجود الأداة الحياتيّة والحركة المُصاحبة لها في حياة الإنسان، فالنتوءات اللّونيّة في اللوحات تعكسُ روحًا تفيضُ بالفِكر الحالم المتطلّع دائمًا للابتكار، وإلى عناق الإنسان الوجدانيّ مع أخيهِ الإنسان، وكلّ ذلك مِن خلال التشظيات الشكليّة واللونيّة في اللوحات، حيث يُشكّلُ ذلك إسقاطًا نفسيّة الشاعر، التي يكمن فيها التسامي الإنسانيّ والتوزع الذاتيّ على المكان بشيئيّة فراغيّة، لا تخلو برمزيّتها من العواطف الحسّيّة التي تعكسُها لوحات العناق الحميميّة الدّاكنة بين بني البشر، كذلك تُجسّد بعضُ اللوحاتِ اغترابَ الإنسان طوعًا وقسْرًا عن جذورِه، كما حدث في التاريخ وكما يحدث حاليًّا في عالمِنا عامّة ومجتمعِنا خاصّة.
إن التأثيرَ الذي يهدفُ إليه اللون عند الفنان تيسير بركات هو خلقُ نوعٍ مِن التوافق التشكيليّ، واستحداثُ جوٍّ بصريّ، ومِن ثمّ تصبحُ الأشياءُ المرسومة في التصوير اللونيّ خاضعة لضوءٍ وصبغةٍ خاصّتيْن، كما تصبح عناصرَ في جوّ بصريّ، وللخطوط كذلك عند الفنان تيسير بركات تأثيراتها الفرعيّة مثل الألوان، ونحن نتحدّث بأسلوب دارج عن الأشياء الجميلة، فنقول إنها مُريحة للنظر، وإنّ توازن الأجزاء التي تتألفُ منها الصّورة وتناسقها، وما في الخط المنحني من السلاسة، وما في الخط المستقيم من حسم، كلها تسهم في المتعة الجماليّة وتؤدّي إليها، وإن للأنماطِ الخاصّة مِن الخطوطِ المثلمة والمتكسّرة والمصقولة أو المتماوجة والدّوائر والخطوط الإهليجية، مثل ما للنغمات العالية والمنخفضة، ولأصباغ الألوان الحادّة ارتباطاتٌ عصبيّة فريدة.
إن العينَ في لوحاتِ الفنان تيسير بركات لا ترنو للخارجي، وإنما هي تتركّز على تأمّلات عرضيّة داخلية، وتصبح متعة التصوير أدب اولئك الذين لا يعرفون كيف يقرؤون، والصّورة في اللوحة لا تفقدُ أصالتها، لأنّ موضوعَها وجهٌ طريف من الناحية الإنسانيّة، أو منظرٌ وجدانيّ قد يجدُ المرءُ فيه سلامًا وحرّيّة وراحة، وكما على الرّسّام والمُشاهد أن يتذكّر أن الموضوع ليس هو الذي يخلق الصورة، ولا يجب على الرّسّام أن يعتمدَ على التأثيرِ الإنسانيّ في الصّورة كبديل عن المتعة الجماليّة، إذ لا بدّ أن تحقق الأشياءُ المعروضة في الصّورة قيمة تصويريّة بذاتها، وهذا ما فطن إليه وفعله الفنان تيسير بركات بحرفيّة وفنيّة متناهية الدّقة، فما هو لطيف من الناحية الإنسانيّة، يجب أن يصبحَ مِن ناحيةِ التأثير المباشر لكلّ من اللون والخط بهيجًا من الناحية التشكيليّة.
ربّما جاز القول بأن الأشياء المرسومة في صورِ لوحاتِ الفنان بركات، أقربُ إلى أن تكون عناصرَ حقيقيّة منها محاكاة صارخة للعالم الواقعيّ، وهذه الحقيقة ليست سوى التصوير ذاته، ووحدة ذلك الكون المُصوّر هي الضوء الذي يغمرُ الرّسّام فيه جميع الأشياء التي تقطن ذلك الجزء من المساحة المحدّدة بإطار الصّورة، فإن بناء هذا العالم هو في صورة ذلك التوازن المتناغم، والتكامل القائم بين الألوان والخطوطِ والكتل الذي ارتآه الفنان تيسير لنفسِه، وأشرف على تنفيذه.
ولا يفوتنا إلاّ أن نُشيرَ إلى روح الحنين المتجسّدة في رسومات تيسير بركات، التي تعكس وجوه رمزيّة ذات ضبابيّة هادفة من الطفولة والفقر في أمكنةٍ مختلفةٍ من العالم، دون أن ينسى فناننا القدير بالإشارة الإيحائيّة في خطوطِهِ وألوانِهِ إلى الحضارةِ الإنسانيّة، بما يحمله ذلك من تداعياتٍ في عصرنا الرّاهن.
ويتضح في لوحاتِ الفنان بركات التنوّعُ والتداخلُ الفنّيّ، حيث تكاتفت وتعدّدت في فنّهِ ألوانٌ مِن الواقعيّة والانطباعيّة والتعبيريّة والرّمزيّة بأشكالٍ ووجوهٍ شتى، تجعلُ المشاهدَ ومتذوّقَ الفنّ شاهدًا على أصالةِ وقدرة هذا الفنان، في ايصال أفكارِهِ ومشاعرهِ وعواطفهِ وأحلامِهِ ورومانسيّتِه أحيانًا، إلى الإنسان ذي الحسّ المُرهف الذي يُقدّرُ الفن الرّفيع. وختامًا أهلاً وسهلا بالفنان تيسير بركات في كفرياسيف، التي تعتز وتفتخرُ به فنانًا مُبدعًا من أبناء شعبنا، يُتحفنا دومًا بروائعِهِ الفنيّة، فله دوامُ الصّحّة والمزيد مِن العطاء والإبداع.
وقال د. بطرس دلة في مداخلتِه: عندما يزدادُ عنفوان الصّراع يزدادُ مجدُ النّصر".
الفنان تيسير بركات فنان يرسمُ بالكلمات عند الحاجة، ولكنه يُمسكُ بطرفيْ ريشتِهِ بعزم الفلسطينيّ المّلتزم، فيسمو ويتألق ويكتب شعرًا لم يكن يحلم به ذات يوم، كما أن لديه أسلوبًا مميّزا في اقتفاءِ الكلمات على مستوى النثر الإبداعيّ، فهو يكتب متسائلا، لأنه لا يترك الأمورَ تتطوّرُ على انفراد، إنه يستفز القارئَ لبعضِ صُورِهِ الجميلة، ويُحلّقُ في سماءِ الكلمة، فتجتمعُ كلماته معًا كما لو كان حاديًا يحدو في صفّ السّحجة في عرس أحد الأصدقاء.
إنه يتآنسُ وينتشي بالبرق ويطرب للرّعد، ويتماهى حينما يخرجُ في كل صباح فلاحيّ مع الفلاحين الذين يُحبّون الأرض ورائحتها، فيُرشدُهم إلى سواءِ السّبيل راسمًا لهم طريق عودتهم، مع طريق عودة إخوتِنا المشرّدين الفلسطينيّين مِن اللاجئين المشرّدين منذ ثلاثة وستين عامًا، في خيام الذلّ والغربة، آما آن لهذا الليل من آخر؟ أين الأعرافُ الدّوليّة؟ وأين أنتِ يا هيئة الأمم؟ كلّ قضايا اللاجئين وُجدَ لها حلّ، ما عدا قضيّة اللاجئين الفلسطينيّين فأين العدالة؟
الفنان المبدع تيسير بركات هو ذلك الذي يأخذ مواضيعَهُ مِن بيئتِهِ التي يعيش فيها، ويُطبّق التقنيّاتِ الجديدة بأساليب مختلف المدارس الفنيّة، فيؤلفُ بين التقنيّة والأسلوب، فيُعدّهما لمدرسة الحياة حيث تتكاملُ فرحته بما أبدع، لأن هذا هو الإبداع الحقيقيّ.
لنضرب لذلك مثلاً.. يقول محمود درويش: "تكلم.. تكلم لتعرف حدًّا لهذا السّفر".
إن قرانا العربيّة التي هُدّمت وهُجّرت عام 1948 وتلك التي هُدّمت فيما بعد، ما زالت أنقاضها تبكي أهلها الذين هُجّروا عنها، فهي موجودة كالماهية في ضمائر أصحابها، ولكنهم لا يستطيعون لمسَها، لذلك فإنّ أطلال هذه القرى هي حالات كتابة أو لوحاتٌ فنيّة، حتى تتحقق الأحلامُ وتستعيدُ هذه القرى كيانها في الوجود المحسوس لا في الخيال فقط، وهذا ما نسمّيه بلغة الأدب الالتزام.
هكذا صنعَ الفنان العالميّ بيكاسو، عندما أرسلَ هتلر طائراتِهِ لغزو القرى في شمال إسبانيا، وهدمَ قسمًا كبيرًا منها وشرّد أهلها، وذلك في حملة دعم من النظام الدكتاتوريّ الإسبانيّ ولتهدئة الثورة ضدّه، فجاءت لوحة فيرنيكا لوحة احتجاج صارخ، ولو بصمتٍ ضدّ وحشيّة الغزاة النازيّين، فكان بيكاسو مُلتزمًا. ومحمود درويش الذي كان لديه حلم العودة، دعا إلى الكلام عن العودة، كان ملتزمًا يريد من خلال كلماته تحقيق الذات والعودة إلى مسقط رأسِهِ قرية البروة.
ممّا سبق نستنتج أن الفنان الملتزمَ يعرفُ كيف ينتصرُ في النهاية، فتنزفُ كلماته كما تنزفُ ريشتُهُ أو إزميله، وذلك لأنه يعرف كيف يُعبّر عن قضيّة شعبه، حتى يحقق حلمَهُ الموعودَ في العودة إلى الوطن الأرض والدّولة الفلسطينيّة.
هذا ما يؤمن به فناننا تيسير بركات؛ العريس الغائب في عرس معرضِهِ، واللوحة في الفن يجبُ أن تزخرَ بشحنةٍ أو بشحناتٍ معيّنة، يجب أن يقدّم لنا فكرًا معيّنا، وإلاّ أتت بلا روح وبلا معنى وبلا روعة، لأنّها يجب أن تعبّرَ عن شيء معيّن ومُهمّ، عن معاناةٍ خاصّة وأفكارٍ جديدة، كما يجبُ أن تصعقنا مِن أوّل نظرة، وتجعلنا نقفُ نتأمّلها دونما رغبةٍ في البحث السّريع عن غيرها.
هذا الشّدّ الذي يُقيّدُ المُشاهدَ ويجعلهُ مُسمّرًا أمامَ اللوحةِ وروعتِها، هو سرّ الفن العظيم الذي لا يُدرَكُ إلاّ مِن خلال التعمّق الدّقيق، فليس قيمة اللوحة بمضمونِها ونوعيّة هذا المضمون الذي يختارُهُ الفنان، بل قيمتها تتوقفُ على مدى ما تثيرُهُ مِن مشاعرَ وأحاسيسَ جماليّةٍ تثورُ في داخل المُشاهد الحاذق، وضيفنا في هذا المساء الفنان تيسير بركات جاءنا بمعرضِهِ هذا، كي يُجسّدَ ما قلناه نظريّا مِن جهتِنا، وعمليّا مِن جهتِهِ.
يقولُ في مقدّمة "غبار، حوار، حديد": إن لوحاته هي كائن حيّ ينبضُ ويتنفسُ ويُقيمُ حوارًا، فإذا فهمتَ أيّها المشاهدُ، فسوف تكتشف فنّا رفيعًا راقيًا، أمّا إذا عشقت فسوف تعطيكَ أكثر مِن ذلك بكثير.
إنّ البحث عن التفاصيل في كلّ لوحةٍ فنيّة يُفقدُ هذه اللوحة جماليّتها، وأنت أيّها الفنان بركات تبحث عن التفاصيل، ونحن ندعو إلى التكامل بدلاً من التفاصيل، فالتكامل والتوافق هما اللذان يجمعان شقّي البرتقالة في مؤتمرٍ للمصالحة، تمامًا كما حصل في مؤتمر المصالحة التاريخيّ في القاهرة، يومَ توقيع اتفاق المصالحة بوساطةٍ مصريّةٍ ومصيريّة يوم 4- أيار 2011.
وتسألُ المُشاهدَ: هل اقتربتَ مِن الملامسة؟ وهل بتّ على أعتاب الهالة، أم أنك تخطو لتكتشف أنك بعيد؟ وتجدّد في تعريف الذات فتقول: "أنا شعبٌ لم يولد بعد، ولكن ربّما يولد في أيلول من عام 2170؟ وأنا حزين لا أرغبُ في أن اكون الآن، سأقيمُ الكثيرَ مِن المعارض على عدّة كواكب منها المشتري وعطارد وزحل.... أنا تعبان".
إلاّ أنّ لسانَ حالِهِ الحقيقيّ يقول: إنّني أحملُ لكم في يدي كدس زنبق، مواعيدَ جَمال وقطيعًا صغيرًا مِن النجوم، جمعته لكم مِن رغوةِ الثلج ومِن عنق حبيبتي، وكتبتُ حروفي وأنتم تعرفون أن كتابة الحرفِ الجميل عذابٌ جميل، أمّا قراءته فعذابٌ أجمل، وعندما يستنيرُ الإنسان بنورِ أحلامِهِ، فإنّه يُصبحُ شعلة قمر، وتتحوّلُ قدراته مِن شعلةِ قمر إلى منارةِ شمس". وما لمسناهُ في هذا المعرض يُثيرُ لدينا الكثيرَ مِن الفخر والاعتزاز على هذا الإنجازِ الرّائع.
وأخيرًا... قام الفنان تيسير بركات الذي تمكّن من متابعة الافتتاح عبر اتصال الكترونيّ، بشكر الحضور ورابطة إبداع وجميع القائمين على المعرض.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-